يبدو أن معظم كوكب المريخ هو امتداد لا نهاية له من الصحراء الغريبة، دون نهر أو بحيرة، لكن من المؤكد أن المياه السائلة موجودة كانت موجودة في ماضي الكوكب البعيد. من المحتمل أيضًا حسب ورقة بحثية حديثة وجود كميات صغيرة من الماء في الأماكن التي تبدو قاحلة.

قبل دخول المركبة الجوالة زورونغ (المعروفة أيضًا باسم فينيكس) في وضع السبات في مايو 2022، اكتشف باحثون من المراصد الفلكية الوطنية ومعهد فيزياء الغلاف الجوي التابعين للأكاديمية الصينية للعلوم شيئًا غير متوقع، وذلك عندما كان زورونغ يستكشف منطقة بلانتيتا اليوتوبية بالقرب من خط الاستواء للكوكب، لم يُعتقد أن مياهًا سائلة موجودة عند خطوط العرض تلك، لكن يوجد دليل محتمل على وجود الماء السائل منذ أقل من نصف مليون سنة، وذلك عندما أرسلت المركبة الجوالة البيانات من الكاميرا متعددة الأطياف (MSCam)، وكاميرا الملاحة والتضاريس (NaTeCam)، وكاشف تكوين سطح المريخ (MarSCoDe).

قال الباحثون في دراسة نُشرت في مجلة ساينس أدفانسيس: «تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى ميزات مرتبطة بنشاط المياه المالحة، ما يشير إلى وجود عملية مائية في منطقة خطوط العرض المنخفضة في المريخ».

جاف مع ماضٍ رطب

زورونغ هو جزء من مهمة تيانوين-1 الصينية إلى المريخ، ساعدت على توسيع فهمنا للبيئة على المريخ، لكن الأدلة التي تشير إلى وجود مياه سائلة مؤخرًا (على الأقل من الناحية الجيولوجية) غير متوقعة، لأن المريخ فقد معظم غلافه الجوي وتعرض لإشعاع شديد ورياح شمسية، اعتُقد سابقًا أن المياه لا يمكن أن توجد بصيغة سائلة هناك، بسبب تجمد أي شيء يتشكل أو تبخره بسرعة بسبب الضغط المنخفض بشدة ونقص بخار الماء.

يكون الجو جافًا على نحو خاص عند خطوط العرض المنخفضة حيث لا توجد أنهار جليدية، لكن وجد زورونغ بقيادة الجيولوجي شان غوان شين ميزات مثيرة للشكوك على أسطح الكثبان الرملية، وتشمل الشقوق والقشور التي نتجت عندما تبخر الماء السائل من التربة المحمرة.

كشفت التحقيقات الإضافية أن أسطح هذه الكثبان أخفت السيليكا المائية والكبريتات والمعادن التي تحتوي على جزيئات الماء إلى جانب بعض أكاسيد الحديد وهي غالبًا كلوريدات.

على الأرجح، يشير وجود هذه المواد والسمات السطحية التي لاحظها زورونغ إلى أن الصقيع أو الثلج قد سقط مرةً واحدةً وذاب وتسرب إلى الطبقة العليا من التربة التي تفاعلت مع الملح وشكلت محلولًا ملحيًا في الكثبان وشيئًا من الأسمنت، وعند دمجها مع حبيبات الرمل، يصبح الأسمنت قشورًا بعد أن تتبخر.

كيف وصل هذا إلى هنا؟

ولكن إذا كان هناك بالفعل ماء عند خطوط العرض الأدنى منذ ما لا يزيد عن 1.4 مليون ولا يقل عن 400000 عام، فكيف وصل إلى هناك؟

مر المريخ بعهود مختلفة تمامًا مثل الأرض. إذ بدأت فترة الأمازون منذ نحو 2.9 مليار سنة وتمتد حتى الوقت الحاضر. بعد الانتقال من عصر هيسبيريان إلى فترة الأمازون، لم يعد المريخ محاطًا بالكويكبات، وانخفض النشاط البركاني كثيرًا (الذي نتج عن بعض هذه الاصطدامات)، واختفى معظم الغلاف الجوي، وأصبح المناخ جافًا، ولكن ما تزال هناك فترات دافئة ورطبة.

يعتقد تشين وفريقه أنه خلال هذه الفترات انتشر بخار الماء من القطبين المتجمدين إلى خط الاستواء الأكثر دفئًا، وتجمد هذا البخار في الطقس البارد وتحول إلى ثلج أو صقيع وسقط على الأرض، ثم ذاب وتبخر بدرجات الحرارة العالية، تاركًا القشور المالحة.

قد يكون لهذا الاكتشاف آثارًا على قابلية السكن في الماضي أو الحاضر على المريخ، مع تغيرات المناخ، ازدادت أيضًا إمكانية استضافة الحياة على الكوكب (مع إن إمكانية حدوث ذلك في أي وقت أم لا ما يزال لغزًا).

قد تبحث المركبات الجوالة المستقبلية عن علامات الحياة في المناطق التي لم يُبحث عنها من قبل، خاصةً حيث توجد قشور وشقوق ومنخفضات قد تكون علامات تدل على وجود الماء في السابق.

قال الباحثون: «بما أن المياه المالحة كانت موجودة في السابق عند خطوط عرض مختلفة على سطح المريخ، يجب إعطاء الأولوية في البعثات المستقبلية إلى المريخ للبحث عن الميكروبات التي تتحمل الملح».

اقرأ أيضًا:

قد يكون اكتشاف حياة على سطح المريخ أسوأ خبر تتلقاه البشرية!

قبل أربعة مليارات سنة، كان المريخ على الأرجح دافئًا ورطبًا

ترجمة: روان علي

تدقيق: حسام التهامي

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر