توصل فريق من الباحثين يضم فيزيائيين من جامعة Konstanz إلى طريقة لنقل الإلكترونات في غضون زمن أقل من رتبة فيمتوثانية، وذلك بالتحكم فيها باستخدام الضوء، ما قد يكون له تطبيقات كبرى في مجالي معالجة البيانات والحوسبة.

شكل توضيحي لانتقال الإلكترونات بين ذراعي هوائي معدني من رتبة نانو metallic nanoantenna تحت تأثير موجة ضوء وحيدة الدورة single-cycle light wave

شكل توضيحي لانتقال الإلكترونات بين ذراعي هوائي معدني من رتبة نانو metallic nanoantenna تحت تأثير موجة ضوء وحيدة الدورة single-cycle light wave

تستطيع المكونات الإلكترونية المستخدمة حاليًا، المعتمدة على تقنية أشباه الموصلات السيليكونية، أن تنتقل بين وضعي التشغيل والإيقاف في غضون زمن من رتبة بيكوثانية، إذ تعمل الحواسيب والهواتف المحمولة النموذجية عند تردد من رتبة غيغاهرتز، في حين تعمل الترانزستورات المنفردة بتردد من رتبة تيراهرتز. وأصبحت زيادة سرعة أجهزة التبادل بين وضعي التشغيل والإيقاف تحديًا.

برهنت مؤخرًا سلسلة من التجارب، أُجريت في جامعة Konstanz ونُشرت في دورية Nature Physics، أنه يمكن جعل الإلكترونات تتحرك بسرعة من أجزاء الفيمتوثانية، أي أسرع من 10 للأس -15 ثانية، من طريق التحكم فيها باستخدام موجات ضوء مناسبة.

يقول الباحث المشارك في الدراسة Alfredo Leitenstorfer، أستاذ الظواهر فائقة السرعة والضوئيات في جامعة Konstanz بألمانيا: «قد يكون هذا هو المستقبل البعيد للإلكترونيات، لقد توصلنا بناءً على تجاربنا المعتمدة على نبضات الضوء الدورية إلى نقل الإلكترونات بسرعة من رتبة أتوثانية، إذ يتذبذب الضوء عند ترددات أعلى ألف مرة على الأقل مما تحققه الدارات الإلكترونية التقليدية».

تذكر إن:

يؤمن ألفريدو وفريقه من قسم الفيزياء في جامعة Konstanz ومركز التطبيقات الضوئية CAP أن مستقبل الإلكترونيات يكمن في دارات البلازما المتكاملة integrated plasmonic والأجهزة الإلكترونية الضوئية optoelectronic devices التي تعمل بنظام الإلكترون الواحد عند الترددات الضوئية optical بدلًا من الموجات الميكروية microwave: «مع ذلك نحن نتناول بحثًا مبدئيًّا للغاية، وربما يستغرق عقودًا حتى يكتمل».

التحكم في الضوء والمادة

كان التحدي بين فريق دولي من الفيزيائيين النظريين والفيزيائيين التجريبيين من عدة جامعات أوروبية مشاركة في المشروع هو تحقيق أمرين: أولًا تطوير نظام للتحكم في نبضات الضوء فائقة القصر عند رتبة فيمتوثانية، وذلك تحت دورة تذبذب واحدة، وثانيًا إنشاء بنى نانوية للقياسات عالية الدقة للتحكم في الشحنات الإلكترونية.

يقول لايتنستروفر، الذي قاد فريقه في هذه التجارب: «لحسن حظنا، لدينا هنا في جامعة Konstanz كل ما نحتاج إليه من منشآت تحت تصرفنا، يُعَد مركز التطبيقات الضوئية منشأةً عالميةً رائدة في تطوير تقنية الليزر فائقة السرعة.

وبفضل مركز بحوث Collaborative Research Centre 767 للأنظمة النانوية المراقبة، أصبح باستطاعتنا التعامل مع المقاييس الماكروية Macroscale، ومن ثم نستطيع الوصول إلى البنى النانوية المناسبة، لتكوينها والتحكم فيها عند المقاييس النانومترية».

المبدلات الإلكترونية فائقة السرعة

تضمنت المجموعة التجريبية التي طورها فريق لايتنستروفر بالتعاون مع الباحث Daniele Brida – الأستاذ في جامعة لوكسمبورغ- هوائيات ذهبية من مقياس نانوي، إضافةً إلى ليزر فائق السرعة قادر على إصدار 100 مليون دورة من النبضات الضوئية في الثانية، لتوليد تيار قابل للقياس.

يسمح تصميم الهوائيات المقوس (على شكل ربطة عنق bowtie design) بالتركيز الزماني / المكاني للطول الموجي ودورات الحقل الكهربي الخاصة بنبضات الليزر، ضمن فجوة بعرض 6 نانومتر.

ونتيجةً للخاصية غير الخطية للإلكترونات الخارجة من المعدن، المتسارعة عبر الفجوة في المجال البصري، استطاع الباحثون تبديل التيار الإلكتروني عند سرعات تقارب 600 أتوثانية (أي أسرع من فيمتوثانية).

يوضح لايتنستروفر: «تحدث هذه العملية في مقاييس زمنية أقل من نصف فترة تذبذب الحقل الكهربي لنبضة الضوء». وقد أكد شركاء المشروع في باريس وسان سباستيان البنية الكمّية للإلكترونات المقترنة بالحقل الضوئي، وتمكنوا من قياسها استنادًا إلى الزمن.

تتيح الدراسة فرصةً جديدة لمعرفة كيفية تفاعل الضوء مع المادة المركزة، ما يمكننا من مراقبة الظواهر الكمّية عند مقاييس زمانية ومكانية لم تكن ممكنةً من قبل. وبناءً على المقاربة الجديدة للتعامل مع ديناميكية الإلكترون تحت تأثير الحقول البصرية، عند المقاييس النانوية التي تعرضها هذه الدراسة، سينتقل الباحثون إلى دراسة انتقال الإلكترون في الزمن الذري والمقاييس الطولية في الأجهزة المتطورة، ضمن مقاييس من رتبة بيكومتر.

اقرأ أيضًا:

تصنيع أشباه موصلات مرنة

كيف يعمل الهاتف الخلوي

ترجمة: فارس بلول

تدقيق: عون حداد

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر