دراسة لجامعة هارفرد تقول بأن مزارع طاقة الرياح من الممكن أن يكون لها تأثير احتباس حراري محلي، وهذا لا يعني أن الوقود الأحفوري أفضل.

إذا كان العالم يريد أن يتجنب تغيرًا مناخيًا كارثيًا فنحن نحتاج لإيقاف استهلاك الوقود الأحفوري والبدء بالحصول على الطاقة من مصادر الطاقة المتجددة – التي تشمل الطاقة الحرارية الأرضية والوقود العضوي والطاقة المائية ومزارع الخلايا الشمسية والرياح – في أقرب وقت ممكن.

طاقة الرياح هي حل رائع للغاية، وذلك باعتبارها واحدة من أرخص الطرق وأكثرها فاعلية لإنتاج الطاقة الكهربائية، ولكن هذا لا يعني أن طاقة الرياح لا تسبب آثارًا جانبية محتملة، وذلك استنادًا لدراسة نشرت اليوم في صحيفة جول.

إذا قمنا ببناء محطات رياح كافية لتزويدنا بكافة الطاقة الكهربائية المستخدمة في الولايات المتحدة (الطاقة التي نستخدمها عند نقر مفتاح الإضاءة أو عندما نشحن هواتفنا، وليست تلك التي نستخدمها لتزويد السيارة بالشحن أو من أجل الصناعات) ففي الواقع كل هذه العنفات شديدة الحركة سوف تغير تدفق الهواء في الأعلى.

إعادة توزيع الحرارة هذا قد يرفع درجة حرارة المناطق المجاورة لمزارع الرياح بما يقارب 0.24 درجة مئوية (0.42 فهرنهايت) وهي حقًا زيادة مؤثرة، وبمعنى آخر فإن توليد الطاقة من الرياح ما يزال يملك تأثيرات على المناخ.

ولكن هذا لا يعني إنها تسبب تغيرًا في المناخ، وذلك وفقًا لـ لي ميلر الباحث في دراسات متقدمة مع مجموعة كيث في هارفرد والمؤلف المشارك في هذه الدراسة الجديدة مع باحث الهندسة الجيولوجية والمناخية ديفيد كيث.

وكما أخبر ميلر بيزنس إنسايدر فإن هذا التأثير للاحتباس الحراري هو تأثير محلي وهو مختلف عن الاحتباس الحراري والتغير المناخي الناجم عن حرق الوقود الأحفوري.

وقال ميلر: «حتى مع التقنيات المتجددة هناك بعض التأثيرات المناخية».

وقال أيضًا أنه ورغم ذلك فإن هذا لا يعد سببًا لبقاء استخدام الوقود الأحفوري ويخشى من أن الناس الذين يرفضون التغير المناخي قد يسيئون فهم الدراسة الجديدة.

وقال ميلر: «ليس لدي شك بأن هذه النتائج سيُساء فهما وتُحرّف».

الرياح مقابل الفحم، ولماذا رؤية النتائج الإيجابية قد يستغرق بعض الوقت؟

درجات الحرارة العالمية تتصاعد الآن بسبب الوقود الأحفوري الذي يرتكز على ضخ ثاني أكسيد الكربون والغازات الدفيئة الأخرى إلى الغلاف الجوي، وهذا ما يغير تأثير الغلاف الجوي كحاجز يحمي الكوكب من المزيد من الحرارة.

ويتوقع العلماء نتائج خطيرة كلما استمرت العملية، تشمل انقراض الأجناس وموجات حر حارقة وقاتلة وتحمّض المحيطات وعواصف مطرية أكثر شدة وارتفاع مستوى سطح البحر، وهي كلها أسباب تدفعنا للابتعاد عن الوقود الأحفوري.

استخدم ميلر وكيث لدراستهم الجديدة بيانات جمعت من محطات رياح موجودة من أجل تصميم نموذج يساعدهم في تقييم تأثير المزيد من طاقة الرياح، فمن أجل توليد الاحتياجات الحالية من الطاقة الكهربائية للولايات المتحدة أي حوالي سدس الطاقة الكلية التي تستهلك في الولايات المتحدة، قال ميلر بأننا نحتاج إلى ما يقارب 16 ضعف من طاقة الرياح التي نستخدمها الآن.

