ربما تكون الأفاعي والعناكب والقروش حيواناتٍ مرعبةً حقًا، لكنَّ الحيوانات الأكثر رعبًا أصغرُ منها بكثير، نحن نتحدث عن الطفيليات، ديدان قد تسبب العمى، وأميبات “كائنات مجهرية وحيدة الخلية” قد تجعل دماغك متورمًا وقرّاد يمكن أن يسبب لك شللًا في الوجه.

سنتحدث الآن عن خمسةٍ من أكثر الطفيليات البشرية شرًا ورعبًا.

ديدان الفيلاريا (Filarial worms)

هي مجموعة سيئةُ السمعة من الديدان الاسطوانية، التي يمكن أن تسبب “داء الفيلاريا اللمفاوي” وهو مرض مداري معروف “بداء الفيل”.

أكثر هذه الديدان شيوعًا هي الفخرية البنكروفتية (Wuchereria bancrofti)، وهي مسؤولة عن 90% من مجمل الإصابات.

تنتقل هذه الطفيليات عبر البعوض، وعندما تصبح داخل مضيفها البشري الجديد، تحشر نفسها داخل الأوعية اللمفاوية لهذا المضيف، مسببةً دمار الجهاز اللمفاوي ( الجهاز المسؤول عن التخلص من الفضلات والسموم والمواد الضارة الأُخرى).

تستطيع هذه الديدان العيش في جسم الإنسان لحوالي ثمانية أعوام تقذف خلالها الملايين من اليرقات المجهرية في مجرى الدم.

في معظم الحالات، هذا المرض غير عَرَضي، أي أنَّ المصابين لا تظهر عليهم أيُّ أعراض للعدوى، مع أنَّ أجهزتهم اللمفاوية والمناعية بالإضافة إلى الكلى تكون عُرضةً للخطر.

تبدأُ الأعراض بالظهور على المصابين بعد سنينٍ من العدوى، وقد تتضمن هذه الأعراض وذمةً لمفيةً ( تورم في أنسجة الجسم، عادة الساقين، وتورم وتضخم كيس الصفن عند الرجال).

لا تقتصر أضرار هذه الإصابة على إعاقةٍ جسديةٍ فحسب، فغالبًا ما يصبح المصابين موسومين، ويواجهون صعوبات مادية واجتماعية مصاحبة لهذا المرض.

باختصار، الأمرُ ليس ممتعًا.

حالة شديدة لداء الفيل في الساق اليُمنى.

قُرَّادة الشّلل الأسترالية (Australian paralysis tick)

أستراليا غير مشهورة بالحيوانات اللطيفة والمحبوبة، بالطبع إذا استثنينا الكنغر والكوالا، يبدو كأنَّ كل ما فيها سيخرج لقتلك.
واحدةٌ من أصغر الحشرات المهدِّدة للحياة هي قرّادة الشلل الأسترالية.

هذه القرّادة الموجودة في الأدغال وبين الأعشاب الطويلة بالقرب من الساحل الشرقي لأستراليا، تتعلَّق بأسنانها بمُضِيفها الجديد، وتغرز أنيابها الحادة والطويلة في جلده، ثم تحقنه بلعابها المانع للتخثر لمنع تخثر الدم.

بينما تتغذى هذه الطفيليات، تتضخم وتتحول إلى كتلة زرقاء رمادية بطول سنتيمتر واحد.
في أغلب الأحيان، لا تسبّبُ عضة القراد سوى انتفاخًا موضعيًا وحكة، وفي حالاتٍ نادرة قد تسبب شلل القراد وردود فعل تحسسيّة شديدة.

هناك أيضًا متلازمة جديدة غريبة، فبعض المرضى يظهرون تفاعلاتٍ تأقية “صدمة حساسية” بعد تناول اللحوم والمنتجات الحيوانية، تدعى هذه الحالة “حساسية لحوم الثديات التي يسببها القراد”.

يمكن أن تشمل الأعراض المُبكرة لشلل القراد طفحًا جلديًا، صداعًا، حمى، حساسية للضوء الساطع، أعراض الأنفلونزا، ترنح، ضعفًا في الأطراف وشللًا جزئيًا في الوجه؛ وإذا لم تتم إزالة القراد، يمكن أن يموت المريض بسبب شلل في الجهاز التنفسي.

صورة قبل وبعد التطفُّل لقرادة الشلل الأسترالية.

ذبابة الدودة اللولبية (Screw Worm fly)

داء النغاف هو عدوى تسببها اليرقات بشكل أساسي، لا يهم نوع الذبابة المتورطة في هذه العدوى، فهي بكل الأحوال ليست بالأمر السار.

لكن ما قد يكون الأسوأ، هي ذبابة الدودة اللولبية للعالم الجديد (المُتحلِّزة الشرهة للبشر، Cochliomyia hominovorax) وهي نوع أساسي من الديدان اللولبية الموجودة في المكسيك وجنوب أميركا وأحيانًا في الولايات المتحدة الأميركية.

