يُعد داء غوشيه اضطرابًا جينيًا وراثيًا لكنه نادر، ويسبب ألم العظام والأنيميا، وتضخم الأعضاء، وانتفاخ البطن وألمه، إضافةً إلى مشكلات في الكدمات النزيف.

بالتعريف، ينتمي داء غوشيه إلى أدواء الاختزان في الجسيمات الحالة الوراثية (LSD) التي تُسبب تراكم المواد الدسمة (الشحوم السفنغولية) في نقي العظام والكبد والطحال. يُضعف تراكم الشحوم السفنغولية العظام ويُضخم الأعضاء ما يمنعها أداء وظائفها.

توجد ثلاثة أنماط من داء غوشيه، تتشابه الأنماط الثلاثة في أعراض العظام والأعضاء الأخرى ذاتها، وبعضها يسبب أذية في الدماغ والجهاز العصبي أيضًا. لكن النمط الأول قابل للتدبير بتخفيف الأعراض وتحسين نوعية حياة المريض مع إنه لا يوجد علاج نهائي لداء غوشيه.

داء غوشيه النمط الأول:

يُعد هذا النمط الأكثر شيوعًا في الولايات المتحدة، إذ تبلغ نسبته 95% من إجمالي الإصابات (نحو 6000). ويؤثر في الطحال والكبد والدم والعظام، بينما لا يؤثر في الدماغ أو النخاع الشوكي. ويوجد علاج لأعراض داء غوشيه النمط الأول لكن لا يوجد علاج نهائي له. تتميز أعراض معظم مرضى هذا النوع بكونها خفيفة، وقد تعاني فئة أخرى من تكدم شديد، وتعب، وآلام شديدة خصيصًا في العظام والبطن. قد تظهر الأعراض في مختلف الأعمار.

داء غوشيه النمط الثاني:

يُعد النمط الثاني حالة نادرة إذ يظهر لدى الأطفال الأصغر من عمر 6 أشهر، ويُسبب الداء تضخم الطحال، ومشكلات في الحركة، وأذية دماغية شديدة. لا يوجد علاج لداء غوشيه النمط الثاني، ويموت الأطفال المصابون بهذا الداء في غضون سنتين إلى ثلاث سنوات.

داء غوشيه النمط الثالث:

يُعد النمط الثالث من الداء النوع الأكثر شيوعًا عالميًا، ويظهر قبل عمر 10 سنوات، ويعاني المريض اضطرابات عظمية وعضوية بالإضافة إلى مشكلات عصبية دماغية. يُساعد العلاج في إطالة حياة المريض حتى العشرينيات أو الثلاثينيات من عمره.

أسباب داء غوشيه:

يُعد داء غوشيه اضطرابًا استقلابيًا وراثيًا، وسببه طفرة في جين GBA المسؤول عن تشكيل إنزيم غلوكوسيريبروزيداز (GCase)، فيعاني مرضى داء غوشيه نقصًا في هذا الإنزيم. وتُعد الإنزيمات شبه الغلوكوسيريبروزيداز بروتينات مسؤولة عن تحطيم الشحوم (السفنغوليبيدات) في الجسم.

عند وجود مشكلات في تصنيع هذا الإنزيم تتراكم الشحميات الكيميائية (تسمى خلايا غوشيه) في الأعضاء، ونقي العظام، والدماغ. تُسبب الشحوم الزائدة المتراكمة في الجسم مجموعة واسعة من المشكلات والأعراض، ما يؤثر في آلية عمل الأعضاء، وتحطم الكريات الحمراء، وتضعف العظام.

أعراض داء غوشيه:

تختلف أعراض داء غوشيه بين شخص وآخر، إذ يُعاني بعض مرضى داء غوشيه من أعراض خفيفة بينما لا تظهر أي أعراض على آخرين، وقد تؤدي الأعراض لدى فئة أخرى إلى مشكلات صحية شديدة أو حتى الموت.

مشكلات الأعضاء والدم:

يُؤدي تراكم الشحميات الكيميائية في الجسم إلى ظهور مجموعة واسعة من الأعراض في الأعضاء والدم. قد تظهر أحيانًا بقع متصبغة بنية اللون على الجلد، وفيما يلي أعراض متراوحة الشدة بين القوية والخفيفة:

  •  فقر الدم: تتحطم الكريات الحمراء نتيجة تراكم الشحوم في نقي العظام ما يسبب بالنتيجة فقر الدم، والكريات الحمراء هي التي تنقل الأكسجين.
  •  تضخم الأعضاء: يزداد حجم الكبد والطحال نتيجة تراكم الشحميات الكيميائية، ما يظهر على هيئة بطن طري متطبل. يعمل الطحال المتضخم على تحطيم عدد أكبر من الصفيحات (الخلايا تساعد على تخثر الدم)، يؤدي ذلك لانخفاض تعداد الصفيحات في الدم ومشكلات نزفية.
  •  مشكلات التكدم والنزوف والتخثر: يسبب انخفاض تعداد الصفيحات لدى مرضى داء غوشيه إصابتهم بالكدمات بسهولة. فلا يتخثر دم المرضى بطريقة صحيحة ما يعرضهم لخطر النزوف الشديدة والمستمرة حتى بعد الإصابات الطفيفة، أو العمليات الجراحية، أو الرعاف.
  •  الإرهاق: يشعر مرضى داء غوشيه بالتعب والإرهاق نتيجة إصابتهم بفقر الدم.
  •  مشكلات رئوية: تتجمع الشحميات الكيميائية في الرئة مسببةً صعوباتٍ في التنفس.

