تقرير الحالة: قد يؤدي الفطر السحري إلى تحسينات دائمة في رؤية المصابين بعمى الألوان.

كتب باحثون في قسم الطب النفسي وعلم النفس، ومركز الصحة السلوكية، ومعهد الأعصاب في مستشفى كليفلاند في ولاية أوهايو، تقريرًا بشأن التأثيرات الإيجابية لمادة السيلوسيبين على عمى الألوان.

نشر الباحثون هذا التقرير في مجلة Drug Science, Policy and Law، مسلطين الضوء على بعض الآثار المتعلقة بتحسين الرؤية المبلّغ عنها في دراسة ذاتية قام بها أحد الباحثين، ومستشهدين بتقارير سابقة أخرى توضح ضرورة فهم أفضل لكيفية استخدام هذه المخدرات في العلاج.

تشير التقارير السابقة إلى أن الأشخاص المصابين بقصور في رؤية الألوان، المعروف عادةً بعمى الألوان، حدث لديهم تحسن في رؤية الألوان بعد استخدام ثنائي إيثيل أميد حمض الليسرجيك (LSD) أو السيلوسيبين (الفطر السحري). ومع ذلك، هناك نقص في الأدلة العلمية التي تدعم هذه الادعاءات، نظرًا للقيود الشديدة التي تفرضها البحوث على تأثيرات هذه العقاقير.

تعتمد رؤية الألوان على ثلاثة أنواع من مستقبلات الضوء المعروفة بالمخاريط أو المستقبلات الضوئية للشبكية بصبغات حساسة للضوء تشمل الأحمر والأخضر والأزرق.

إذا كان هناك نقص في واحد أو أكثر في هذه الصبغات، فإن النتيجة هي عمى الألوان.

يُعد عمى الألوان بين اللونين الأحمر والأخضر -الذي يسبب صعوبة تمييز اللونين الأحمر والأخضر- مرضًا وراثيًا عادة ما تسببه طفرات متنحية مرتبطة بالصبغي X في تشفير الجينات المكونة للمخاريط. ويُعد هذا النوع الأكثر شيوعًا من عمى الألوان؛ إذ يحدث لنحو 8% من الرجال و0.5% من النساء.

يستطيع الأشخاص المصابون بعمى الألوان تمييز نحو 10% فقط من درجات الألوان وتغيراتها مقارنةً بالرؤية اللونية العادية، وهناك بعض الأنواع من عمى الألوان التي لا يتمكن المصاب بها من تمييز اللونين الأحمر والأخضر.

قد تكون الحياة مع عمى الألوان صعبة؛ فضلًا عن ارتكاب الأخطاء اللونية بعض الأحيان في اختيار الملابس، وقد يجعل أيضًا الخرائط والرسوم البيانية غير مفهومة، ويخفي درجة نضج الفواكه أو طزاجة اللحوم في الثلاجة، وقد يقيد خيارات الحياة المهنية عندما تكون الرؤية اللونية ميزة العمل أو مطلوبة فيه، مثل مهنة الطيار، والفن الجرافيكي، والوظائف المتعلقة بالأقمشة أوالطلاء.

لا يوجد علاج لعمى الألوان على الرغم من وجود بعض المحاولات للعثورعلى حلول بديلة.

تُعد النظارات ذات العدسات الخاصة واحدة من الخيارات المتاحة على نحو غالب لبعض أنواع عمى الألوان المحددة، مثل تلك التي تنتجها شركة إنكروما التي تصفي موجات الضوء عند النقطة التي يتداخل فيها ترددي الأحمر والأخضر للشخص المصاب بعمى الألوان، ما يجعلهما مميزين.

في دراسة هذه الحالة، أجرى شخص يعاني عمى خفيف بين اللونين الأحمر والأخضر اختبار إيشيهارا على نفسه لقياس درجة تحسن الرؤية اللونية ومدتها بعد استخدام 5 غرامات من الفطر السحري المجفف المحتوي على مادة السيلوسيبين.

أظهرت بيانات اختبار إيشيهارا التي أبلغ عنها تحسنًا جزئيًا في عمى الألوان، إذ بلغت ذروته في اليوم الثامن واستمر مدة 16 يومًا على الأقل بعد تناول الفطر السحري.

