الماريجوانا هي أكثر المخدرات شيوعًا على المستوى العالمي. ولكن حتى مع تحسن إمكانية الحصول على الحشيش أو نبات القنب الهندي بشكل قانوني، لا يزال الباحثون يستخرجون الآثار الصحية طويلة الأمد لهذه الأعشاب وخاصة على الصحة الجنسية و الحيوانات المنوية .

تكمن المشكلة في عدم تطابق كل النتائج، ما يجعل من الصعب على المدمنين اتخاذ قرارات صائبة. وتبقى النصيحة بالنسبة للرجال الذين يدخنون الماريجوانا ويخططون لإنجاب أطفال أكثر حيرة وإرباكًا.

وجدت دراسة أجريت في عام 2015 أن لدى الرجال الدنماركيين الذين يدخنون الماريجوانا أكثر من مرة في الأسبوع عددًا أقل من الحيوانات المنوية من العدد الطبيعي. بالإضافة إلى ذلك، وجدت دراسة من العام الماضي أنه يمكن للمكون الفعال للماريجوانا (رباعي هيدرو كانابينول – THC) أن يغير من هيكلية وتطور الحمض النووي للحيوانات المنوية.

ورغم أننا ما زلنا نجهل إمكانية أن تتوراث هذه التغيرات؛ ينبّه بعض الباحثين على أنه يجب على الرجال في سنوات الإنجاب أن يفكروا في كيفية تأثير هذه الأعشاب الضارة على خصوبتهم وربما على أبنائهم.

ومع ذلك، لا يزال تأثير تدخين هذه النباتات غير مؤكد لوجود أي شيء يدعو للقلق؛ لأن معظم هذا البحث يقوم على نماذج حيوانية وعلى أشخاص لديهم تاريخ لتعاطي المخدرات.

دحضت دراسة طويلة المدى من جامعة هارفارد الأبحاث الماضية، لتنقلب المعادلة في الاتجاه المعاكس تمامًا. إذ فحص الباحثون أكثر من ألف عينة من السائل المنوي لـ 662 رجلًا بين عامي 2000 و2017، ووجد الباحثون شيئًا غير متوقع. إذ أشارت الدراسة إلى أنه يبدو أن الرجال الذين بدؤوا تدخين الماريجوانا في مرحلة ما من حياتهم لديهم تركيزات أعلى من الحيوانات المنوية أكثر من أولئك الذين لم يدخنوها أبدًا.

قال المؤلف المشارك (خورخي شافارو – Jorge Chavarro)، خبير في التغذية وعلم الأوبئة في جامعة هارفارد: «تسلط هذه النتائج غير المتوقعة الضوء على مدى ضآلة معرفتنا عن تأثيرات الماريجوانا على الصحة الإنجابية، وفي الواقع على الآثار الصحية للماريجوانا بشكل عام. يجب تفسير نتائجنا بحذر، نحن بحاجة إلى مواصلة دراسة الآثار الصحية المترتبة على استخدام الماريجوانا».

ركزت الدراسة على تعاطي الماريجوانا، إذ أجاب الرجال المشاركون في هذه الدراسة عن أسئلة دارت حول تعاطيهم الماريجوانا مؤخرًا، أو عن الكمية التي يدخنونها حاليًا، أو ما إذا كانوا قد فعلوا ذلك في الماضي. ومن بين جميع المشاركين، كان حوالي 55% قد دخنوا الماريجوانا بكثافة من قبل، و44% جربوها في الماضي، في حين كان 11% يدخنون الماريجوانا حاليًا.

وبمقارنة هذه النتائج مع عينات من حيواناتهم المنوية، وجد الباحثون أن الرجال الذين كانوا يدخنون الماريجوانا كان متوسط ​​تركيز الحيوانات المنوية لديهم 62.7 مليون حيوان منوي لكل ملليلتر. بينما لم يكن لدى أولئك الذين لم يدخنوا الماريجوانا سوى 45.4 مليون حيوان منوي لكل ملليلتر.
ويبدو أنه لا يهم ما إذا كان الرجال مدخنين سابقين أو حاليين، إذ يبقى الفارق على حاله في كلتا الحالتين.

بالإضافة إلى ذلك، كانت مستويات هرمون التستوستيرون لدى هؤلاء الرجال مختلفة أيضًا. إذ وجد الباحثون أن زيادة تعاطي الماريجوانا ترتبط بمستويات أعلى من هرمون التستوستيرون في الدم.

وأكثر من ذلك، فقد كان الذين لم يدخنوا أبدًا أكثر عرضة للخطر. ففي الواقع، ازداد احتمال انخفاض هذه المجموعة إلى أقل حد مسموح لمستويات الحيوانات المنوية -والذي حددته منظمة الصحة العالمية (WHO)- للضعف.

لم يتوقع المؤلفون تلك النتائج، لكنهم أخذوها على محمل الجد. تعمل الماريجوانا على الجهاز الحيوي (إندوكانابينويد – endocannabinoid) أو (ECS) والمعروف بكونه يلعب دورًا في الخصوبة، لذلك يقول المؤلفون إنه قد تكون هناك بعض المنفعة لإنتاج الحيوانات المنوية باستخدام مستويات منخفضة من الماريجوانا. ولكن، ليس هذا هو التفسير الوحيد لما يحدث؛ إذ توجد تغيرات أخرى ليس لها دور في ظل وجود العشب نفسه.

يقول (فيبي ناسان – Feiby Nassan)، الباحث في مجال الصحة البيئية والتغذية في جامعة هارفارد: «يوجد تفسير مقنع بنفس القدر، وهو أن النتائج التي توصلنا إليها قد تعكس حقيقة أن الرجال الذين لديهم مستويات أعلى من هرمون التستوستيرون أكثر عرضة للوقوع في سلوكيات تسعى وراء المخاطرة بما في ذلك تدخين الماريجوانا».

وقد يكون هذا الاختلاف في وظائف الأعضاء أو غيرها من السلوكيات المرتبطة مسؤولًا أيضًا عن الاختلاف في أعداد الحيوانات المنوية، بدلًا من لعب الماريجوانا دورًا مباشرًا في هذه النتائج.

في الوقت الراهن، لا توجد أدلة كافية للتوصل إلى أي استنتاجات حول تأثير استخدام الماريجوانا على الحيوانات المنوية الذكرية.

نُشرت هذه الدراسة في مجلة Human Reproduction.

اقرأ أيضًا

قد يؤثر الحشيش على التركيب الوراثي للحيوانات المنوية
الماريجوانا والعواقب الصحية : حقيقة ام فزاعة ؟
كيف يؤثر استهلاك الكحول باعتدال على جودة الحيوانات المنوية؟

المصدر

ترجمة صفا عازار – تدقيق محمد سعد السيد