ما هو الكون المرئي

الكون المرئي هو جميع الكواكب والنجوم والغبار والمجرات وما إلى ذلك، وهي لا تتوسع إلى فراغ فارغ إنما الفضاء نفسه هو الذي يتوسع وينقل كل شيء فيه. وبالطبع للمجرات والنجوم والكواكب حركاتها الخاصة والمعروفة باسم (الحركة النسبية) حيث تدور الأرض حول الشمس وتدور الشمس حول مركز المجرة وتتحرك المجرة باتجاه مجرة أندروميدا وما إلى ذلك، يرتكز كل ذلك على التوسع الأساسي لنسيج الفضاء، ومع اتساع الفضاء فإنه يسحب كل الأجسام معه. وبالتالي كلما تباعد جسمان، زادت سرعة ابتعادهما عن بعضهما البعض. ويُنظر للأجسام المتباعدة بمعدل أكبر من معدل التمدد الكوني على أنَّ سرعة تباعدها أكبر من سرعة الضوء ولا يمكن أن ترى هذه الأجسام بعضها على الإطلاق.

لا يعتبر ذلك مشكلة لأن حركة الأجسام ليست أسرع من الضوء. نسيج الفضاء ليس مادة لذا يمكنه التوسع بشكل أسرع من سرعة الضوء. إنَّ النسيج يحمل المادة فقط ولكنه لا يتعارض مع قواعد النسبية. وفي حين يبلغ عمر الكون المرئي نحو 13.73 مليار سنة يبلغ نصف قطر الأفق نحو 46.5 مليار سنة ضوئية (14 مليار فرسخ). ويعادل ذلك نحو 2.7×1023 ميل (270 مليار تريليون ميل)!

فيما يلي شرح موجز لهذه الفكرة:

مقياس النمل نسبة إلى البالون

لنتخيل أنَّ عالمنا ثلاثي الأبعاد مُمثل على سطح ثنائي الأبعاد لبالون. يبدأ فارغًا ويوجد نملتان على السطح هما آن وبيتي متباعدتان بمقدار ٢ سم. تبدأ آن في السير نحو بيتي (التي تبقى ثابتة) بمعدل 2 سم في الثانية بينما يتضخم البالون. نقيس التمدد على سطح البالون كسرعة لكل وحدة مسافة وبفرض أنه نصف سم في الثانية لكل سم.

هذا يعني (مع مراعاة أنَّ آن على بعد 2 سم من بيتي) أنَّ بيتي تبتعد بسرعة سنتيمتر واحد في الثانية. لذلك وبعد ثانية واحدة تكون آن قد انتقلت 2 سم باتجاه بيتي، لكن بيتي ابتعدت عن نقطة انطلاق آن بمقدار سنتيمتر واحد إضافي تقريبًا، لذلك لا تزال آن على بعد حوالي سنتيمتر واحد من بيتي.

يستمر التوسّع خلال الوقت الذي تسير فيه آن حتى يستغرق الوصول إلى بيتي أكثر من نصف ثانية. تنظر آن الآن إلى نقطة البداية حيث كانت تبتعد 2 سم عن بيتي، وبعد ما يزيد عن ثانية ونصف أصبحت المسافة أكثر قليلاً من دقيقة ونصف، وبذلك تبتعد نقطة البداية الآن أكثر من ثلاث دقائق ونصف، وتتحرك طوال الوقت بسرعة متزايدة حيث تصبح أكثر من 1.75 سم في الثانية!

لنتأمل ذلك الآن في أبعاد الكون المرئي الحقيقية. يُطلق على معدل التوسع اسم ثابت هابل ويساوي تقريبًا نحو 71 (± 2.5) كيلومتر في الثانية لكل مليون فرسخ (نحو 13.5 ميل / ثانية / مليون سنة ضوئية).

