تتكرر الإصابة غالبًا بعدوى المسالك البولية UTIs، وتحدث هذه العدوى بسبب بكتيريا موجودة في المسالك البولية التي تسبب تبولًا متكررًا ومؤلمًا.

إن اتباع كورس من المضادات الحيوية يحسن الأعراض غالبًا، لكن هذه الاستفادة مؤقتة: إذ تصاب ربع النساء بعدوى ثانية خلال ستة أشهر. تتكرر حالة العدوى لدى البعض وتتفاقم، ما يتطلب منهن المداومة على المضادات الحيوية كل بضعة أشهر.

تقترح دراسة جديدة أن النساء المصابات بعدوى المسالك البولية المتكررة UTIs يتناولن المضادات الحيوية بهدف القضاء على عدوى محددة لديهن، لكن هذا الأمر يؤهب لتطور عدوى أخرى، ما يؤدي إلى دخولهن حلقة مفرغة.

أظهرت الدراسة التي أجريت في جامعة واشنطن للعلوم الطبية أن اتباع خطة علاج من المضادات الحيوية يقضي على البكتريا المسببة للمرض من المثانة وليس من الأمعاء. وقد تتضاعف البكتيريا التي نجت من هذه المضادات في القناة الهضمية وتنتشر إلى المثانة من جديد مسببة عدوى أخرى UTIs.

في الوقت ذاته، تلقي العلاجات المتكررة من المضادات الحيوية ضررها على مجتمع البكتيريا المفيدة المتعايشة طبيعيًا في الأمعاء، والتي سميت لهذا السبب بالنبيت المعوي الجرثومي أو الميكروبيوم microbiome.

بطريقة مشابهة لاضطرابات النبيت المعوي الجرثومي وجهاز المناعة الأخرى، وجدت الدراسة لدى النساء اللواتي تعرضن لعدوى مسالك بولية متكررة UTIs نبيتا جرثوميًا أقل تنوعًا، ونقصًا واضحًا في سلالات البكتيريا المفيدة التي تساعد على تنظيم الالتهاب، إضافةً إلى وجود مؤشر مناعي مميز في دمهم يدل على الالتهاب.

قال سكوت هالتغرين، البروفيسور في علم الأحياء الجزيئي في جامعة واشنطن للعلوم الطبية: «إن عودة بعض النساء إلى الطبيب بشكوى تكرار عدوى المسالك البولية UTIs مرة تلو أخرى أمر محرج، والطبيب الذي عادًة ما يكون ذكرًا يبدأ بنصيحتهن حول ضرورة الاهتمام بالنظافة الشخصية، إلا أنه ليس من الضروري أن تكون المشكلة هنا، فقلة النظافة قد لا تكون سببًا في حدوث تلك العدوى، وتكمن المشكلة في هذا المرض بالاتصال بين المعي والمثانة ومستويات الالتهاب».

غالبًا لا يعلم الأطباء ما عليهم فعله تجاه عدوى المسالك البولية المتكررة UTIs، فكل ما يملكونه هو المضادات الحيوية، لذلك يلجأ الأطباء في هذه المشكلة للمزيد من هذه المضادات التي قد تجعل الأمور أسوأ.

تحدث أغلب حالات عدوى المسالك البولية UTIs بواسطة الإشريكية الكولونية E.coli التي توجد في الأمعاء وتستطيع الوصول إلى المجرى البولي.

إن إصابة النساء بعدوى المسالك البولية UTIs متباينة تباينًا كبيرًا فبعضهن يصبن بعدوى مسالك بولية متكررة، بينما تصاب الأخريات بعدوى لمرة واحدة في حياتهن أو قد لا يُصبن أبدًا، ولفهم السبب الكامن وراء ذلك شكّل هالتغرين فريقًا مع علماء من معهد برود: أشلي إيرل قائد المجموعة في علوم الوراثة الجرثومية، وكولين ووربي، عالم البيولوجيا.

درس هؤلاء الباحثون 15 امرأة مع سوابق إصابة بعدوى المسالك البولية المتكررة و16 امرأة دون تلك السوابق.

أخذ في بداية الدراسة عينة بول وعينة دم من كل امرأة، وعينة براز شهريًا.

حلل الفريق محتوى عينات البراز من البكتيريا، واختبروا وجود البكتيريا في البول، وقاسوا التعبير الجيني في عينات الدم.