في التجارب السابقة التي أدت إلى تجربة ذاتية تحت مزيد من الرقابة، أفاد صاحب التجربة بأنه استخدم مادة إكستاسي (MDMA) مرة واحدة، ومادة السيلوسيبين (الفطر السحري) مرتين، ومادة (LSD) عن طريق الفم خمس مرات، واستنشق مادة ثنائي ميثيل تريبتامين (DMT) سبع مرات. وبعد استخدام هذه المخدرات، لاحظ الشخص تحسنًا في الرؤية اللونية استمر عدة أشهر.

قبل تناول الفطر، أجرى هذا الشخص اختبار إيشيهارا، المتمثل في سلسلة من الرسوم البيانية المكونة من مجموعة نقاط بألوان ودرجات وأحجام مختلفة.

وتصمَّم البطاقات لإخفاء صور الاختبار عن شخص مصاب بعمى الألوان التي يستطيع شخص يتمتع برؤية طبيعية للألوان ملاحظتها.

على سبيل المثال، قد يحتوي الرسم البياني على نقاط حمراء وخضراء إضافةً إلى الرقم (3) المكون من نقاط حمراء فقط، وهو واضح لمعظم الأشخاص ولكنه غير مرئي للشخص المصاب بعمى الألوان.

خلال هذا الاختبار الأساسي، أفاد الشخص بأنه سجل 14 نقطة من 1 إلى 21، ما يشير إلى وجود عمى خفيف للونين الأحمر والأخضر، مع وجود مجموعة إضافية من أربع بطاقات تشير إلى وجود عمى الألوان، وهو إحدى اضطرابات الرؤية اللونية التي تجعل اللون الأخضر يبدو أكثر احمرارًا.

على الرغم من إفادته بكثافة الألوان في أثناء التأثيرات الحادة للسيلوسيبين، فإن النتيجة أظهرت تحسنًا طفيفًا فقط إلى 15 نقطة بعد مرور 12 ساعة من تعاطيه. وبحلول 24 ساعة بعد تعاطي الفطر، وصلت النتيجة إلى 18 نقطة، وهي نقطة واحدة فوق الحد الأدنى المطلوب في اختبار إيشيهارا لتصنيف الرؤية اللونية الطبيعية (17 نقطة). وبلغت النتيجة ذروتها عند 19 نقطة في اليوم الثامن واستمرت في النطاق الطبيعي للرؤية مدة أربعة أشهر بعد ذلك.

يقترح الباحثون أنه من المرجح أن تكون هذه الظواهر البصرية الناتجة عن المخدرات تنتج في المقام الأول عن تغيرات في نشاط الدماغ عوضًا عن تأثيراتها المباشرة على الشبكية وأجزاء العين المحيطة. واستنادا إلى التأخير الزمني بين تأثيرات السيلوسيبين والرؤية اللونية، فقد يكون الفطر حفّز عملية تعلم تفسير الألوان مع تغيير محتمل في التوصيل بين المناطق البصرية.

من المثير للاهتمام -على الرغم من عدم ذكره في تقرير الحالة- أن نظارات الطول الموجي مثل نظارات إنكروما لا تعمل فورًا. فيستغرق الأمر نحو 15 دقيقة إلى ساعة لظهور تأثير التصفية وتفعيل الموجات المفصولة حديثًا ليفسرها الدماغ، وهذا يشير أيضًا إلى تحفيز عملية التعلم في الدماغ.

على الرغم من أن عمى الألوان ينتج عادةً من خلل وراثي، يقول مؤلفو التقرير إنه إذا كانت هذه الجرعة الواحدة من السيلوسيبين قد تسفر عن تحسينات جزئية دائمة في الرؤية اللونية، فإن ذلك يثير احتمالية أن السيلوسيبين قد يسبب تغيرات دائمة في معالجة الرؤية لدى بعض الأشخاص.

يستنتج المؤلفون أن الأبحاث المستقبلية في هذا المجال يجب أن تحدد حدوث التحسينات الناتجة عن السيلوسيبين في حالات أكثر شدة، واكتشاف العلاقة بين جرعة السيلوسيبين والتحسين، والبحث في الآلية الكامنة وراء هذه الظاهرة الغريبة.

اقرأ أيضًا:

الفطر السحري وعلاج الاكتئاب

كيف تطور الفطر السحري ليصبح سحريًا؟

ترجمة: عقيل الحسن

تدقيق: هاجر القفراشي

مراجعة: هادية أحمد زكي

المصدر