تجميد البويضات؛ عملية تُستخرج فيها البويضات غير الملقحة من مبايض المرأة -على النقيض من عملية تجميد الأجنة Embryo cryopreservation- وتجمَّد، وتخزَّن؛ للحفاظ على القدرة الإنجابية لدى النساء في سن الإنجاب.

سُجلت أول ولادة من بويضة مجمدة عام ١٩٨٦، وقد تطورت هذه العملية خلال السنوات القليلة الماضية، فلم يعد المجتمع الأمريكي -مثلًا- يعدّ تجميد البويضات من العمليات التجريبية، بسبب النجاح الكبير والتطور الحاصل فيها.

إن التقنيات التي تؤدي إلى زيادة عمر البويضات المجمدة واحتمال التخصيب اللاحق، تعطي المرأة ثقةً واستقلالًا غير مسبوقين.

من يحتاج إلى عملية تجميد البويضات؟

يُنصح بالقيام بتجميد البويضات لأحد الأسباب الآتية:

  •  النساء المصابات بالسرطان، اللواتي يحتجن إلى المعالجة الكيميائية أو الشعاعية، التي قد تؤثر في الخصوبة.
  •  العمليات الجراحية التي قد تسبب ضرر المبيض.
  •  مخاطر حدوث الفشل الوظيفي المبكر للمبيض بسبب تشوهات كروموسومات، مثل: متلازمة تيرنر أو متلازمة الصبغي X الهش، أو عوامل وراثية (وجود أقارب بلغوا سن اليأس مبكرًا).
  •  الأمراض التي تصيب المبيض، وقد تسبب أذية مستدامة.
  •  الطفرات الجينية التي تتطلب استئصال المبيض، مثل طفرة BRCA.
  •  الرغبة في الحفاظ على المقدرة الإنجابية، لأسباب اجتماعية أو شخصية، متعلقة بتأجيل الإنجاب لاحقًا.

كيف يتم تجميد البويضات؟

أولًا: يجري الطبيب المختص فحوصات عدة، أهمها مخزون البويضات؛ لتقدير كميتها الموجودة قبل تنشيط دورة المبيض.

وتتضمن هذه الفحوصات تحليلات الدم والموجات فوق الصوتية لمنطقة الحوض، ما يساعد في تحديد الجرعة اللازمة من الأدوية المستخدمة في أثناء تلك العملية.

إضافةً إلى اختبارات الإصابة ببعض الفيروسات، مثل: الإيدز HIV والتهاب الكبد B وC.

ثم يُحفز المبيض للإباضة بالطريقة نفسها المستخدمة في عملية التلقيح الصناعي (طفل الأنبوب) باستخدام أدوية هرمونية، مثل هرمون LH وFSH.

بعد تحفيز المبيض وحدوث الإباضة، تُسحب البويضة والسائل المحيط بها في جريب المبيض بالكامل، من طريق المهبل، تحت التخدير اللازم.

إذ يجري إدخال مسبار الموجات فوق الصوتية داخل المهبل لتحديد مكان الجريب الذي يحوي البويضة، ثم تدخل ضمنه إبرة موجهة باتجاه الجريب، ومتصلة بجهاز شفط لسحب البويضة من الجريب.

من الممكن سحب أكثر من بويضة (قد تصل حتى ١٥ بويضة خلال الدورة المبيضية الواحدة)، وتُظهر الدراسات أنه كلما كان عدد البويضات المسحوبة أكثر، كانت نسبة نجاح الحمل والولادة أكبر.

يُفحص بعدها نضج البويضة تحت المجهر، وتُحفظ البويضات الناضجة بالتبريد.

في الوقت الحالي، تُعد عملية تجميد البويضات داخل الأنابيب الطريقة الأفضل للقيام بهذه العملية، وذلك من طريق التبريد السريع للبويضة ووضعها في النيتروجين السائل لحفظها.

ما بعد عملية سحب البويضات:

عمومًا، يمكن للمرأة متابعة نشاطاتها اليومية بنحو طبيعي خلال أسبوع من سحب البويضة، ويُنصح أيضًا بتجنب ممارسة الجنس غير الآمن لتفادي حدوث حمل غير مرغوب فيه.

ويُنصح بالاتصال بالطبيب المختص عند حدوث:

  •  حمى بحرارة أعلى من 38.6 درجة مئوية.
  •  ألم شديد في البطن.
  • زيادة في الوزن نحو ٢ رطل (٠.٩ كيلوغرام) خلال ٢٤ ساعة.
  • نزيف شديد في المهبل.
  •  صعوبة في التبول.

