يُعد الأرز من أكثر الأغذية استهلاكًا في العالم، وهو يحتوي على نسبة عالية جدًا من الزرنيخ مقارنةً بمعظم الأطعمة الأخرى، إذ يتراكم الزرنيخ غير العضوي السام فيه بمقدار عشرة أضعاف محاصيل الحبوب الأخرى بسبب طريقة زراعته في حقول الأرز المغمورة بالمياه، ما يسهّل امتصاص المركبات المسرطنة الموجودة في التربة، وتُعد المياه الجوفية أكبر خطر يهدد الصحة العامة فيما يتعلق بالتعرّض للزرنيخ، ويُعزى ذلك جزئيًا إلى استخدامها في الريّ لإنتاج الأرز.

تعلم طهي الأرز بطريقة جديدة وتخلص من الزرنيخ السام - الزرنيخ غير العضوي السام في الأرز - امتصاص المركبات المسرطنة الموجودة في التربة

يعود وعي الإنسان بسُمّية الزرنيخ إلى آلاف السنين، إلا أن إدراك ارتباط الخطر ذاته باستهلاك الأرز قد تطوّر حديثًا. ومع أن العديد من الدول الآسيوية -التي يرتفع فيها استهلاك الأرز- لم تمتلك أي قواعد للحد من التعرّض للزرنيخ غير العضوي، وضعت بعض الدول لوائح تنظيمية تهدف إلى الحد من ذلك استنادًا إلى استهلاك الأرز. وقد تكون المخاطر غير ملحوظة في دول مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة التي تمتلك مثل هذه المبادئ التوجيهية، خاصةً للأطفال (الأكثر حساسية فيما يتعلق بالتعرض للزرنيخ).

كشفت إحدى الدراسات التي جرت في بداية العام وشملت 55 صنفًا من الأرز المُباع في المملكة المتحدة، أنّ أكثر من نصف العينات تحتوي مستويات من الزرنيخ تجاوزت تلك المنصوص عليها في اللوائح التنظيمية للرضع والأطفال دون الخامسة من العمر، وكشفت دراسة أخرى وجود ارتباط بين استهلاك الأرز وخطر الوفاة الناجم عن الأمراض القلبية الوعائية.

أشار الدكتور مانوج مينون، عالم التربة من جامعة شيفيلد في المملكة المتحدة إلى وجود هواجس حقيقية بين السكان بخصوص تناول الأرز، بسبب محتواه من الزرنيخ.

لحسن الحظ، عُرف لسنوات عديدة أنه يمكن التقليل من مستويات الزرنيخ غير العضوي في الأرز بطرق متنوعة، بالغسل أو الشطف أو باستخدام طرق الطهي المختلفة، لكن قد تخفض بعض هذه الطرق بالإضافة إلى ذلك مستويات العناصر الغذائية في الأرز، ما يجعله أمرًا غير مستحسن أيضًا.

بحث مينون وفريقه في دراسة حديثة عن طرق مختلفة لطهي الأرز، لمعرفة أفضل طريقة تقلل نسبة الزرنيخ فيه مع المحافظة على محتواه من العناصر الغذائية، إذ جرّبوا أربع طرق، تضمنت جميعها طهي الأرز بطريقة الامتصاص، وذلك باستخدام الأرز غير المغسول أو المغسول أو المنقوع سابقًا أو المسلوق، وقد اكتشفوا عند تحليل النتائج أن استخدام طريقة السلق مع الامتصاص قد قللت معظم الزرنيخ الموجود في الأرز وحافظت على عناصره الغذائية.

أشار الباحثون إلى إمكانية طهي الأرز بهذه الطريقة منزليًا، وذلك بغلي المياه -4 أكواب من الماء النقي لكل كوب من الأرز النيء- ثم إضافة الأرز وغليه مدة خمس دقائق، ثمّ التخلص من الماء -الذي أزال معظم الزرنيخ- ثم إضافة المزيد من الماء النقي -كوبين لكل كوب من الأرز، وأخيرًا تغطية وعاء الأرز وطهيه على نار خفيفة إلى متوسطة حتى يُمتص الماء بالكامل.

صرّح مينون: «يمكن بهذه الطريقة الجديدة تقليل التعرض للزرنيخ مع الحفاظ على المغذيات الأساسية. يُنصح باتباع هذه الطريقة كثيرًا في أثناء تحضير الأرز للرضع والأطفال كونهم الأكثر عرضةً لخطر الزرنيخ».

ووفقًا للباحثين، تزيل هذه الطريقة نحو 54% من المركبات غير العضوية الموجودة في الأرز البني، ونحو 73% من الموجودة في الأرز الأبيض، مع الاحتفاظ بمعظم العناصر الغذائية كالفوسفور والبوتاسيوم والمغنسيوم والزنك والمنغنيز.

يشير الباحثون إلى أن طريقة السلق مع الامتصاص تستخدم كميات أقل من المياه والطاقة وتقلل مدة الطهي، إضافةً إلى إزالة الزرنيخ والحفاظ على عناصر الأرز الغذائية، مقارنةً بطرق الطهي الأخرى التي قد تزيل الزرنيخ، مثل استخدام ماء إضافي والتخلص منه، ما يزيل المزيد من العناصر الغذائية أيضًا.

نوّه الباحثون بأنه يجب تكرار تجربتهم في ظروف مختلفة، باستخدام أصناف الأرز المحلية المتنوعة مع مستويات مختلفة لجودة المياه، إلا أنها تُعد بداية جيدة.

اقرأ أيضًا:

تناول أرز أو معكرونة مطبوخة منذ خمسة أيام قد يقتلك !

أيهما أفضل للصحة، الأرز البني أم الأبيض؟

طريقة ثورية جديدة وبسيطة في طهي الأرز بإمكانها خفض سعراته الحرارية

ترجمة: سارة إيليا وسوف

تدقيق: أكرم محيي الدين

مراجعة: آية فحماوي

المصدر