يُعد داء بهجت -المعروف أيضًا باسم مرض طريق الحرير- حالةً التهابيةً مزمنة ناتجة عن التهاب الأوعية الدموية، ما يؤثر سلبًا في الشرايين والأوردة ويسبب لها الضرر.

ينتشر داء بهجت في جميع أنحاء العالم، ويصاب به الرجال والنساء، لكنه أكثر شيوعًا في الشمال التركي بنحو 420 حالة لكل 100000 شخص، وحوض البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط بنحو 300 حالة لكل 100000 شخص، لكنه ليس شائعًا في الشرق الأقصى والولايات المتحدة.

أعراض داء بهجت:

تبدأ الأعراض عادةً في الظهور بين عمر 20 و30 عامًا.

تشمل الأعراض الرئيسية ما يلي:

  •  تحدث تقرحات الفم لدى جميع مرضى داء بهجت في وقت ما، وعادة ما تكون ناكسة (تستمر في العودة) ومؤلمة، وتبدو بمظهر القرحة الشائعة لكنها أكثر عددًا وناكسة ومؤلمة. غالبًا ما تكون العرض الأول الذي يلاحظه الشخص، وقد تحدث قبل وقت طويل من ظهور أي أعراض أخرى. تظهر تقرحات الفم على الشفاه واللسان وباطن الخد.
  •  تبدو القرحات التناسلية مشابهة لقرحات الفم وقد تكون مؤلمة، لكنها ليست شائعة مثل قرحات الفم. تظهر على كيس الصفن (الكيس الذي يحيط بالخصيتين) عند الرجال وعلى الفرج (الأعضاء التناسلية الخارجية) عند النساء.
  •  قد يسبب التهاب العين الألم أو الرؤية الباهتة أو الحساسية للضوء أو الإدماع أو احمرار العين. وقد يؤدي داء بهجت في النهاية إلى فقدان البصر، وتعد أمراض العيون الشديدة التي تسبب العمى أكثر شيوعًا في الشرق الأوسط واليابان منها في الولايات المتحدة.
  •  تُعد مشكلات الجلد من الأعراض الشائعة، وقد تبدو مثل حب الشباب أو عقيدات رقيقة على شكل عملة معدنية، أو تقرحات قد تكون سطحية أو عميقة ومؤلمة. قد يظهر نتوء أو قرحة حمراء عند خدش الجلد أو وخزه. ويسمي الأطباء ذلك اختبار pathergy إيجابي.
  •  يعد ألم المفاصل أمرًا شائعًا، وغالبًا ما يتأثر الكاحلان والركبتان والمرفقان والوركان. ويسبب التهاب المفاصل تورمًا واحمرارًا وألمًا، مع إنه لا يسبب عادةً ضررًا دائمًا.
  •  قد يؤدي التهاب الوريد إلى حدوث الجلطات وتضيقات، أو يسبب انسدادًا تامًا في الوريد، وقد يؤثر في كل من الأوردة السطحية (القريبة من سطح الجلد) والأوردة العميقة. وقد يؤثر أيضًا في الوريد الأجوف (أكبر وريد في الجسم)، ما يؤدي إلى مشكلات صحية خطيرة، تحدث مشكلات الأوردة هذه بسبب الالتهاب، وليس بسبب خلل في نظام تخثر الجسم.
  •  قد يتأثر الدماغ أيضًا وخاصة السحايا (أغشية الدماغ). وتشمل أعراض الالتهاب في الدماغ الحمى والصداع وتيبس الرقبة وصعوبة تنسيق الحركة. وقد يسبب أيضًا السكتة الدماغية التي تحدث عند انسداد الأوعية الدموية في الدماغ أو تمزق.
  •  تشمل أعراض الجهاز الهضمي ألمًا في البطن أو ظهور دم في البراز، بسبب آفات مشابهة لتلك التي تظهر في الفم والمنطقة التناسلية، وتُعد الآفات في الجهاز الهضمي أكثر خطورة لأنها قد تسبب نزيف الأمعاء أو تمزقها.
  •  تتأثر أحيانًا الأعضاء الأخرى، مثل الرئتين أو الكليتين والأوعية الكبيرة (مثل الشريان الأبهر).

أسباب داء بهجت:

ما يزال العلماء غير متأكدين بالضبط من أسباب هذا المرض، قد يكون اضطراب المناعة الذاتية، أي أن الجهاز المناعي للجسم يهاجم الأنسجة السليمة خطأً مع حدوث استجابة التهابية.

تٌعد الواسمات الجينية (HLA-B5 وHLA-B51) من المورثات التي توجد أحيانًا في المرضى الذين يعانون من داء بهجت، ولكن يوجد بعض الأشخاص الذين لديهم هذا الواسم الجيني ولا يعانون من داء بهجت.