لكن وضع مزارع الرياح في مكان تجريبي وتشغيلها جميعها في وقت واحد من الممكن أن يؤدي لاضطراب الغلاف الجوي في الأعلى.

ووجد مؤلفو الدراسة أن التغيرات في جريان الرياح يمكن أن تؤدي لازدياد درجات الحرارة بشكل فوري بحوالي 0.24 درجة مئوية (0.42 فهرنهايت)، وهذا يقارب 10 أضعاف التأثير الذي نراه في حال حصولنا على الطاقة من مزارع الطاقة الشمسية.

وحتى الآن، ومنذ أن قامت هذه التغيرات بإعادة توزيع الحرارة (ليس إضافة الحرارة إلى النظام الحراري مثل الوقود الأحفوري)، فبعض المناطق من الممكن أن تشهد درجات حرارة أبرد من المعدل، والتأثيرات الكلية ستكون خليطًا من الجيدة والسيئة.

في مناطق مزارع الرياح موسم النمو من الممكن أن يتمدد لأسبوعين وذلك لأن حدوث الصقيع الليلي سيكون أقل احتمالًا.

لكن الآفات قد تبدأ بالظهور باكرًا وتختفي في وقت متأخر من الموسم، وقد يكون هناك المزيد من التبخر ولكن أيضًا المزيد من الأمطار، وستكون هناك بعض الطرق لموازنة هذه التغيرات أيضًا كعدم تشغيل العنفات كثيرًا في الليل (في الوقت الذي تتسبب فيه بالمزيد من الاحتباس).

قال ميلر: «حتى مع التقنيات المتجددة يوجد هناك بعض التأثيرات المناخية، إذا فهمنا هذه التغيرات المناخية قبل أن تنتشر فمن الممكن أن يكون هناك طريقة لضبطها واصلاحها، وبشكل مثالي نحن نعلم الكثير عنها مسبقًا، ومن ثم سنتعلم كلما بنينا».

تشغيل كل هذه العنفات فورًا سينتج عنه درجات حرارة مرتفعة ولكن مع مرور الوقت سوف نجني الفوائد.

في كل سنة يستمد الناس فيها الطاقة من العنفات بدلًا من الوقود الأحفوري فإن نسبة أقل من ثاني أكسيد الكربون ستضخ في الهواء وهذا له فوائد طويلة الأمد للأجيال القادمة.

رياح الجدل

المشكلة المرتبطة بنشر بحث مثل هذا هو أن مؤيدي استخدام الوقود الأحفوري قد يحاولون استخدامها كدليل على أن التغيير لمصادر الطاقة المتجددة ليس ملحًا أو مهمًا كما تعتقد الغالبية العظمى من الخبراء.

قال ميلر: «إنه اهتمام كبير».

فكرته هي بأنه يجب علينا أن نفهم تمامًا الإيجابيات والسلبيات لكل مصدر طاقة نستخدمه، وهذا يجب ألا يبعد عن فهمنا بأن الاستغناء عن الوقود الأحفوري يجب أن يحدث، وهذا غير مختلف عن العلماء الذين يعتقدون أن اللقاحات آمنة وفعالة ومهمة، ولكن ما تزال الدراسات تجرى في محاولة لتطويرها وفي بعض الأحيان التركيز على الآثار الجانبية ونقاط الضعف.

قال جوشوا رود، وهو عضو باحث في معهد الطاقة ومجموعة ويبر للطاقة في جامعة تكساس بأوستن: «كل أشكال الطاقة لها تأثيرات خارجية، ولديها إيجابيات وسلبيات، وعلينا أن ننظر لنقاط القوة ونقاط الضعف».

وكما وضح ميلر فنحن نحتاج لمعرفة جميع المعلومات التي يمكننا الحصول عليها إذا كنا سننتقل إلى الطاقة المتجددة.
وقال ميلر: «أعتقد أن تحقيق هذه الأهداف الكبيرة للطاقة المتجددة سيكون تحديًا أصعب بكثير مما يدركه أغلب الناس، وهنالك الكثير لنتعلمه كلما تقدمنا في هذا الطريق».


  • ترجمة: يزن باسل دبجن
  • تدقيق: أنس حاج حسن
  • تحرير: صهيب الأغبري
  • المصدر