كيف ستستخدم هذه البويضات في المستقبل؟

عندما تستعد المرأة للحمل باستخدام البويضات المجمدة، تُوضع البويضات المجمدة في محلول تدفئة وتُراقب.

ثم تُختار البيوض التي استطاعت النجاة في أثناء التبريد، وتُخصب من طريق الحقن بالنطاف داخل السيتوبلازم Intracytoplascmic Sperm Injection (ICSI).

إذ تُحقن نطفة واحدة مباشرة داخل البويضة، وتُترك البويضة الملقحة تنمو في وسط مناسب حتى يُصبح الجنين أو الأجنة جاهزًا لعملية النقل إلى الرحم، ليبدأ الحمل بعد ٣-٥ أيام من التلقيح تقريبًا.

ما نسب حدوث حمل ناجح باستخدام البويضات المجمدة؟

إن نسبة حدوث الحمل الناجح سريريًا تقُدّر بنحو ٤-١٢٪ للبويضة الواحدة.

في حين أظهرت دراسة أخرى أن نسبة الحمل الناجح بعد زرع البويضة الملقحة يُقدر بنحو ٦-٣٠٪.

ونحتاج إلى مزيد من البيانات لتكوين فكرةً دقيقةً عن نسب نجاحها؛ لأن هذه التقنية تُعد حديثةً نسبيًا.

عمومًا، إن أكثر عاملين مؤثرين في تحديد احتمالية حصول الولادة الناجحة، هما: عمر المرأة عند قيامها بتجميد البويضات (هنالك أفضلية أكبر لنجاح الحمل والولادة عند استخدام البيوض المجمدة إذا كان عمر المرأة أقل)، وعدد البيوض المجمدة المتاحة.

هل هنالك أية تأثيرات على النسل القادم من البويضة المجمدة والمذابة؟

إن البيانات الموجودة حاليًا -التي تقارن بين الولادات الناتجة عن تلقيح البويضات المجمدة مسبقًا والبويضات الطازجة (تلقيح مباشر)- لم تظُهر أية خطورة متزايدة لتشوهات خُلقية.

على أية حال، ما زلنا نحتاج إلى بيانات مستقبلية على المدى البعيد لتقييم مدى الخطورة بنحو أدق.

ما المخاطر المرتبطة بعملية تجميد البويضات؟

إن المخاطر متشابهة إلى حد ما مع تلك المرتبطة بعملية تنشيط المبيض من أجل التلقيح الصناعي (IVF)، التي تتضمن مخاطر ضئيلة لمتلازمة فرط تحفيز المبيض (تضخم المبايض والسائل الخلالي في الحوض والبطن)، والإنتانات والنزيف الناتج عن عملية سحب البويضة.

فضلًا عن الأذى النفسي للأم التي تتأمل الإنجاب بوساطة البويضة المجمدة في حال فشل تلك العملية.

كم يبلغ أقصى زمن لحفظ البويضات؟

لم تظهر أية نتائج سلبية لحفظ البويضات لوقت طويل، ومع ذلك فإن البيانات التي أظهرت ذلك هي نتيجة نحو ٤ سنوات من المتابعة فقط.

ولا بد من التذكير أن الحمل في عمر متقدم بحد ذاته مرتبط بمخاطر عالية، مثل: ارتفاع ضغط الدم والسكري والحاجة إلى الولادة القيصرية.

ولذلك فإن معظم الأطباء يضعون حدًا عمريًا معينًا لاستخدام هذه البويضات في الإخصاب والحمل.

كم تبلغ تكلفة عملية تجميد البويضات؟

ترتبط تكلفة تجميد البويضات بنوع التأمينات الصحية التي تغطي المريض، ومن الممكن أن تمنح بعض التأمينات مساعدةً مبدئيةً، أو قد تغطي جزءًا من العملية.

اقرأ أيضًا:

امرأة أصيبت بالسرطان تنجب طفلًا بعد خمس سنوات من تجميد البويضات

الإخصاب الاصطناعي أو الإخصاب خارج الجسم (أطفال الأنابيب)… كل ما يجب أن تعرفه

ترجمة: محمد زكريا زيتوني

تدقيق: عبد المنعم الحسين

مراجعة: حسين جرود

المصادر: uclahealth, mayoclinic