يريد كلٌّ من إيلون ماسك وناسا وحتى أرنولد شوارزنيجر في فيلمه total recall استصلاح المريخ، ولكن هل هذا ممكن؟

يفكر الجميع بتحويل الكوكب الأحمر إلى الأزرق من خلال الهندسة الجيولوجية للبيئة المريخية لجعلها مناسبةً للبشر.

ولكن وفقًا للأبحاث الجديدة، ما زال هذا الحلم العلمي الذي يتشاطره العلماء الآن للأسف بعيد المنال، على الأقل في الوقت الراهن.

تشمل فرضية الاستصلاح عددًا من الاستراتيجيات المختلفة، لكن هناك فكرة شائعة تقول إنه إذا كان بالإمكان تحرير ما يكفي من غاز ثاني أكسيد الكربون من تحت سطح المريخ فإن الغلاف الجوي المكثّف للكوكب الأحمر قد يصبح في يومٍ من الأيام ملجأً وداعمًا للحياة الأرضية.

إنها خطةٌ ملهمةٌ ومبهجة! وحلمٌ يستفيد من التجربة المريرة للبشرية حول الاحتباس الحراري العالميّ، في محاولةٍ لتطبيق ما تعلمناه منها في اتجاهٍ إيجابيّ يمكن أن ينقذ حياة جنسنا في يومٍ من الأيام.

لكن للأسف، وفقًا للأبحاث الجديدة التي ترعاها وكالة ناسا لا تزال هذه الخطة مجرد خيالٍ علميّ، يقول عالم الفلك بروس جاكوسكي من جامعة كولورادو في بولدر: «إن النتائج توحي أنه لا يوجد ما يكفي من ثاني أكسيد الكربون المتبقي على المريخ لتوفير درجة كبيرة من الاحتباس الحراري، إذ إنه الغاز الذي يجب تحريره في الغلاف الجويّ».

بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن الوصول إلى معظم غاز ثاني أكسيد الكربون ولا يمكن تعبئته بسهولة، ونتيجة لذلك، لا يمكن استعمار المريخ باستخدام التكنولوجيا الحالية.

لقد أعدَّ العلماء المعطيات حول إمكانية استصلاح المريخ قبل الآن، لكن جاكوسكي وزميله الباحث كريستوفر إدواردز من جامعة أريزونا الشمالية استفادا منذ سنواتٍ من بيانات الرصد من المركبات الفضائية المدارية التابعة لناسا مثل (المريخ ريكونيسانس أوربيتر- the Mars Reconnaissance Orbiter) و(مارس أوديسي – Mars Odyssey)، و(مافن – MAVEN).

إن افتقار الغلاف الجوي إلى الضغط الجوي –أو بالأحرى شبه انعدامه- يعني أن أي مياهٍ سائلة على السطح سوف تتبخر أو تتجمد، ولكن إذا تمكنّا بطريقةٍ ما من تبخير الكربون المخزن في القمم الجليدية القطبية في المريخ فسنضاعف الضغط الجوي للكوكب الأحمر.

ولكن على عكس ما حدث في فيلم total recall، فإن هذه العملية ستعطي كوكب المريخ ضغطًا جويًا يعادل فقط 1.2% من ضغط الأرض، وأوضح جاكوسكي أنه من الممكن أن يكون الاستصلاح في حدّ ذاته أمرًا ممكنًا، ولكن الأمر ليس سهلًا كما يقول البعض، إذ لا يمكننا فقط أن نفجر عددًا من القمم الجليدية. هناك مصادر أخرى للكربون المحاصر على المريخ، في التربة والترسبات المعدنية، ولكن مرةً أخرى -وحسب حسابات الفريق- لا توجد موارد طبيعية كافية لتحويل الغلاف الجوي إلى غلافٍ دافئٍ رطبٍ معتدل.

أحد الاحتمالات النهائية هو وجود احتياطيٍّ أكبر من الكربون مدفونٍ في عمق قشرة سطح المريخ، ولكن في الوقت الحاضر لا نعرف ما يكفي حول ما إذا كانت هذه الكمية موجودةً أم لا، وحتى في حال وجودها لا توجد وسائل موثوقة للوصول إليها.

ويُحتمل أن توجد أيضًا في زوجٍ من الفوهات البركانية، لكن ليس هناك أي وسيلة لتحديد مقدار تلك الكمية، وإذا كانت على عمقٍ كبير، فقد يتعذّر الوصول إليها من الأساس.

يقول الباحثون إنه في السنوات القادمة، بل ربما بعد عقودٍ من الآن، يمكن أن يساعدنا تطور التكنولوجيا في إنتاج وسائل استعمارية حديثة تمكننا من استصلاح المريخ، وتصنيع غازاتٍ عالية الكفاءة مثل مركبات الكلوروفلوروكربون التي ستعمل على تدفئة الكوكب، لكنَّ ذلك يتطلب نظامًا صناعيًا أكثر تقدمًا يتجاوز قدرتنا الحالية.

إذا فعلنا ذلك، فسيكون الأمر بعيدًا جدًا في المستقبل، لذا، يبدو أن الحلم ما زال مجرّد حلم، ولكن على الأقل الحلم لم يمت.


  • ترجمة: أحمد طريف المدرس
  • تدقيق: تسنيم المنجّد
  • تحرير: زيد أبو الرب

المصدر