للوهلة الأولى قد تبدو فكرة وجود أسماك قادرة على المشي فكرةً سخيفة، لكن هذه الأسماك لعبت دورًا مفتاحيًا في تطور المملكة الحيوانية على الأرض كأي كائن هجين آخر. فقد بين بحث جديد أن عدد الأسماك التي تستطيع المشي على اليابسة يفوق توقعاتنا.

بينت دراسة مفصلة للهياكل العظمية لعائلة سمك لوتش التيارات الرابية في آسيا، المتضمنة نوعًا معروفًا قادرًا على المشي تقريبًا، هو اللوتش العمياء أو سمك ملاك الكهف النادر، وجود 10 أنواع أخرى على الأقل تملك الإمكانيات نفسها.

يأمل الباحثون أن تزداد معرفتهم حول الكيفية التي شقت بها الفقاريات الأولى طريقها من الماء إلى اليابسة، بواسطة التعرف على نوع سمكة لوتش التيارات التي ذهبت لتتجول على الأرض الصلبة متجاهلةً لوهلة الصعوبة في التنفس.

يكمن المفتاح في حزام الحوض الرابط بين العمود الفقري وزعنفة الحوض، فقد نظر الفريق في بنية عظام 29 نوعًا مختلفًا من مجموعة أسماك لوتش التيارات الرابية، وحددوا 3 أنواع مختلفة من أشكال الحوض، فوجدوا أن 10 أنواع أخرى تشترك في طريقة اتصال العظام نفسها مثل أسماك ملاك الكهف.

وفقًا لعالم الأحياء زاكاري راندال من متحف التاريخ الطبيعي في فلوريدا: «لا تملك الأسماك عادةً أي اتصال بين عمودها الفقري وزعانفها الحوضية، إذ كان يُظن سابقًا أن سمكة ملاك الكهف مجرد استثناء. قد أبهرتنا هذه الدراسة عندما أظهرت بتفصيل كبير أن حزام الحوض القوي أكثر شيوعًا مما ظننا في عائلة سمك لوتش التيارات الرابية».

تستخدم سمكة ملاك الكهف أضلاعها المتضخمة وعضلاتها الثابتة؛ لتلتوي مستخدمةً زعانفها كما يلتوي السلمندر، وتعد سمكة لوتش التيارات الرابية الوحيدة التي رُصدت تقوم بما يشبه المشي.

يظن الباحثون أنها طورت هذه القدرة طريقةً للتنقل عبر التيارات الكهفية القوية، وربما لتصل إلى التيارات الغنية بالأكسجين التي لا تصل إليها الأسماك الأخرى، تمكنها هذه القدرة أيضًا من البقاء فوق الشلالات الخفيفة والضحلة.

أحد الأنواع المدروسة تستخدم زعانفها لتدفع نفسها إلى الأمام

أحد الأنواع المدروسة تستخدم زعانفها لتدفع نفسها إلى الأمام

وجد الباحثون نتيجة دمج تحليل الحمض النووي والتصوير المقطعي المحوسب، أدلةً على انتقال هذه القدرات وراثيًا، وتداخلها مع مورثات أنواع أخرى من عائلة لوتش التيارات البحرية، فلا يبدو أن هذه القدرات تطورت من مصدر واحد.

أعطى ذلك علماء البيولوجيا شجرة عائلة تطورية دقيقة لأسماك قادرة على المشي، ومجالًا أكبر للتعرف على المزيد منها مستقبلًا، رغم اختلاف قدرة المشي بين نوع وآخر.

يقول عالم البيولوجيا لورانس بيج من متحف فلوريدا للتاريخ الطبيعي: «جمعت هذه الدراسة فريقًا من الباحثين والخبراء المهتمين بدراسة الأسماك في موطنها الطبيعي، إضافةً إلى علماء الوراثة والتشريح المقارن. وقد حسنت نتيجة هذه الدراسة قدرتنا على فهم هذا الوجود الاستثنائي لسمكة قادرة على المشي».

اقرأ أيضًا:

نظرية التطور العكسي قد تكون ممكنة… الكنغر مثالًا

قصة اكتشاف التيكتاليك، إثبات قدرة نظرية التطور الفريدة على التنبؤ

ترجمة: علي ياسر جوهرة

تدقيق: راما الهريسي

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر