يؤدي الجهاز العصبي المستقل دورًا أساسيًا في الحفاظ على حالة الجسم السليمة، بما فيها الحرارة الداخلية والتنفس وضغط الدم ونبض القلب. ويتحكم في توسع الحدقة والإثارة الجنسية والإفراز.

تؤثر الأمراض التي تسبب خلل الوظائف المستقلة على حالات الجسم ووظائفه هذه.

يصيب خلل الوظائف المستقلة أكثر من 70 مليون فردًا على مستوى العالم. يتجسد الخلل بعدة أمراض، قد تكون أولية أو ثانوية. قد تسبب الأمراض التنكسية -مثل داء باركنسون- خلل وظائف مستقلة أولي، بينما تؤدي الإصابات وغيرها من الآفات الصحية إلى خلل وظائف مستقلة ثانوي.

أعراض خلل الوظائف المستقلة:

تشمل الأعراض المحتملة لمريض خلل الوظائف المستقلة كلًا مما يلي:

  •  عدم القدرة على الوقوف باستقامة.
  •  الدوار والإرهاق، وعدم القدرة على التمرن، والغثيان والإغماء.
  •  اضطراب النظم القلبي، ولو كان تسرعًا أو تباطؤًا.
  •  ألمًا صدريًا.
  •  انخفاض ضغط الدم.
  •  مشاكل في الجهاز الهضمي.
  •  الغثيان.
  •  اضطرابات في الرؤية.
  •  مشكلات في التنفس.
  •  تقلبات مزاجية وقلق.
  •  الشقيقة.
  •  الرعاش.
  •  اضطرابات في النوم.
  •  التبول المتكرر.
  •  اضطرابات حرارة الجسم.
  •  مشكلات في التركيز والذاكرة.
  •  فقدان الشهية.
  •  الحساسية الحسية، خصيصًا تجاه الضوء والضجيج.

أنواع خلل الوظائف المستقلة:

يوجد على الأقل 15 نوعًا من أمراض خلل الوظائف المستقلة. يعد كل من الغشي المبهمي الوعائي ومتلازمة تسرع القلب الانتصابي الوضعي أكثر الأمراض شيوعًا.

الغشي المبهمي الوعائي:

تعد هذه الآفة أكثر حالات خلل الوظائف المستقلة شيوعًا، إذ تصيب عشرات ملايين البشر حول العالم. يشمل العرض الأساسي للمرض الإغماء الذي يتباين بحسب معدل تكراره. يتعرض بعض المرضى للإغماء من حين لآخر، بينما يعاني البعض الآخر منه بانتظام لدرجة عرقلته لحياتهم.

تسحب الجاذبية الدم للأسفل، بينما يعمل الجهاز العصبي المستقل السليم على ضبط نظم القلب وتقليص العضلات لمنع الدم من التجمع في القدمين، والتأكد من صعوده وصولًا للدماغ. يحدث الغشي المبهمي الوعائي نتيجة وجود خلل في هذه الآلية، ما يؤدي للإغماء.

إن تفادي المرضى الذين يعانون من الإغماء من حين لآخر للمحفزات يساعد على حل هذه المشكلة. ومن هذه المحفزات:

  •  الجفاف.
  •  التوتر.
  •  استهلاك الكحول.
  •  درجات الحرارة الدافئة/ الحارة.

قد ينصح الأطباء بتناول حاصرات بيتا، أو زرع ناظمة خُطى في الحالات الشديدة من المرض.

متلازمة تسرع القلب الانتصابي الوضعي:

تصيب هذه المتلازمة 1-3 ملايين فرد في الولايات المتحدة الأمريكية، 80% منهم إناث. وتؤثر المتلازمة في مرضى المناعة الذاتية.

تتضمن أعراضها:

  •  الدوار والإغماء.
  •  تسرع نبض القلب.
  •  ألم الصدر، والمعدة.
  •  الرجفان.
  •  الإحساس بالتعب بسهولة بعد التمرين.
  •  زيادة الحساسية للحرارة.

