حطم تلسكوب جيمس ويب الفضائي رقمه القياسي مرة أخرى، راصدًا أبعد مجرة في الكون المعروف، وهي مجرة (MoM-z14)، التي ظهرت بعد 280 مليون سنة فقط من الانفجار العظيم.
كتب الباحثون أن المجرة MoM-z14، هي أبعد مصدر مؤكد طيفيًا حتى الآن، ما يوسع حدود الرصد إلى 280 مليون سنة بعد الانفجار العظيم.
بعبارة أخرى، أرسلت هذه المجرة ضوءها بعد مرور 280 مليون سنة فقط على نشوء الكون، وبعد أن قطع هذا الضوء مسافة شاسعة عبر الفضاء، وصل أخيرًا إلى الأرض حيث التقطته مستشعرات الأشعة تحت الحمراء في تلسكوب جيمس ويب.
قالت شارلوت ميسون، عالمة الفيزياء الفلكية بجامعة كوبنهاغن : هذا اكتشاف مثير حقًا. فهو يؤكد وجود مجرات شديدة السطوع في الكون بالفعل.
منذ بدء عمله عام 2022، رصد تلسكوب جيمس ويب الفضائي مجرات قديمة أسطع مما توقع العلماء، متحديًا النظريات السابقة حول نشأة الكون. كتب الباحثون: هذه الاكتشافات غير المتوقعة أثارت حماس المجتمع العلمي وأطلقت تساؤلات جوهرية بشأن طريقة تشكل المجرات خلال 500 مليون سنة بعد الانفجار العظيم.
ومع ظهور المزيد من الأمثلة، يعمل العلماء على تأكيد كون هذه الأجسام المتوهجة هي بالفعل مجرات قديمة، فحص الباحثون صور تلسكوب جيمس ويب الفضائي الحالية بحثًا عن مجرات مبكرة محتملة للتحقق منها. بعد تحديد MoM-z14 هدفًا محتملًا، وجهوا التلسكوب نحو هذا الجسم الغريب في أبريل 2025.
يُحدد العلماء عمر الأجرام الفلكية بقياس انزياحها نحو الأحمر. فمع تمدد الكون، يتمدد الضوء الصادر عن الأجرام البعيدة نحو أطوال موجية أطول (أكثر حمرة)، وكلما زادت مسافة الضوء ومدة رحلته عبر الكون، ازداد مقدار الانزياح.
في الدراسة الجديدة أكد الفريق أن انزياح MoM-z14 الأحمر يقدر بـ 14.44 أي أكبر من انزياح JADES-GS-z14-0، صاحبة الرقم القياسي السابق لأبعد مجرة مرصودة، البالغ 14.18.
مجرة MoM-z14 صغيرة الحجم نسبيًا مقارنةً بما تصدره من ضوء. يبلغ قطرها 240 سنة ضوئية، أي أصغر من مجرتنا نحو 400 مرة. وتبلغ كتلتها تقريبًا كتلة سحابة ماجلان الصغيرة، وهي مجرة قزمة تدور حول مجرة درب التبانة.
رصد الباحثون مجرة MoM-z14 خلال مرحلة نشطة من تكون نجمي سريع. تميزت المجرة بوفرة عنصر النيتروجين مقارنةً بالكربون، وهي سمة تشبه تلك الموجودة في العناقيد الكروية التي تُرصد في درب التبانة.
هذه العناقيد القديمة، التي تضم آلاف إلى ملايين النجوم المترابطة بقوة، من أقدم الأجرام المعروفة في الكون، إذ تشكلت في المليارات القليلة الأولى من عمر الكون، ما يجعلها أقدم النجوم المعروفة.
قد يُفسر التشابه في خصائص مجرة MoM-z14 مع العناقيد الكروية بأن عملية تكون النجوم تتبع أنماطًا متشابهة حتى في هذه المرحلة المُبكرة جدًا من عمر الكون.
مع أن العلماء ما زالوا يسعون لتأكيد وجود مجرات ذات انزياح أحمر عالٍ، يتوقع الباحثون اكتشاف المزيد من المرشحين باستخدام تلسكوب نانسي جريس رومان الفضائي، وهو تلسكوب يعمل بالأشعة تحت الحمراء مصمم لرصد مساحات واسعة من السماء، مقرر إطلاقه بحلول مايو 2027 .
من المرجح أن يُحطم تلسكوب جيمس ويب رقمه القياسي مرة أخرى قبل ذلك الحين. كتب المؤلفون: يبدو أن تلسكوب جيمس ويب مهيأ لتحقيق سلسلة من الاكتشافات التي توسع حدود الكون المعروفة توسعًا غير مسبوق، الانزياحات الحمراء التي كانت تُعد سابقًا ضربًا من الخيال، والمقاربة لعصر النجوم الأولى، لم تعد تبدو بعيدة المنال.
اقرأ أيضًا:
اكتشاف مجرة تشبه مجرتنا يبعث الثقب الأسود في مركزها طاقة هائلة!
رصد مجرة عملاقة أكبر من مجرتنا بنحو 32 مرة وأُطلق عليها اسم ترابل أو المشكلة
ترجمة: يوسف الشيخ
تدقيق: أكرم محيي الدين