ألقت دراستان من جامعة نورث وسترن (Northwestern University) الضوء على السبب الرئيس للعيوب الخلقية والإجهاض، مما يضع حجر الأساس لمزيدٍ من الأبحاث في مجالٍ هامٍ في الدراسة الوراثية.

تنظر الدراسات إلى ما يحدث أثناء العملية التي تٌنتج خلايا البويضات، التي تصبح فيما بعد أجنةً عندما يتم تخصيبها، وتحتوي 10 – 25% من الأجنة البشرية على عددٍ خاطئٍ من الكروموسومات؛ لأن خلية البويضات لم تنقسم بشكلٍ صحيح، وهذه مشكلة فريدةٌ لخلايا البويضات.

وهذه الأخطاء، هي السبب الرئيس للإجهاض والعيوب الخلقية، مثل: متلازمة داون، وحدوث هذه الأخطاء يرتفع بشكلٍ كبير، خصوصًا عند تقدم النساء في العمر، ومعرفة لماذا خلايا البويضات هي الأكثر عرضةً لخطأ الانقسام، أمر بالغ الأهمية، بالنظر إلى أن النساء يختارون بشكلٍ متزايدٍ بدء تكوين العائلات في عمرٍ متأخرٍ.

لقد كشفت الدراسة الأولى، التي نشرت في مجلة بيولوجيا الخلية (Journal of Cell Biology) في مارس، أن البويضات تستخدم طريقةً مبتكرة للكشف، ومنع الأخطاء، أثناء انقسام الخلايا، وقد حددت الدراسة الثانية، التي نشرت في 26 سبتمبر في (PLOS Genetics)، البروتينات الجديدة الأساسية للخلية، واكتشفت أن هناك بروتين نسخٍ احتياطي، يعمل عند فشل التقسيم؛ للمساعدة في ضمان تلقي الجنين العدد الصحيح من الكروموسومات.

تقول وينجال سادي (Sadie Wignall) كبيرة مؤلفي البحث، والأستاذة المساعدة للعلوم البيولوجية، في جامعة نورث وسترن، في كلية فاينبرغ للفنون والعلوم (Weinberg College of Arts and Sciences): “إذا ما أخذنا هاتين الدراستين معًا، فإنهما ستكشفان لنا كيف أن خلايا البيض (البويضات)، مختلفة بشكلٍ كبير عن أي نوعٍ آخر من الخلايا، والتي يمكن أن تسلط ضوءًا جديدًا على السبب في أن العملية التناسلية تكون عرضةً للخطأ”، وأضاف: “إن حل هذا اللغز سيكون خطوةً أولى لإطالة سنوات خصوبة المرأة”.

وتدرس وينجال تركيب ما يسمي (المغزل)، وهو هيكلٌ مفصلٌ على شكل كرة القدم، يفصل الكروموسومات أثناء انقسام الخلايا، وفي معظم الخلايا هناك جسمٌ يدعى الجسيم المركزي (centrosomes)، يساعد على تنظيم المغزل، ويُضمن أنه يمكن فصل الكروموسومات على وجه التحديد؛ لإرسال العدد الصحيح من الكروموسومات إلى كل خليةٍ مقسمةٍ حديثا، والمغزل في خلايا البويضات يفتقر إلي الجسيم المركزي (centrosomes)، وهذه العملية (دون جسيم مركزي)، غير مدروسة كفاية بالمقارنة مع أنواع انقسام الخلايا الأخرى، مما يؤدي إلى أسئلة هامة لم يرد عليها، مثل: لماذا هو أكثر عرضةً للخطأ عند الانقسام؟!.

وفي دراسةٍ نشرت في سبتمبر، اكتشفت وينجال وفريقها أنه في غياب الجسيمات المركزية، تكون بروتينات – (KLP-15) و(KLP-16) – ضروريةً لتقسيم الخلايا، وقد عطل الباحثون هذين البروتينين؛ ليجدوا أنه بدلًا من تشكيل المغزل على شكل كرةٍ عادية، انهار هيكل المغزل في كرةٍ مستديرةٍ فوضوية، ولدهشتهم، وعلى الرغم من هذا الخلل المبكر، عملت البروتينات الاحتياطية، وساعدت على فصل الكروموسومات إلى طرفي الخلية.

تقول وينجال: “لقد فوجئنا أن هذا البروتين جاء للإنقاذ، وعمل نسخةً احتياطيةً؛ لتنظيم المغزل بشكل صحيح”.

ويبقى السؤال، لماذا 10 – 25% من الأجنة، لا تكون قابلةً للحياة طالما أنه في نهاية المطاف هناك عملية احتياطية لهذه البويضات؟، تقول وينجال في إحدى النظريات، إن السبب هو أن بروتين النسخ الاحتياطي يتغير، أو يُستنزف كلما تقدمت النساء في السن.

وأضافت: “في حين أن آليات الخلية الأساسية، قد يكون من الصعب فهمها، فإنها تؤثر بشكلٍ مباشرٍ على قدرة المرأة على الإنجاب أو العقم، ويركز مختبري على هذا، آملًا أن يومًا ما تسهم بحوثنا في أن تساعد الناس، الذين يعانون من مشاكل الخصوبة في عيادات الإخصاب”.

وتنفذ وينجال أبحاثها على البويضات، باستخدام ديدانٍ صغيرةٍ تسمى (الربداء الرشيقة – C. elegans)؛ لأنها كائنٌ بحثيٌ قويٌ للدراسات الوراثية، ومع ذلك، يبني المختبر دراساتٍ موازية في الفئران أيضًا بناءً على هذه النتائج، بالتعاون مع تيريزا وودروف (Teresa Woodruff)، عالمة الإنجاب، ومديرة معهد بحوث صحة المرأة في جامعة نورث وسترن، مدرسة فينبرغ للطب (Northwestern University Feinberg School of Medicine)، والخطوة التالية، ستكون دراسة هذه الآليات في البويضات البشرية.


  • ترجمة: محمد الموشي.
  • تدقيق: رجاء العطاونة.
  • تحرير: عيسى هزيم.
  • المصدر