يمكن لدورة المياه الذكية أن تفسر وتحلل البيانات الموجودة بداخلها للحصول على معلومات حول الصحة، مثلًا يشير البول الذي ينفذ الضوء عبره إلى مشكلات في البروستاتا، أما وجود دم في البول فيشير إلى التهابات في المجاري البولية أو الكلى.
قد يشير قوام وشكل الفضلات إلى مشكلات في الجهاز الهضمي، وبإمكان دورة المياه الذكية اكتشاف علامات جزيئية محددة التي تشير إلى أنواع معينة من السرطان أو الأمراض المعدية مثل كوفيد-19.
هناك الكثير من الإمكانيات تقوم بها دورة المياه الذّكية بغض النظر عن مصدر البيانات، يقول سيونغ مين بارك وهو محاضر في المسالك البولية في كلية الطب في جامعة ستانفورد وعمل سابقًا مع الراحل سانجيف سام جامبير لتطوير مشروع دورة المياه الذكية: «عادات المراحيض حساسة للحديث عنها إضافة إلى العوائق النفسية لتطوير دورة المياه الذكية، يظن الناس أنها قذرة جدًا ويشعرون بعدم الارتياح حيال ذلك وليس من المقبول الحديث عنها اجتماعيًا وخاصة في العمل»، يتعاون بارك الآن مع أستاذ المسالك البولية جوزيف لياو ونيكول مارتينيز مارتن عالمة الأخلاق وأستاذة مساعدة في طب الأطفال.
فكرة دورة المياه الذكية ليست جديدة وأشارت إليها روايات الخيال العلمي مثل ما وراء أفق الحدث الأزرق في الثمانينيات، وتعتمد دورة المياه الذكية على إمكانية تفسير البيانات ومراقبة العمليات الحيوية وهما عاملان مهمان لنجاحها وتطورها، ورغم أن الغاية هي شراء دورة المياه الذّكية في المستقبل مثل شراء المرحاض العادي فإنها لا تزال في مرحلة البحث.
العائق الأكبر هو الاعتبارات الأخلاقية والقانونية والقبول العام، يعمل بارك على تطوير قدرات دورة المياه الذكية على اكتشاف الأمراض لكنه يواجه عقبات لتقليل الشكوك والثقة بمشروعه وهي مهمة طويلة مع زيادة المخاوف بخصوصية البيانات.
يأمل بارك بإثبات قدرة دورة المياه الذكية للحفاظ على صحة الناس ومشاركة معلوماتهم مع طبيبهم الخاص، يعلم بارك بأن هذا يمكن حدوثه عندما يشعر المستخدمين بالارتياح لتركيب دورة مياه ذكية في منازلهم أو في الأماكن العامة؛ لذلك يستدعي ذلك الاطلاع على التداعيات الأخلاقية والقانونية والصحية لدورة مياه مهيأة لاكتشاف المعلومات الصحية التي تتراوح بين الحمل إلى اكتشاف السرطان.
هل يمكن أن تسرب المعلومات؟
يعد سؤال: هل بإمكان شخص ما أن يخترق دورة المياه الذّكية للحصول على معلومات صحية خاصة؟ هو سؤال جدي، إذا كان بإمكانه ذلك فسوف يعلم ما إذا كان المستخدم حاملًا أو مصابًا بالسرطان أو يتناول أدوية معينة وهي معلومات من المحتمل أن الناس لا تريد لأحد الاطلاع عليها، من الناحية الفنية يمكن اختراق أي بيانات عبر الإنترنت ولكن بارك يقول إن بيانات دورة المياه الذكية ستخضع لنفس معايير الحفظ والخصوصية مثل البيانات الصحية في عيادة الطبيب وهي بيانات لا يمكن لأحد الاطلاع عليها.
سُئل أيضًا عن إمكانية تتبع الشرطة لمتعاطي المخدرات وهذا سيكون اختراق للخصوصية، يجب أن تكون البيانات المنزلية متاحة فقط لقدم الرعاية الصحية وتكون محمية بموجب قوانين الخصوصية، في حال اكتُشِفت مخدرات في بول شخص ما وقد طلب الرعاية والمساعدة من الطبيب للتعافي فلا يستوجب أي تداعيات قانونية، كما لو أنهم أبلغوا عن متعاطي في أثناء موعد الطبيب.
يقول بارك: «يُطرح السؤال دومًا هل يجب على مستخدم دورة المياه الذكية أن يوافق كل مرة على نشاط دورة المياه الذكية في جمع المعلومات؟».
يتوقع بارك تعب الناس من الاضطرار للموافقة في كل مرة ويقترح بدلًا من ذلك موافقة شاملة لمرة واحدة يمكن إلغاؤها في أي وقت ويضيف: «يجب اعتبار دورة المياه الذكية جهازًا طبيًا لمشاركة البيانات لا منتجًا تجاريًا، وأن يتحلى بالخصوصية في المرتبة الأولى».
دورة المياه الذكية على مستوى ونطاق واسع
يمكن لدورة المياه الذكية أن توفر بيانات فرد أو عائلة، لكن ماذا عن مجموعات أكبر؟ مدينة كاملة مثلًا.
يعمل بارك مع قسم الهندسة المدنية بجامعة ستانفورد ومركز ستانفورد في حرم إنتشون الجامعي العالمي في كوريا الجنوبية على هذا المفهوم ويقول: «سيكون ذلك هو المرحلة التالية من البحث ونحن متحمسون جدًا للمدن الذكية». يمكن لدورة المياه الذكية أن تكون مناسبة لمدينة ذكية مستقبلية؛ لأن التكنولوجيا المتقدمة تجعل حياة المدينة ملائمة وأكثر كفاءة مثل المباني التي تستخدم الشمس لمراقبة وتنظيم درجات الحرارة الخاصة بها.
يجب إخفاء أي معلومات عامة تُجمع من دورة المياه الذّكية وحمايتها حتى لا تتمكن المنظمات أو الوكالات الحكومية وغيرها من الوصول إلى هذا النوع من المعلومات، يرى بارك بأن شبكة من دورة المياه الذّكية طريقة مناسبة لمراقبة مخاوف الصحة العامة مثل تفشي الأمراض المعدية المستجدة.
يفكر بارك وشركاؤه في تركيب دورة مياه ذكية في منازل المشاركين في التجارب السريرية للإجابة عن أسئلة خاصة بالبحث، سيكتشفون استخدامها في التجارب لعلاج أعراض القولون العصبي أو المحافظة على صحة الحوض للمساعدة على التحكم بالتبول.
قال بارك: «نرى استخدام دورة المياه الذكية في مجالات أوسع للصحة ومجال الأبحاث ونفكر في كيفية تطوير التقنية مع مراعاة القضايا الأخلاقية والقانونية وتقبل الناس لها».
اقرأ أيضًا:
تأثير المياه المعبأة في البيئة والصحة
ترجمة: عمرو أحمد حمدان
تدقيق: تسبيح علي
