أثّر تدفق المياه في المناخ فترة طويلة، وساعد البحارة على معرفة طريقهم عدة قرون، ولكن كيف تشكلت تيارات المحيط؟ القوى التي شكلت تيارات المحيط منذ عصور هي نفسها القوى التي تُشكل تيارات المحيط اليوم.

ظهرت هذه التدفقات مع بداية تشكل المحيطات منذ نحو 4-4.5 مليار سنة تحت تأثير عدة قوى: الرياح، والمد والجزر، والفروقات العالمية في درجة الحرارة والملوحة، ودوران الكوكب، وما تزال تؤثر هذه القوى حتى اليوم.

تسلك تيارات المحيط سلوك الأنهار داخل المسطحات المائية الكبيرة بحسب جامعة هاواي في مانوا ويتراوح حجمها بين التيارات الصغيرة بالقرب من الشواطئ إلى التدفقات الممتدة عبر المحيط التي نراها في الدوامات الضخمة والدوامات البيضاوية التي تتنقل بين القارات.

تتدفق المياه مثلًا، في شمال المحيط الأطلسي غربًا على طول خط الاستواء وشمالًا بعد الساحل الشرقي للولايات المتحدة بما يسمى تيار الخليج، ومن ثم يعود شرقًا على طول القطب الشمالي، ثم جنوبًا بعد أوروبا وأفريقيا ويسمى تيار الكناري.

يتسبب الاختلاف في درجة الحرارة والملوحة بين خط الاستواء وقطبي الأرض بتحريك تيارات المياه العميقة المعروفة باسم (الدورة الحرارية الملحية وهي الحرارة إضافة إلى الملح).

قال جيمس بوتيمرا الأستاذ في جامعة هاواي في معهد مانوا للجيوفيزياء وعلم الكواكب لمجلة لايف ساينس: «إن الأمر قد يستغرق ألف عام لإكمال دورة حرارية عالمية».

يتسبب المد والجزر بحدوث تيارات صغيرة في حين أن دوران الأرض يدفع الدوامات بجهة عقارب الساعة إلى نصف الكرة الشمالي وعكس اتجاه عقارب الساعة في نصف الكرة الجنوبي (تأثير كوريوليس).

قال روجر فو، أستاذ في قسم علوم الأرض والكواكب بجامعة هارفارد: «إن المحيطات منذ نشأتها أثرت فيها قوى مماثلة؛ ما أدى إلى ظهور التيارات».

أضاف: «كان هناك فروق في درجات حرارة الأرض منذ نشأتها كما الآن؛ لأن خط الاستواء كان ساخنًا جدًا ما سبب نشوء تيارات».

تشير التقديرات أن المحيطات قد نشأت منذ 3.8 مليار سنة، مع ذلك فإن بلورات الزركون القديمة المكتشفة في أستراليا تشير إلى قبل ذلك ب 4.4 مليار سنة أو بعد نحو 100 مليون سنة من تشكل الأرض.

وأوضح فو أنه: «كان لدينا محيطات في وقت باكر من تاريخ الأرض، إذ كانت أنماط التيار الأولية مختلفة تمامًا، وقد غيرت القارات موقعها بصورة كبيرة وقد تتحد جميعها في قارة عظمى في وقت ما، لكن مع تشكيلات أخرى، ما تسبب بتغيير مسارات التيارات السطحية».

أشار إلى أنه: «في الفترات الزمنية التي تبلغ مليار عام لن نتمكن من التعرف على تيارات المحيط؛ لأننا لن نتمكن من التعرف على القارات أيضًا».

قال بوتيمرا :«كانت المواقع القارية المختلفة ستغير تيارات المحيط العميقة أيضًا بسبب تمتع التيارات الحرارية الملحية بمسارات مفتوحة ابتداءً من خط الاستواء إلى القطبين، مثلًا تبدو التيارات دائمة في الفترات الزمنية البشرية نظرًا إلى الوقت الذي تستغرقه القارات لتغيير تكوينها».

قال فو: «ربما ظهرت التيارات الرئيسية اليوم بسبب إعادة ترتيب مواقع القارات قبل ملايين السنين». إذ تُظهر السجلات التاريخية العوامل التي تعرضت لها تيارات اليوم للبقاء. قال بوتيمرا: «كان بنجامين فرانكلين أول من اكتشف تيار الخليج؛ لأنه لاحظ انحراف السفن شمالًا بسرعة كبيرة وكان الفايكنج سيختبرون تيار الخليج».

اقرأ أيضًا:

جبل جليدي عملاق تعرض للانقسام بفعل التيارات المحيطية القوية

بينما تقرأ هذا المقال.. تيارات المحيط الأطلسي الفتية على وشك الاضمحلال

ترجمة: عمرو أحمد حمدان

تدقيق: تسبيح علي

المصدر