يعد النجم النابض M82 X-2 مثالًا عن الأجسام التي تشع أكثر من الممكن ضمن قوانين الفيزياء الحالية، وتشير دراسة جديدة إلى أن المغناطيسية هي سبب هذه الظاهرة.

أكد العلماء على وجود نجمٍ نابض يبعد 12 مليون سنة ضوئية؛ إذ إنّ توهجه أكثر من إدراك قوانين الفيزياء الحالية له.

تقدم ورقة بحثية جديدة دليلًا على أن حقل النجم المغناطيسي قويّ لدرجة تحويله الذرات إلى خطوطٍ طويلة، ممكنةً إياها من الوصول إلى مستويات مستحيلة من التوهّج.

في عام 1924، اقترح الفلكيّ آرثر إدينغتون حدًا لكيفية سطوع النجم تناسبًا مع كتلته من دون انهياره أو تمزيقه لنفسه؛ إذ عُدِّلَ (حد إدينغتون) على نحو ما، لكنه صمد إلى يومنا هذا أمام عوامل الزمن.

يمثل اكتشاف النجم M82 X-2، ومصادر الأشعة السينية فائقة السطوع المتعددة تحديًا لحد إدينغتون؛ إذ تبدو هذه الأجسام بأنها تصدر مئات أضعاف الإشعاع الكهرومغناطيسي الذي تسمح به كتلتها. على الرغم من ذلك فإن الورقة البحثية تثبت صحة هذه المشكلة، وتقدم تفسيرًا مبدئيًا لها.

سُمي النجم M82 X-2 بهذا الاسم تيمنًا باسم المجرة M82 حيث يقع. على الرغم من أنه عُرفت بأنها مصدر للأشعة السينية، فإن العلماء لم يلحظوا شدة سطوع نبضات النجم M82 X-2 في طيف الأشعة السينية إلّا عند انفجار المستعر الأعظم SN2014J في المجرة نفسها.

إن النجوم النابضة -مثل النجوم النيوترونية جميعها- لها مجالٌ ضيقٌ من الكتل، ويضع حد إدينغتون أعلى قيمة من الطاقة يمكن للجسم إطلاقها. على الرغم من ذلك، فإن النجم M82 X-2 ينبض بسطوعٍ أشد بـ 100-500 مرة في بعض الأحيان، من ثم يعود للسطوع مرةً أُخرى. في البداية، اعتُقِدَ أن النجم M82 X-2 ثقبٌ أسود، لأن كتلته الكبيرة تدعم هذا السطوع، لكن استُبعِدت هذه الفكرة إلى حدٍ بعيد.

يشير تفسيرٌ بديلٌ لذلك الاعتقاد إلى أن السطوع الظاهر ناجم عن خطأ في الرصد بسبب تركّز الضوء في شعاع يتجه نحونا بدلًا من انتشاره في الاتجاهات جميعها؛ إذ فحص المؤلف الرئيسي لمرصد كالياري د. ماثيو باتشيتي، ومؤلفون مساعدون له، بيانات تعود إلى سبع سنين من مصفوفة تلسكوب الطيف النووي التابع لـ ناسا (نوستار) NuSTAR، لقياس التحلل المداري للنجم M82 X-2 ومرافقه، ما قدم دليلًا قويًا على أن النجم يسطع في الاتجاهات جميعها.

يزعم الباحثون أن الحقول المغناطيسية التي تبلغ شدتها مليارات أضعاف الحقل المغناطيسي للأرض تتجاوز هذا الحد؛ إذ لا يمكننا اختبار نتائج هذه الحقول. ويزعم بعض المتشائمين أن بعض الفيزيائيين يميلون إلى إلقاء اللوم على المغانط أو على التشويش في حال عدم مقدرتهم على تفسير أي ظاهرة مثل ما فعل علماء القرون الوسطى عندما نسبوا الظواهر إلى المعجزات. فمن يعلم حقًا آلية عمل المغانط؟

وفقًا لبيان د. باتشيتي، قال: «تتيح لنا هذه الملاحظات رؤية آثار هذه الحقول المغناطيسية القوية للغاية التي لا يمكننا إنتاجها على الأرض باستعمال تقنياتنا الحالية».

وُجِدَ حد إدينغتون لأن الفوتونات تطبق قوة على الأجسام، مثلما يحدث في تجربة مقياس إشعاع كروكس (لعبة الطاحونة الضوئية). استنادًا إلى معظم مصادر الضوء الأخرى، فإن هذه القوة تكون صغيرة، لكن في حالة التوهّج الكافي، يمكنها التغلب على القوة الداخلية للجاذبية المسؤولة عن تماسك الأجسام.

يُعتقد أن مصدر الأشعة السينية فائقة السطوع ULXs يُعزى إلى جذب المواد إليها وسقوطها على سطحها؛ إذ أجرت وكالة ناسا حساباتٍ مفادها أن سقوط قطعة مارشميلو على سطح نجم نيوتروني قد يحرر طاقةً تعادل ألف قنبلةٍ هيدروجينية.

على الرغم من ذلك، فإذا كانت الأشعة السينية تدفع بقوةٍ أكبر من قوة سحب الجاذبية للجسم، فعندها لن يتمكن الغاز أو المارشميلو من الوصول إلى السطح.

أظهر المؤلفون أن النجم M82 X-2 يسرق كتلة تفوق كتلة الأرض من نجم قريب أكبر لكنه أقل كثافة، لتزوده بالطاقة الكافية ليُشِعَّ بالسطوع الممكن رصده من الاتجاهات جميعها. تكمن المشكلة في كيفية هروب الغاز من قوة الأشعة السينية القادمة مسبقًا.

يُرجح المؤلفون أن المغناطيسية قويّة لدرجةِ أنها تُمدد الذرات إلى خيوط طويلة رفيعة تتخطى فوتونات الأشعة السينية. على الرغم من أن هذه الفكرة اقتُرحت مسبقًا، لكن اختبارها ما زال مستحيلًا.

نُشِرَت هذه الدراسة في المجلة الفيزيائية الفلكية.

اقرأ أيضًا:

رصد نجم نابض هو الأكثر سطوعًا خارج مجرتنا

اكتشاف نشاط غريب لم تسبق رؤيته في نجم مكتشف حديثًا

ترجمة: محمد فواز السيد

تدقيق: ريمي سليمان

المصدر