تعد هذه المتلازمة من أنواع خلل الوظائف المستقلة الثانوي. اكتشف العلماء وجود مستويات عالية من الواسمات المناعية لدى مرضى الخلل، إذ تصيب المتلازمة مرضى المناعة الذاتية -مثل داء جوغرن والذئبة الحمامية- أكثر من غيرهم.

تشمل أعراض هذه المتلازمة كلًا مما يلي:

  •  آفات وعيوب وراثية.
  •  السكري.
  •  متلازمة إهلر-دانلوس.
  •  العدوى، مثل داء كثرة وحيدات النوى وداء لايم.
  •  التسمم نتيجة استهلاك الكحول الزائد، أو العلاج الكيميائي، أو تسمم بالمعادن الثقيلة.
  •  التعرض الجسم لصدمة مثل حالات الحمل والجراحة.

ضمور الجهاز المتعدد:

يعاني حوالي 2-5 أشخاص من كل 100 ألف فرد من هذا الداء النادر. قد يخطئ الأطباء في تشخيصه اعتقادًا منهم أنه داء باركنسون، وذلك لتشابه الأعراض الأولية للمرضين.

تنهار وتضمر بعض مناطق الدماغ لدى مرضى هذه الآفة، خصيصًا المخيخ، والنوى القاعدية، وجذع الدماغ. ويسبب ذلك صعوبات في الحركة والنطق والتوازن وضغط الدم والتحكم بالمثانة.

لا يعلم الباحثون سبب هذه الآفة، ما يقف حاجزًا في طريق اكتشاف علاج له.

خلل المنعكسات المستقل:

تصيب هذه الآفة مرضى إصابات النخاغ الشوكي. وتزداد احتمالية إصابة المرضى بخلل الوظائف المستقلة بزيادة شدة خلل المنعكسات.

تحدث الآفة نتيجة تهيج المنطقة أسفل مستوى الإصابة، مثل التهابات السبيل البولي والكسور الهيكلية.

يمنع النخاع الشوكي نتيجة تضرره سيالات الألم من الوصول إلى الدماغ، ما يدفع الجهاز العصبي المستقل لرد فعل برفع ضغط الدم المتكرر.

تتضمن أعراض الداء ما يلي:

  •  الصداع.
  •  بقع جلدية.
  •  انسداد أنف.
  •  تباطؤ النبض.
  •  الغثيان.

تهدف معظم الأدوية لتخفيف الإصابة والتهيج، ومنه منع حدوث نوبات مستقبلية من الداء.

علاج خلل الوظائف المستقلة:

تتحسن أعراض مرضى النوع الثاني من خلل الوظائف المستقلّة بعلاج المرض المسبب له، بينما لا يوجد علاج للنوع الأول. يهدف العلاج إلى تخفيف أعراض المريض حتى يستطيع بدء برنامج تقوية الجسد وتهيئته، ما يساعد على تعديل تأثير اختلال التوازن الناتج عن خلل الوظائف المستقلة.

تعتمد خطة العلاج على نوع أعراض كل مريض وتفاصيلها. لكنها غالبًا ما تتضمن العلاج الطبيعي، والعلاج بممارسة الرياضة، وتقديم المشورة للمرضى حول كيفية التعامل مع تأثيرات خلل الوظائف المستقلّة على حياتهم.

قد يحتاج بعض المرضى تناول الأدوية لتخفيف الأعراض، وقد تتغير خطة العلاج بمرور الوقت تبعًا للتغيرات الجسدية الحاصلة.

ينصح الأطباء مرضى خلل الوظائف المستقلة بشرب 2-4 لترات من المياه يوميًا، وتقليل استهلاكهم اليومي من الملح حتى 4-5 غرام. يجب على المرضى الأصغر عمرًا تفادي الكافيين والمشروبات الغنية بالسكر.