مشكلات العظام:

تضعف العظام وتتسكر عند نقص إمدادها بالدم والأكسجين والمغذيات. تتمثل أعراض مرضى داء غوشيه المؤثرة في العظام والمفاصل بما يلي:

  •  الألم: يسبب انخفاض تدفق الدم للعظام آلامًا فيها. يُعد كل من التهاب المفاصل، وآلامها، وأذيتها أعراضًا شائعةً لداء غوشيه.
  •  تنخر العظام: تظهر هذه الآفة المعروفة باسم نخر انعدام الأوعية نتيجة قلة مستوى الأكسجين الواصل للعظام. يتكسر النسيج العظمي نتيجة قلة الأكسجين ويموت تدريجيًا.
  •  سهولة انكسار العظام: يتسبب داء غوشيه بإصابة المريض بترقق العظام نتيجة قلة كمية الكالسيوم فيها. تنكسر العظام بسهولة عند الإصابة بترقق العظام أو قلة العظام (وهي حالة أخف من ترقق العظام). وتؤدي العظام الضعيفة إلى عيوب بنيوية.

المشكلات المؤثرة على الدماغ وجذعه:

يُسبب كل من النمط الثاني والثالث من داء غوشيه مشكلات عصبية دماغية إضافةً إلى مشكلات الدم والأعضاء والعظام. تظهر هذه الأعراض لدى الأطفال المصابين بداء غوشيه النمط الثاني خلال 6 أشهر الأولى من حياتهم، بالإضافة لامتلاكهم عيوبًا جلدية عند الولادة. تظهر أعراض داء غوشيه النمط الثالث بعمر 10 سنوات وتزداد شدتها مع الوقت.

تتضمن الأعراض العصبية لكل من داء غوشيه النمط الثاني والثالث ما يلي:

  •  تأخر نمو الأطفال المرضى بالنمط الثاني من الداء وصعوبات إطعامهم.
  •  صعوبات الإدراك.
  •  مشكلات عينية تتجلى عند محاولة تحريك العين من جهة للأخرى.
  •  مشكلات التنسيق والمهارات الحركية الإجمالية.
  •  نوبات، وتشنجات عضلية، وحركات سريعة تشنجية.

من يُصاب بداء غوشيه؟

قد يُصاب أي شخص بهذا الداء، لكن اليهود ذوي الأصول الأشكنازية لديهم احتمالية إصابة أكبر بداء غوشيه النمط الأول (بنسبة 1 من كل 450) بينما يحمل 1 من كل 10 منهم الجين الطافر المسبب له.

لا تؤدي أصول الفرد دورًا في الإصابة بالنمط الثاني والثالث من الداء، إذ يُصيب هذا الداء جميع الأعراق.

تشخيص داء غوشيه:

يُشخص الداء بالاعتماد على اختبارات الدم الكاشفة عن مستوى الإنزيم، أو اختبارات DNA الكاشفة عن وجود الطفرة الجينية المسؤولة عن ظهور داء غوشيه.

يُجرى اختبار DNA باستخدام اللعاب أو الدم للكشف عن كون الشخص حاملًا للمرض أم لا. لا تظهر أي أعراض على حاملي المرض لكنهم يستطيعون نقل المرض لأطفالهم.

علاج داء غوشيه:

يُفيد العلاج المنتظم المعتمد على زيادة مستوى الإنزيم أو تقليل كميات الشحوم المتراكمة في الجسم في علاج النمط الأول من داء غوشيه. ولا يوجد علاج للأضرار العصبية التي يسببها النمط الثاني والثالث من الداء. ويتضمن علاج داء غوشيه النمط الأول ما يلي:

 علاج تبديل الإنزيم:

يُعطى هذا الإنزيم بحقنة في الوريد مرة كل أسبوعين. يُساعد ذلك على إيصال الإنزيم للأعضاء والعظام مانعًا تراكم الشحوم الكيميائية في الجسم.

 علاج تخفيض الركيزة:

يتناول المريض أدوية العلاج فمويًا بانتظام لتجنب أذية الجس لتخفيض الشحوم الكيميائية المتراكمة في الجسم.

الوقاية من الإصابة بداء غوشيه:

لا يمكن وقاية المريض من الإصابة بالداء عند امتلاكه للطفرة الجينية، لكن العلاج المبكر لداء غوشيه النمط الأول يُساعد على منع تضرر العظام والأعضاء.

يُساعد المستشار الجيني الشخص الحامل للمرض في تشكيل خطة تقي من احتمالية تمرير الجين الطافر لأطفاله.

ماذا يتوقع مريض داء غوشيه؟

يتحكم مرضى داء غوشيه النمط الأول بوضعهم الصحي، ويُكملون حياتهم بمتابعة مختص والالتزام بالعلاج الدائم. أما داء غوشيه غير المُعالج فيُسبب أضرارًا عديدة.

يُساعد العلاج مرضى النمط الثالث على العيش حتى 20 أو 30 من عمرهم، ويستهدف العلاج مشكلات العظام، والدم، والأعضاء ولا يُعالج الأضرار العصبية الدماغية.

يموت الأطفال المرضى بالنمط الثاني خلال السنوات الثلاثة الأولى نتيجة تضرر الدماغ.

متى يجب التواصل مع الطبيب؟

يجب إجراء اختبارات للأهل والأبناء وإخبار أفراد العائلة الآخرين عند إصابة أحد الأطفال بالداء أو وجود تاريخ مرضي عائلي. يُفضل أيضًا إجراء اختبار DNA قبل الإنجاب لدى اليهود ذوي الأصول الأشكنازية.

اقرأ أيضًا:

متلازمة آيزينمينغر: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

داء تاي ساكس: البله المميت

ترجمة: رهف وقّاف

تدقيق: محمد حسان عجك

المصدر