يحظى الهيدروجين حاليًا بالكثير من الاهتمام في مجال الطاقة، إذ تسعى الحكومات في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

لكن ما هو الهيدروجين بالضبط، وهل هو حقًا مصدر نظيف للطاقة؟

يستعرض هذا المقال بعض الحقائق الرئيسية حول هذا المركب المتعدد الاستخدامات الذي يمكن أن يلعب دورًا أكبر في الحياة مستقبلًا.

يُعد الهيدروجين العنصر الأكثر وفرة في الكون، لكنه لا يوجد منفصلًا في الطبيعة نظرًا إلى كونه شديد التفاعل. بدلاً من ذلك، يرتبط عادة مع ذرات وجزيئات أخرى في الماء والغاز الطبيعي والفحم وحتى المواد الحيوية مثل النباتات وجسم الإنسان.

رغم ذلك يمكن عزل الهيدروجين. وعندما يوجد منفصلًا عن العناصر الأخرى فإنه يُعد ناقل طاقة عالي الفاعلية.

يُستخدم في الصناعة لإنتاج الأمونيا والميثانول والفولاذ وفي تكرير النفط الخام، ويستخدم وقودًا، إذ يُخزّن الطاقة ويُقلّل انبعاثات المركبات ومن ضمنها الحافلات وسفن الشحن.

قد يُولّد الهيدروجين أيضًا الكهرباء مع انبعاث غازات دفيئة أقل من محطات توليد الكهرباء التي تعمل على الفحم أو الغاز الطبيعي. يحظى هذا الاحتمال بالاهتمام تزامنًا مع اقتراح الحكومة الأمريكية تقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من محطات توليد الطاقة الحالية.

قد يتغلّب الهيدروجين على مشكلات التقطع المرتبطة بمصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية نظرًا لإمكانية تخزينه. قد يُخلط أيضًا مع الغاز الطبيعي في محطات توليد الكهرباء الحالية لتقليل انبعاثات المحطة.

يُقلّل استخدام الهيدروجين في محطات توليد الكهرباء انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عندما يُخلط مع التوربينات المتخصصة أو في خلايا الوقود التي تستهلك الهيدروجين والأكسجين لإنتاج الكهرباء والحرارة والماء. مع ذلك، لا تكون الانبعاثات عادةً خاليةً تمامًا من ثاني أكسيد الكربون. هذا يرجع جزئيًا إلى أن عزل الهيدروجين من الماء أو الغاز الطبيعي يتطلب كمية كبيرة من الطاقة.

كيف يُنتج الهيدروجين؟

هناك بعض الطرق الشائعة لإنتاج الهيدروجين:

 التحليل الكهربائي- Electrolysis:

قد يُعزل الهيدروجين عبر تقسيم الماء H2O إلى هيدروجين H2 وأكسجين O2 باستخدام التيار الكهربائي في عملية تسمى التحليل الكهربائي.

 إعادة تشكيل الميثان:

يُستخدم البخار كي يقسّم الميثان CH4 إلى H2 و CO2. قد يُستخدم الأكسجين والبخار أو ثاني أكسيد الكربون في عملية التقسيم هذه.

 التغويز- Gasification:

يحوّل التغويز المواد القائمة على الهيدروكربونات- بما في ذلك الكتلة الحيوية والفحم أو حتى النفايات العادية- إلى غاز تخليقي، هو غاز غني بـالهيدروجين قد يُستخدم وقودًا إما بمفرده أو مركبًا طليعيًا لإنتاج المواد الكيميائية والوقود السائل.

لكل طريقة من الطرق المذكورة مزاياها وعيوبها.

الأخضر، والأزرق، والرمادي: ماذا تعني هذه الألوان؟

غالبًا ما يوصف الهيدروجين بالألوان للدلالة على نظافته، أو خُلوّه من ثاني أكسيد الكربون. يعدّ الهيدروجين الأخضر أنظف أنواع الهيدروجين.

يُنتج الهيدروجين الأخضر باستخدام تقنية التحليل الكهربائي التي تُشغّل بواسطة مصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الكهرومائية.

على الرغم من أن الهيدروجين الأخضر يعدُّ خاليًا تمامًا من ثاني أكسيد الكربون، إلا أنه مُكلف، إذ يتطلب إنتاج كيلو غرام واحد منه حوالي 4-9 دولارات نظرًا للطاقة العالية المطلوبة لتقسيم الماء.