لذا فإن الجسم الذي يبعد عنا مليون فرسخ يبتعد بسرعة 71 كم / ثانية، لكن الجسم الذي يبعد مليار فرسخ (أكثر بـ 1000 ضعف) يبتعد بسرعة 71000 كم / ثانية! وتقترب سرعة توسع الكون المرئي على بعد 13.7 مليار سنة ضوئية (4.2 مليار فرسخ) من سرعة الضوء، ‏سافر الضوء على مدار 13.7 مليار سنة ولكن توسع الكون المرئي خلال تلك المدة بحيث أصبح الجسم الذي انبعث منه ذلك الضوء يبعد 46.5 مليار سنة ضوئية.

لا يمكن لأي أجسام بعيدة رؤية بعضها لأن نسيج الفضاء يتوسع بسرعة أكبر من سرعة الضوء. يعني ذلك أنَّ الجسم الذي انبعث منه الضوء منذ 13.7 مليار سنة هو الآن على بعد 46.5 مليار سنة ضوئية منا لأن معدل التوسع في هذا الجزء من الفضاء كان أكبر من سرعة الضوء.

يستطيع تليسكوب هابل الفضائي رؤية أجسام تبعد في الواقع نحو 32 مليار سنة ضوئية عن الأرض. يعرف ذلك باسم (المسافة المسايرة). تزداد المسافة المسايرة بمرور الوقت لأي جسم بعيد يتحرك مبتعدًا عن الأرض.

وفي الوقت الذي يصدر فيه جسم الضوء الذي نراه اليوم، كان الجسم حينها على بعد مليار أو ملياري سنة ضوئية فقط. ترتبط هذه المسافة بمسافة القطر الزاوي. ستكون مسافة القطر الزاوي في مثال النمل والبالون السابق بوصتين، في حين تزيد المسافة المسايرة قليلاً عن ثلاث بوصات ونصف.

توجد طريقة أخرى للقياس تتعلق بالأجسام البعيدة بشكل خاص هي الانزياح للون الأحمر. ينتقل الضوء دائمًا بسرعة الضوء وعندما يتحرك جسمان بعيدًا عن بعضهما يتمدد الضوء ويفقد طاقته ويميل ليكون أكثر احمرارًا. وعلى عكس ذلك فإن الجسم المتحرك مقتربًا من الأرض سوف يتحول الضوء الصادر منه للون الأزرق (ظاهرة الانزياح للون الأزرق).

تحدث ظاهرة الانزياح للون الأحمر جراء عاملين هما توسع الفضاء والحركات النسبية المحلية للأجسام. ويعتبر التغير للون الأحمر (رمزه z في المعادلة) مشتق من عامل مقياس الكون. على النحو التالي:

الكون المرئي شرح موجز لماهية الكون الفضاء الزمكان التمدد الكوني عمر الكون المنظور الانفجار العظيم النجوم الكواكب المجرات الانزياح نحو الأحمر سرعة الضوء

عامل مقياس الكون

  • حيث: يرمز z إلى التغير للون الأحمر
  • (tobs)à: هو حجم الكون الحالي
  • (temt)à: هو حجم الكون عندما صدر الضوء

تعطى قيمة التغير للون الأحمر (zp) جراء الحركات النسبية بين الأجسام القريبة نسبيًا من خلال المعادلة (zp=v/c)،
حيث تمثل v السرعة النسبية و c هي سرعة الضوء.

يرمز إلى مساحة الفضاء من حولنا التي يبلغ قطره 93 مليار سنة ضوئية باسم (الكون المرئي). في حال تغير موقعنا في الفضاء سيؤدي ذلك إلى رؤية مجال مختلف من الكون. وإذا كان ذلك موقعنا الجديد خارج كوننا المرئي حاليًا فلن يوجد أي جسم مشترك في المجالين المرئيين.

إذا كانت نظرية التضخم الكوني التي اقترحها آلان غوث لأول مرة صحيحة، سيكون قطر الكون بأكمله حسب تقديره أكبر بـ 1023 (10 مرفوعة للقوة 23) مرة على الأقل من الكون المرئي ، وربما أكبر 1026 (10 مرفوعة للقوة 26) مرة.

اقرأ أيضًا:

المصدر

ترجمة: حبيب بدران

تدقيق: م. قيس شعبية