نصحت منظمة الصحة العالمية (WHO) هذا الأسبوع بما يلي: «لا ينبغي استخدام المحليات الصناعية للتحكم في الوزن أو تقليل مخاطر الأمراض غير المُعدية مثل السكري وأمراض القلب».

المحليات الصناعية هي إما مركبات طبيعية أو مركبات مُصنعة مخبريًا لها طعمٌ حلو كالسكر وتفوقُه بقدرتها على التحلية لأكثر من 400 مرة. ورغم ذلك، لا تُزود الجسم بسعرات حرارية تُذكَر. فمثلًا يحتوي السكر على 17 كيلو جول/غرام (أو أربع سعرات حرارية)، لذا فإن ملعقة صغيرة واحدة من السكر تحتوي على 85 كيلو جول!
توجد أنواع عدة من المحليات الصناعية، بعضها مصنع مخبريًا، ويستخرج البعض الآخر من بعض الفاكهة كنبات ستيفيا وفاكهة الراهب.
في هذا المقال سنناقش توجيهات منظمة الصحة العالمية الجديدة بالنسبة للذين توجهوا إلى المحليات الصناعية لأسباب صحية، وهل يجب أن يعودوا إلى السكر؟

بعض مما رُوج لفقدان الوزن:

في تسعينيات القرن الماضي، رُوجت المحليات الصناعية بديلًا عن السكر في المنتجات الغذائية التي تستَهلكُ لفقدان الوزن، إذ تحتوي علبة المشروب الغازي الواحد وسطيًا على حوالي 500 كيلو جول من السكر. ونظريًا، استبدال هذه العلبة المحلاة بالسكر العادي بأُخرى محلاة بسكر صناعي له أن يخفض الوزن بنحو كيلوغرام شهريًا!

لكن تظهر الأبحاث المجراة خلال العقود القليلة الماضية أن هذا لا يصمد ولا ينفع كثيرًا.

علام تسند النصيحة الجديدة؟

استندت منظمة الصحة العالمية في توصيتها هذه إلى مراجعة منهجية أجرتها، الهدف منها توفير إرشادات بأدلة مقنعة حول استخدام المحليات الصناعية في ضبط الوزن والوقاية من الأمراض.

تأتي أهمية ضبط الوزن من كون السمنة من أهم عوامل الخطورة للإصابة بأمراض كالسكري وبعض السرطانات التي تعد السبب الأول للوفاة عالميًا. وأخذت المراجعة المنهجية للمنظمة بالاعتبار بيانات من أنواع مختلفة من الدراسات ما زودتنا بمعلومات مختلفة مهمة:

  •  أُجريت 50 دراسة منهجية عشوائية بتدخل العلماء وإجرائهم بعض التغييرات -في هذه الحالة على النظام الغذائي- مع الحفاظ على كل شيء آخر ثابتًا، لمعرفة تأثير هذا التغيير.
  •  أُجريت 97 دراسة من Cohort رجعية، لاحظ خلالها العلماء تأثير عامل خطر في مجموعة كبيرة من الناس فترة من الزمن على النتيجة، دون تدخل أو تغيير في أي شرط.
  •  أُجريت 47 دراسة على الشواهد الفردية، بصرف النظر عن أهمية عامل الخطر.

زودت تلك الدراسات المرجعية العلماءَ ببيانات أثبتت وجود علاقة سببية بأن التدخل المُحدَث أدى لتغيير واضح في جسم المرضى.

أما الدراسات الأُخرى فلم تتمكن من إثبات ارتباط عامل الخطورة بالتغيير الحاصل في النتائج، مثل الوزن، وذلك لأن العلماء لم يأخذوا باعتبارهم باقي العوامل رغم إمكانية إحداثها لذات التغيير. لكنها تعطي أدلة مهمة حول ما قد يحدث، خاصةً لعدم إمكانية إجراء تجارب لوجود معايير أخلاقية تنص على الحفاظ على صحة المتطوعين وعدم أمان بعض الإجراءات عليهم أو أن تُحجَب بعض العلاجات عنهم.

أما المراجعة المنهجية لمنظمة الصحة العالمية فاشتملت على تأثير السمنة في زيادة خطر لإصابة بالأمراض غير المعدية والوفاة.

بالنسبة لسمنة الجسم، أظهرت الدراسات المرجعية العشوائية أن مستهلكي المحليات الصناعية وزنهم أقلُ قليلًا بما يقارب 0.71 كجم مقارنة بأولئك الذين يستهلكون كميات أقل أو لا يستهلكون المحليات الصناعية.