توجد تقنيات أخرى أقل استهلاكًا للطاقة يمكن أن تنتج الهيدروجين بتكلفة أقل، لكنها تسبّب انبعاث الغازات الدفيئة.

الهيدروجين الرمادي هو الأكثر شيوعًا. يُنتج من الغاز الطبيعي في عملية تسمى إعادة تشكيل الميثان. تطلق هذه العملية ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي وتكلّف حوالي 1-2.50 دولار للكيلوغرام.

إذا اُحتجزت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الهيدروجين الرمادي ولم تُطلق إلى الغلاف الجوي، يتحول الهيدروجين الرمادي إلى هيدروجين أزرق. تكون كلفة الإنتاج في هذه الحالة أعلى، حوالي 1.50-3 دولار لإنتاج كيلوغرام. ما يزال هناك أيضًا تسرّب للغازات التي تساهم في الاحتباس الحراري عند إنتاج ونقل الغاز الطبيعي.

يعدّ الهيدروجين الفيروزي بديلًا آخر، يُنتج باستخدام مصادر متجددة وغير متجددة. توفر المصادر المتجددة طاقة نظيفة لتحويل الميثان إلى هيدروجين وكربون صلب، بدلاً من ثاني أكسيد الكربون الذي يجب التقاطه وتخزينه. ما يزال هذا النوع من التقنيات (الانحلال الحراري) جديدًا، وتقدر تكلفته بين 1.60-2.80 دولار للكيلوغرام.

هل يمكن إيقاف استخدام الوقود الأحفوري الآن؟

أكثر من 95% من الهيدروجين الذي يُنتج في الولايات المتحدة اليوم هو هيدروجين رمادي يُنتج باستخدام الغاز الطبيعي، الذي تنبعث منه غازات الاحتباس الحراري.

يعتمد تكثيف الهيدروجين -بديل للغاز الطبيعي لصناعة الطاقة والاستخدامات الأخرى، مثل النقل والتدفئة والعمليات الصناعية- على توفّر الطاقة المتجددة منخفضة التكلفة لعملية التحليل الكهربائي لتوليد الهيدروجين الأخضر. ويعتمد الأمر أيضًا على تطوير وتوسيع الأنابيب والبنية التحتية الأخرى لتخزين ونقل وتوزيع الهيدروجين بكفاءة.

لن يتوسّع استخدام الهيدروجين بسرعة من دون البنية التحتية اللازمة. والاستمرار في استخدام الوقود الأحفوري لإنتاج الهيدروجين قد يحفز الاستثمار في بنية تحتية للهيدروجين، لكن استخدام الوقود الأحفوري يُطلق الغازات الدفيئة.

ماذا يحمل المستقبل للهيدروجين؟

على الرغم من ظهور مشاريع الهيدروجين الأخضر والأزرق، فإنها ما تزال مشاريع صغيرة حتى الآن.

قد تجعل السياسات مثل حدود انبعاثات الغازات الدفيئة في أوروبا وقانون تقليص التضخم في الولايات المتحدة لعام 2022 -الذي يقدم ائتمانات ضريبية تصل إلى 3 دولارات للكيلوغرام من الهيدروجين- الهيدروجين النظيف أكثر تنافسية.

يُتوقع أن يزداد الطلب على الهيدروجين بنسبة تصل من ضعفين إلى أربعة أضعاف مستواه الحالي بحلول عام 2050. من أجل أن يسيطر الهيدروجين الأخضر، ستكون هناك حاجة ملحوظة إلى كميات كبيرة من الطاقة المتجددة تزامنًا مع بناء محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرهما من محطات الطاقة المتجددة كي تُوفّر الكهرباء مباشرة إلى قطاع الطاقة.

على الرغم من أن الهيدروجين الأخضر يعدّ اتجاهًا واعدًا، فإنه ليس الحل الوحيد لتلبية احتياجات الطاقة في العالم وأهداف الطاقة الخالية من الكربون. قد يكون من الضروري الاعتماد على مزيج من مصادر الطاقة المتجددة والهيدروجين النظيف، بما في ذلك الهيدروجين الأزرق والأخضر والفيروزي، كي تُلبّى احتياجات الطاقة في العالم بطريقة مستدامة.

اقرأ أيضًا:

ما هو الهيدروجين الأخضر؟

كيف يمكن أن يصبح الهيدروجين الأخضر رخيصًا بما يكفي لينافس الوقود الأحفوري؟

ترجمة: عمرو سيف

تدقيق: فاطمة جابر

المصدر