بعكس جميع اليرقات، تحب الديدان اللولبية التهام النسج الحية، لذا تقوم أنثى هذا الذباب بوضع البيوض، أحيانًا 400 بيضة، في الجروح المفتوحة للحيوانات الحية؛ تفقس هذه البيوض لاحقًا لتُسبب تقرحات.

تحفر هذه اليرقات، التي تعيش في اللحم، لنفسها أعمق داخل مضيفها، مستخدمةً فكّيها القويين وأجسامها لولبية الشكل، والمغطاة أيضًا بأشواك صغيرة تساعدها على التمسُّك بأنسجة الجسم.

لا تسبب هذه الديدان تدمير الأنسجة وحسب، بل بإمكانها التسبُّب بإنتانات جرثومية ثانوية.
بعد فترة معينة، ستخرج هذه اليرقات من جسم المضيف، وتسقط على الأرض لتتحول إلى ذبابات.

لحسن الحظ، هذه الحالات نادرة الحدوث عند الإنسان، لكن عندما تحدث تكون عنيفةً جدًا وسريعة.

على سبيل المثال، أصيبت امرأة في عطلتها في جمهورية الدومينيكان، استيقظت هذه المرأة مع تهيج في أذنها، والذي تحول إلى ألم مع إفرازات دموية. وجد الأطباء الدودة تعشش في مجرى السمع الظاهر، ويجب إزالتها يدويًا لتستطيع قناة أذنها ترميم نفسها من جديد.

صورة لدودة العالم الجديد اللولبية.

كُلَّابيّة الذَّنب المُلتوية (Onchocerca volvulus)

طفيلي مسؤول عن “داء كلابية الذنب” المعروف باسم “عمى النهر”، مرض بإمكانه أن يسبب تشوهات جسيمة للجلد أو حتى العمى.

توجد بشكل أساسي في المناطق المدارية، وحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية “WHO” يوجد أكثر من 25 مليون مصاب و 123 مليون شخص معرض لخطر الإصابة.

ينتقل هذا الطفيلي بشكل “مايكروفيلاريا”، حقن أنثى الحشرة الناقلة اليرقات في مجرى الدم عبر عضة الذبابة السوداء “الذلفاء” المصابة.

تستغرق هذه اليرقات ما يقارب عامًا لتنمو إلى ديدان بالغة، ويمكنها العيش من 10 إلى 15 سنة في جسم الإنسان.

خلال هذه الفترة، تستطيع أنثى الديدان إنتاج الملايين من ذراريها التي تجوب جسم المضيف عبر النسيج تحت الجلد إلى الجلد والعينين وباقي الأعضاء؛ مسببةً ردود فعل التهابية شديدة عندما تموت.

يمكن للمايكرو فيلاريا أن تسبب طفحًا جلديًا، تورمًا، التهابًا، آفاتٍ، وعقدياتٍ تحت الجلد؛ والتي بدورها قد تسبب إلتهابًا جلديًا إن لم تعالج بالشكل المطلوب.

كل هذه التفاعلات تؤدي إلى خسارة مرونة الجلد مما يعطي مظهرًا يشبهُ “جلد السحلية” وفي بعض الحالات تصبُّغات “جلد النمر”.

تعد كُلَّابيّة الذَّنب المُلتوية المُسبِّب الرئيسي الرابع للعمى الذي يمكن الوقاية منه، حوالي 300,000 شخص أصيبوا بالعمى بسببها، وما يزيد عن 800,000 شخص سببت لهم أضرارًا جسيمةً بالرؤية.

يرقة كُلَّابية الذنب المُلتوية.

النجليرية الفلورية (Naegleria fowleri)

أنت حقًا لا تريد الإصابة بهذا الطفيلي، رغم أنَّ معدلات الإصابة به منخفضة، فحتى عام 2012 لم يشهد العالم سوى 310 حالات إصابة، لكنه يبقى أكثرَ مخلوقٍ فتَّاك في هذه القائمة، إذ أنَّ نسبة الوفاة عند الإصابة به 97%. هذا الطفيلي معروف أيضًا باسم “الأميبي ملتهم الدماغ”.

يتغذى طفيلي المياه العذبة هذا عادةً على البكتيريا الموجودة في البحيرات والأنهار والتربة، وفي حالات نادرة قد يتطفل على الإنسان، فهو يدخل ضحيّته المسكينة من فتحة الأنف سابحًا للأعلى، ومن هناك يشق طريقه إلى داخل الدماغ ليدمر أنسجته، مما يسبب تورم الدماغ الذي ينتهي غالبًا بالموت.

الأعراض المبكرة لهذه الإصابة قريبة من أعراض التهاب السحايا الجرثومي، فالمصابون يعانون من تصلب في النقرة، فقدان توازن، ونوبات بالإضافة إلى خليط من مشاعر الإرتباك والقلق والهلوسة.

ينجم الموت، عن التهاب السحايا والدماغ الأميبي الأولي المُسبَّب بهذا الطفيلي، والذي يحدث عادةً في غضون 5 أيام من العدوى.

صورة مقربة للنجليرية الفلورية.


  • ترجمة: محمد يحيى حسين.
  • تدقيق: أحلام مرشد.
  • تحرير: رؤى درخباني

المصدر