يدرس الباحثون جينات أخرى مرتبطة بوظيفة المناعة، ويعتقدون أن العدوى (إما البكتيريا أو الفيروس) قد تؤدي دورًا في تحفيز المرض لدى بعض الأشخاص الذين لديهم مورثات مؤهبة للإصابة بداء بهجت. وتُعد العوامل الوراثية والبيئية من العوامل المحتملة.

من الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بداء بهجت؟

الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض من غيرهم:

  •  الذين يعيشون في مناطق العالم التي ينتشر فيها هذا المرض.
  •  ذوي الأعمار من 20 إلى 40.
  •  امتلاك جينات محددة (نظرًا لوجود HLA-B5 أو HLA-B51 في بعض المرضى).
  •  الرجال أكثر عرضة من النساء للتعرض لهذا المرض.

لا يوجد دليل واضح يشير إلى أن داء بهجت مرض وراثي، وتتطور معظم الحالات عشوائيًا دون أي صلة عائلية. وحتى مع النسب القليلة للإصابة ضمن نفس العائلة، لا يوجد نمط وراثي واضح.

التشخيص والاختبارات:

لا يوجد اختبار واحد مؤكد لتشخيص داء بهجت. وعادةً ما يُشخص بناءً على الأعراض، مثل عدد مرات نكس قرحات الفم، عادةً ثلاث مرات على الأقل في السنة. بالإضافة إلى اثنين على الأقل مما يلي:

  •  القروح التناسلية.
  •  التهاب العين.
  •  مشكلات بشرة.
  •  اختبار pathergy إيجابي، إذ يختبر وظائف الجهاز المناعي بوخز الجلد والتحقق من ظهور نتوء أحمر يظهر بعد أيام قليلة من الاختبار.

يتطلب التشخيص الصحيح استبعاد الأمراض الأخرى التي تسبب تقرحات في الفم وتشبه إلى حد كبير داء بهجت. قد يطلب الطبيب فحص دم ليساعد على استبعاد الحالات الأخرى مثل الذئبة الجهازية وداء كرون الالتهابي المعوي وأشكال أخرى من التهاب الأوعية الدموية.

التدبير والعلاج:

لا يوجد علاج حاليًا لهذا المرض، لكن توجد بعض الأدوية المختلفة التي تُستخدم للمساعدة على تخفيف الأعراض:

  •  تُعد الكورتيكوستيرويدات العلاج الرئيسي، إذ تعمل هذه الأدوية على تثبيط الالتهاب ووظيفة المناعة.
  •  قد يساعد الكولشيسين على علاج تقرحات الفم وتقرحات الأعضاء التناسلية وربما آلام المفاصل.
  •  الأدوية المثبطة للمناعة الأخرى مثل الميثوتريكسات والأزاثيوبرين وسيكلوفوسفاميد والسيكلوسبورين.
  •  تُستخدم الأدوية البيولوجية أيضًا مثل مضاد TNF (عامل التنخر الورمي) وإنفليكسيماب وإيتانرسبت وتوسيليزوماب وغيرها في الحالات الأكثر شدة. ولأن هذه الأدوية مثبطة للمناعة، فإنها قد تجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بالعدوى.
  •  تُتسخدم أبريميلاست لعلاج تقرحات الفم لدى المرضى الذين يعانون من داء بهجت.

يقترح الطبيب اعتمادًا على شدة الحالة، استخدام قطرات العين وغسول الفم ومراهم الجلد للسيطرة على المرض وأعراضه، قبل استخدام الدواء.

سير المرض:

يعد داء بهجت مرضًا مزمنًا، قد يختفي ثم يعاود الظهور، وهذا يجعل من الصعب معرفة مدى نجاح العلاج. وقد يعاني معظم المرضى الأعراض بأوقات متقطعة طوال حياتهم.

تحدث الوفاة في نحو 5% من المرضى، غالبًا ما تكون أسباب الوفاة هي انثقاب الأمعاء، والسكتات الدماغية، وتمزق الأوعية الدموية المتضخمة والضعيفة (تمدد الأوعية الدموية).

هل توجد طرق للتعامل بنجاح مع داء بهجت؟

لا يعد داء بهجت في حد ذاته قاتلًا تمامًا، وتدبير هذا المرض والتعايش معه بنجاح أمر ممكن جدًا، خاصة إذا كان بالإمكان العثور على طرق لممارسة الرياضة باستمرار والراحة والتحدث عن التجربة مع الآخرين الذين يعانون أيضًا من هذا المرض النادر.

تُعد الراحة والنشاط من آليات التكيف المفيدة، فالنشاط الدائم يخفف الألم في المفاصل والمناطق الأخرى التي تعاني من المشكلات. وأخذ بعض الوقت للراحة عندما يبدأ الشعور بألم شديد يؤدي أيضًا إلى تحسين المزاج العام وتقليل تأثير بعض الأعراض.

اقرأ أيضًا:

كل ما عليك معرفته عن خثار الجيوب الوريدية الدماغي

التهاب الأوعية الدموية الناخر: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

ترجمة: زينب عبد الكريم

تدقيق: محمد حسان عجك

المصدر