أما دراسات Cohort فأثبتت أن تناول كميات كبيرة من المحليات الصناعية من شأنه أن يرفع مؤشر كتلة الجسم BMI بمعدل (0.14 كجم / م 2)، وتزيد احتمال الإصابة بالسمنة بنسبة 76%.

أظهرت تلك الدراسة أيضًا أن زيادة المتناول من المحليات الصناعية يترافق مع زيادة خطر الإصابة بالنمط الثاني من مرض السكري بنسبة تفوق 23%. وإذا ما استهلكت المحليات الصناعية يوميًا بدلًا عن سكر المائدة فلها أن تزيد خطر الإصابة بالسكري بنسبة 34%.

أما على مستوى مرضى السكر فما كان للمحليات الصناعية أيُ تأثير يُذكر برفع نسبة سكر الدم أو الإنسولين.

وبمتابعة المتطوعين على مدار 13 عامًا وسطيًا، أُخذت على المحليات الصناعية بعض المآخذ لرفعها نسب الخطورة للإصابة بالسكري كما ذُكرَ آنفًا، والإصابة بأمراض القلب والاوعية الدموية، وقد تصل تأثيراتها إلى الوفاة أحيانًا. لكنها لم تُظهر أي اختلاف في معدلات الإصابة بالسرطانات أو الوفاة المبكرة الناجمة عنها.

أما الدراسات المرجعية فوجدت ارتباطًا بين آخذي المحليات الصناعية وانخفاض أوزانهم عمومًا. لكن بالنظر من زاوية صحية لاحظوا خلال الدراسة أن هذه المجموعة تميل للسمنة وتدهور الحالة الصحية.

هل يوجد أي قصور في المراجعة؟

واجهت نصيحة منظمة الصحة الجديدة بعض الانتقادات وقوبلت بالنقد لأن التجارب المرجعية أثبتت مسبقًا تأثير المحليات الصناعية الفعال على فقدان الوزن، وإن كانت هذه الفاعلية صغيرة.

ومع ذلك، دافعت منظمة الصحة عن نصيحتها بحجة استنادها على دراسات عدة لا على الدراسات العشوائية المرجعية فقط.

إضافةً إلى ذلك، قيمت منظمة الصحة العالمية جودة الدراسات في المراجعة على أنها غير أكيدة النتائج أو منخفضة التقييم.

هل المحليات الصناعية غير آمنة؟

لم تشر الدراسات السابقة مباشرةً إلى عدم أمان المحليات الصناعية أو وجوب حظرها وإيقاف تناولها. لأن الدراسة المرجعية المجراة لم تنظر إلى التركيب الكيميائي للمحليات أو أمانها.

هل السكر أفضل من المحليات الصناعية؟

الجواب بالطبع لا. إذ أصدرت منظمة الصحة العالمية إرشادات حول تقليل المتناول من السكر لخفض خطر زيادة الوزن أو الإصابة بالسُمنة. وعُثر على كميات ضخمة من السكر في الأطعمة والمشروبات المعالجة وكذلك في المشروبات الغازية وعصائر الفواكه ومشروب الطاقة والشوكولاتة والحلويات واللبن المُنكّه وأصابع الجرانولا.

وأوصت بألا يستهلك المرء أكثر من 10% من إجمالي السعرات، أي حوالي 50 غرامًا (عشر ملاعق صغيرة) من السكر يوميًا لشخص بالغ يحتاج إلى 8,700 كيلو جول في اليوم.

تتماشى توصية منظمة الصحة العالمية مع الإرشادات الغذائية الأسترالية، التي توصي بما لا يزيد عن ثلاث حصص من الأطعمة يوميًا، عند الاحتياج الى طاقة إضافية. ومع ذلك، من الأفضل الحصول على اللازم من الطاقة الإضافية من المجموعات الغذائية الأساسية (الحبوب والخضراوات والفواكه ومنتجات الألبان ومجموعة البروتين) بدلًا من الأطعمة المحلاة بالسكر المضاف.

إذن، ماذا نشرب الآن إذا ما كانت المحليات الصناعية والسكر لا يُنصح بهما؟

تشمل بعض الخيارات الماء أو الكمبوتشا بلا سكر أو الشاي أو القهوة. وتمثل الصودا والمياه المعدنية بنكهة كمية صغيرة من عصير الفاكهة المفضل لديك بدائل جيدة ولذيذة. وأيضًا الحليب خيار جيد، خاصةً لغناه بالكالسيوم.

اقرأ أيضًا:

المحلي الصناعي السكارين: ما هو؟ وهل هو آمن؟ وما مخاطره؟

هل تزيد المحليات الاصطناعية خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية؟

ترجمة: المايا محمد علي

تدقيق: جعفر الجزيري

مراجعة: لبنى حمزة

المصدر