بعد متابعة هؤلاء النساء لسنة كاملة، حدثت 24 عدوى مسالك بولية UTIs، كانت كلها لدى المشاركات اللواتي كان لهن سوابق عدوى مسالك بولية متكررة.
عندما شخصت عدوى المسالك البولية لدى النساء السابقات، أخذ الفريق عينات بول وبراز ودم إضافية.

على عكس المتوقع، وبالمقارنة بين النساء اللواتي أصبن بعدوى مسالك بولية UTIs متكررة واللواتي لم يصبن، لم يكن لنوع الإشريكية الكولونية E.coli الموجودة في أمعائهن أو حتى لوجود هذه الجرثومة في المثانة أي دور في الاختلاف بين مجموعتي المرضى السابقتين.

فكلا المجموعتين تملكان سلالات من الإشريكية الكولونية E.coli في القناة الهضمية قادرة على إحداث عدوى مسالك بولية UTIs بانتقالها إلى المثانة أحيانًا.

كان الاختلاف الحقيقي بين هؤلاء النساء في بنية النبيت المعوي.

وقد أظهرت المريضات اللواتي تعرضن لعدوى مسالك بولية متكررة قلة تنوع في سلالات النبيت الجرثومي المعوي الصحي ما أفسح مجالًا أكبر للسلالات الممرضة لفرض سيطرتها وتضاعفها.

واقتصر نبيت النساء اللواتي يتعرضن لعدوى مسالك بولية UTIs متكررة على سلالات البكتيريا التي تنتج حمض الزبدة بالتحديد، الذي هو حمض دسم قصير السلسلة يحمل تأثيرات مضادة للالتهاب.

قال ووربي: «نعتقد أن نساء مجموعة الضبط تمكنّ من إزالة البكتيريا من مثاناتهن قبل أن تسبب أمراضًا، على عكس النساء اللواتي تعرضن لعدوى مسالك بولية متكررة، لأن المناعة المتخصصة تواجه الغزو الجرثومي للمثانة بواسطة النبيت الجرثومي المعوي فعليًا».

سلطت النتائج الضوء على أهمية إيجاد بدائل للمضادات الحيوية لعلاج عدوى المسالك البولية UTIs.

وصرح ووربي أيضًا: «أظهرت دراستنا بوضوح أن المضادات الحيوية لا تمنع عودة الالتهاب في المستقبل، ولا تتخلص من السلالة المسببة للالتهاب في القناة الهضمية، بل قد تزيد هذه المضادات احتمال تكرر الالتهاب عن طريق تعطيل النبيت الجرثومي المعوي وإضعافه».

عمل هالتغرين لفترة طويلة على ابتكار طرق علاج جديدة للقضاء على السلالات المسببة للمرض من الإشريكية الكولونية E.coli مع الحفاظ على المجتمعات الجرثومية الأخرى في الجسم.

وشكل بحثه الحجر الأساس لابتكار دواء تجريبي معتمد على سكر مانوسايد (وهو جزيء يحتوي على مجموعة المانوز)، ولتصنيع لقاح مضاد لهذه الالتهابات، وكلا الأمرين سيُجربان على البشر.

ستكون هناك استراتيجية أخرى لإعادة التوازن للنبيت الجرثومي المعوي عبر الزرع البرازي والأطعمة الحاوية على البروبيوتيك probiotic، التي هي متممات غذائية مفيدة للكائن الذي يتناولها مكونة من بكتيريا حية أو خمائر، وغير ذلك من الطرق.

قال هالتغرين: «تعد عدوى المسالك البولية واحدة من أكثر أنواع العدوى شيوعًا في الولايات المتحدة الأمريكية، هذا إن لم تكن الأشيع في العالم».

وأضاف: «تعاني نسبة جيدة من مرضى عدوى المسالك البولية إزمان الحالة وتكرر الإصابة، ما ينعكس سلبًا على نوعية حياتهم. وانطلاقًا من ذلك، نحن بحاجة حقيقية إلى تطوير علاجات أكثر فعالية بهدف تحطيم حلقة الإصابات الشرسة تلك».

اقرأ أيضًا:

فشل الاختبار القياسي لكشف إصابة النساء بالتهاب المسالك البولية، فما الحل؟

نصف النساء يتلقين علاجًا خاطئًا لالتهاب المسالك البولية

ترجمة: حلا بلال

تدقيق: رغد أبو الراغب

المصدر