ربما تكون المادة المظلمة أكبر ألغاز الكون؛ نعلم أن هناك شيء ما يجعل الأشياء تتحرك بسرعة أكبر مما ينبغي، لكننا لا نعلم ما هي ولا من أين أتت. وفقًا لورقة بحثية جديدة، ربما تكون أصول المادّة المظلمة أغرب مما نعرف، لعلها تكون جسيمات ظهرت في فترة زمنية قصيرة للغاية، في أجزاء من أجزاء من الثانية قبل الانفجار العظيم.

لا يشير هذا إلى وجود رابطة بين فيزياء الجسيمات وعلم الفلك فحسب، وإنما يمكنه أن يكون طريقةً جديدةً للبحث عن الأشياء الغامضة إذا ثبتت صحة الفرضية.

«إذا كانت المادة المظلمة مكونة من جسيمات جديدة ولدت قبل الانفجار العظيم، فإنها تؤثر على الطريقة التي وُزعَت بها المجرات في الكون بطريقة متفردة»، وفقًا للفيزيائي والفلكي تومي تينكانين Tommy Tenkanen من جامعة جون هوبكنز، وأضاف: «ربما تُستعمَل هذه الرابطة لكشف هوية أزمنة ما قبل الانفجار العظيم أيضًا».

يتعلق الأمر بترتيب الأحداث في بداية الكون، والذي يشكل لغزًا بحد ذاته.

نعتقد بوجود ما يسمى الانفجار العظيم رغم الخلاف الدائر حول ما يستتبعه ذلك، ونعتقد بوجود ما يسمى التضخم الكوني، زمن وجيز للغاية، جزء من الثانية صغير جدًا حتى أننا لا نملك له اسمًا، انفجر الكون خلاله مثل بالون.

(Drbogdan/Yinweichen/Wikimedia Commons)

(Drbogdan/Yinweichen/Wikimedia Commons)

من المقبول بصفة عامة حدوث هذا التمدد ما بين 10 الأس (36-) و10 الأس (32-) بعد الانفجار العظيم. يشبه هذا النموذج من التمدد ما يظهر في الصورة أعلاه. لكن يعتقد بعض العلماء أنه حدث قبل الانفجار العظيم مباشرة، فيكون الانفجار العظيم هو الاسم الذي أُطلِق على ظروف الكون في نهاية التمدد.

في هذه المرحلة لا نملك وسيلةً للمعرفة، وفقًا لعالم الفيزياء النظرية من جامعة هارفارد آفي لويب: «يُعتبَر حال التضخم حاليًا بمثابة فكرة فضفاضة لا يمكن تخطئتها معمليًا» وذلك خلال معرض حديثه عما إذا كان التمدد الكوني قد حدث فعلًا (وهو موضع خلاف).

طبقًا لحساباتنا، تشكل المادة المظلمة حوالي 80% من المادة في الكون، وتُعتبر في بعض الأحيان ناتجًا من نواتج الانفجار العظيم. لكن «إن كانت المادّة المظلمة حقًا إحدى بقايا الانفجار العظيم فينبغي حينئذ على الباحثين أن يكونوا قد رأوا بالفعل إشارةً مباشرةً للمادة المظلمة في تجارب الفيزياء الجزيئية المتعددة» وفقًا لتينكانين.

بالمقابل، يقترح النموذج الرياضي لتينكانين أن المظلمة قد تكون ناتجًا من نواتج التضخم الكوني. ليست هذه المرة الأولى التي تطرح فيها هذه الفكرة، لكن تينكانين قدم الرياضيات التي تدعمها.

إذا حدث التضخم الكوني قبل الانفجار العظيم، فمن الممكن أن تكون المادة المظلمة قد ظهرت قبل بقية الأشياء في الحساء الكوني البدائي.

تقترح هذه الفكرة أن الجسيمات الأولية (جسيمات ذات دوران مغزلي يساوي صفر) ربما تدلنا على المادة المظلمة. هذه الجسيمات مع نظرية التضخم –والتي قاد الحقل الأولي عملية التضخم الكوني بسببها- تقترح أنها وُجدَت بوفرة في لمحة من الزمن.

لم نكتشف حتى الآن سوى جسيمًا أوليًا واحدًا وهو بوزون هيجز والذي لن يخبرنا بالكثير عن المادة المظلمة على أي حال.

«في حين أن هذا النوع من المادّة المظلمة مراوغ لدرجة يصعب العثور عليه في تجارب الجسيمات، إلا أنه يمكن الكشف عن وجوده في الملاحظات الفلكية» وفقًا لتينكانين، «سنعرف قريبًا المزيد عن أصل المادّة المظلمة عندما يُطلَق القمر الصناعي Euclid في عام 2022. سيكون من المثير جدًا رؤية ما سيكشفه عن المادة المظلمة وما إذا كان يمكن استخدام النتائج التي توصل إليها للوصول إلى الأزمنة التي سبقت الانفجار العظيم».

تُعد جميع هذه الأشياء نظريةً بشكل كبير، لكن يمكنها أن تكون خيطًا للوصول إلى حقيقة المادة الغامضة التي تلعب دورًا رئيسيًا في تشكّل كوننا. سيكون من المثير معرفة ما سيسفر عنه البحث عن المادة المظلمة في العقد القادم.

نُشر البحث في “Physical Review Letters”.

اقرأ أيضًا:

هذه هي أول صور للمادة المظلمة

تعرف على ديدي، العضو الجديد في مجموعتنا الشمسية

ترجمة: أحمد جمال

تدقيق: آية فحماوي

مراجعة: براءة ذويب

المصدر