العلاج البديل:

لا توجد طرائق بديلة لعلاج خلل الوظائف المستقلة. لكن بعض آليات العلاج التكميلية تساعد المرضى على التحكم بأعراضهم والتعامل معها، مثل:

  •  تمارين اليقظة والتأمل الواعي: قد يعاني مرضى الخلل من التوتر. فيكون من المفيد إضافة بعض تمارين التأمل مثل اليوغا، واليقظة، والتنفس إلى روتينهم اليومي.
  •  العلاج السلوكي المعرفي: يستعين المعالجون بهذه الطريقة لمساعدة المرضى على التغلب على بعض أنماط التفكير التي تسبب لهم القلق والتوتر.
  •  الكانابيديول: يستخرج هذا المركب من نبات القنب، لكنه لا يسبب الثمالة كما يسببها القنب. شملت دراسة أقيمت عام 2017 على 12 أنثى مصابة بخلل الوظائف المستقلة بعد إعطائهن لقاحًا ضد فيروس الورم الحليمي البشري، إذ أخذن الكانابيدول لمدة 3 أشهر. أبلغت المشاركات الثماني اللاتي استكملن العلاج كاملًا انخفاضًا كبيرًا في الآلام الجسدية، وتحسن درجات الأداء الجسدي، والحيوي، والاجتماعي.

تعد الحاجة إلى المزيد من الأبحاث أمرًا مؤكدًا، وذلك لصغر حجم العينة التي شملت نساءً بين أعمار 12 و 24 سنة. لكن الأبحاث المبكرة كانت واعدة.

أسباب خلل الوظائف المستقلّة:

تحدث أمراض خلل الوظائف المستقلّة الأولية نتيجة وجود أمراض وراثية أو تنكسية تصيب الدماغ والجهاز العصبي، بينما تلي أمراض خلل الوظائف المستقلة الثانوية إصابة الجسم بضرر أو مرض معين.

تشمل الأمراض التي تسبب النوع الثانوي من الداء كلًا مما يلي:

  •  السكري.
  •  الذئبة الحمامية.
  •  الحمى الرثوية.
  •  داء باركنسون.
  • الداء البطني الزلاقي.

تأثير خلل الوظائف المستقلة:

يعد خلل الوظائف المستقلة مجموعةً معقدةً من الأمراض، وتختلف طريقة تأثير الآفة في المرضى باختلاف ظروف كل منهم.

يعاني 25% من مرضى متلازمة تسرع القلب الانتصابي الوضعي من أعراض شديدة تمنعهم من العمل والنوم وقضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء، ويجد بعضهم صعوبات حتى في النشاطات الجسدية.

يؤثر خلل الوظائف المستقلة في الصحة النفسية أيضًا. فمثلًا، يعد ازدياد معدلات التوتر والاكتئاب عرضين شائعين للمتلازمة السابقة.

يمتلك خلل الوظائف المستقلة علاقات معقدة مع غيره من الأمراض، تتمثل بما يلي:

  •  اضطراب الكرب ما بعد الصدمة: تمنع الصدمة النفسية الجهاز العصبي المستقل من العمل كما ينبغي، ما يسبب أعراضًا نفسيةً وجسديةً ترتبط كثيرًا بخلل الوظائف المستقلة.
  •  انقطاع النفس الانسدادي النومي: يتوقف تنفس مرضى هذا الداء ويعاود البدء بشكل متكرر أثناء نومهم.
  •  نقص الفيتامينات: يعتقد المختصون أن فيتامين د له دور في أمراض المناعة الذاتية. إذ لاحظوا أن المستويات المنخفضة من فيتامين د قد تكون السبب وراء أعراض خلل الوظائف المستقلة.

التوقعات:

يختلف التوقع المستقبلي لخلل الوظائف المستقلة اعتمادًا على نوع الآفة، إذ يشمل الخلل مجموعةً من الأمراض متنوعة الشدة.

يتعافى معظم مرضى خلل الوظائف المستقلة الشباب، أو يتحسنون كثيرًا بحلول منتصف العشرينيات من أعمارهم وفقًا لبعض التقديرات، وذلك بالتزامهم بالعلاج ونمط الحياة المناسبين. مع ذلك، قد يعاني بعض المرضى من عودة الأعراض نتيجة تعرضهم للتوتر، مثل الحمل أو سن الضهي.

اقرأ أيضًا:

ما هو الجهاز العصبي الذاتي؟

المناعة الذاتية

ترجمة: رهف وقّاف

تدقيق: جنى الغضبان

المصدر