العلماء يجدون دليلًا على وجود ذاكرةٍ للعضلات على المستوى الجينيّ


عندما نفكر في مصطلح »ذاكرة العضلات« فإن أول ما يتبادر إلى ذهننا هو قدرة العضلات على إعادة أداء حركاتٍ معينةٍ دون الحاجة إلى التفكير بها، وبالتدريب تصبح تلك الحركات أكثر سرعةً وكفاءة.

ولكن العلماء قد اكتشفوا من خلال دراسةٍ جديدةٍ وجود نوعٍ مختلفٍ تمامًا من ذاكرة العضلات موجودٍ على المستوى الجيني، ويؤثر على نمو العضلات.

وقد أعلن العلماء الذين يقودهم فريقٌ من جامعة كييل أنَّ فترات نمو العضلات الهيكلية يتم تسجيلها عن طريق جينات الخلايا العضلية نفسها، ويُحتفظُ بتلك الذكريات على هيئة إشاراتٍ أو علاماتٍ كيميائية، وترتبط تلك الإشارات الكيميائية بالجينات ذات الصلة لتساعد على نمو الخلايا العضلية فيما بعد.

يُشار إلى تلك الإشارات الكيميائية على أنها (تعديلات حول جينية .(epigenetic modifications –

وقبل الاستفاضة في الحديث عن النوع الجديد من ذاكرة العضلات فإنه من المهم   معرفة المقصود بتلك التعديلات حول الجينية.

يُشير ذلك المصطلح المبهم إلى تأثير البيئة الخارجية على (الحمض النووي- (DNA ، ولكنَّ ذلك التأثير لا يعني تعرض الحمض النووي للتغيير أو الطفرات بل يعنى تعديلًا في سلوك الجينات، وكيفية تعبير الجينات عن نفسها أو بالأحرى تتحكم تلك المواد الكيميائية في تنشيط أو تثبيط عمل الجينات، وبالتالي فإن تلك العلامات الكيميائية ما هي إلا ملحقات للحمض النووي تتحكم في مدى نشاطه أو خموله.

وقد احتاج العلماء إلى تحليل ما يزيد على ثمانمئةٍ وخمسين ألفًا من المواقع على الحمض النووي لاكتشاف تلك العلامات الكيميائية.

ويستعرض المقال في هذا الرابط شرحًا مبسطًا لمعنى ذلك المصطلح باللغة الإنجليزية – epigenetics –

https://theconversation.com/explainer-what-is-epigenetics-13877

كما يشرح هذا الفيديو نفس المصطلح باللغة الإنجليزية أيضًا:

وبالعودة مجددًا إلى تلك الدراسة فإنه قد طُلب من ثمانية رجال أصحاء أن يقوموا بأداء تدريباتٍ رياضيةٍ لزيادة الكتلة العضلية لأسابيع عدة قبل أن يتوقفوا عن التدريب لفترةٍ محددةٍ، ثم يعودوا إلى التدريبات مرةً أخرى.

وكما هو متوقعٌ فإن الكتلة العضلية قد زادت عند بدء التدريبات في المرة الأولى قبل أن تتراجع عن التوقف عن التدريب، ثم تعود إلى الزيادة مع عودة التدريبات مرةً أخرى.

وخلال مراحل التجربة المختلفة تم الحصول على عيناتٍ من الحمض النوويّ الخاص بالرجال الثمانية، وهكذا اكتشف العلماء تلك العلامات الكيميائية المرتبطة بالحمض النووي بفحص تلك العينات، واتضح من الفحص أن تلك العلامات الكيميائية كانت تقلل من نشاط الحمض النووي للخلية العضلية؛ ما يعني أن وجود تلك العلامات بكثرةٍ يؤدي إلى تثبيط نمو الخلية والعكس صحيح.

ولكن ما أثار اهتمام العلماء هو توقيت ظهور واختفاء تلك العلامات الكيميائية، يشير رئيس الفريق العلمي الدكتور آدم شاربلز إلى أن التدريبات العضلية قد أدت إلى تقليل العلامات الكيميائية المرتبطة بالحمض النووي للخلايا مما سمح بنمو الخلايا العضلية بشكلٍ أكبر.

المثيرُ للدهشة هو أن بعض جينات الحمض النووي قد ظلت بلا علاماتٍ كيميائيةٍ حتى بعد توقف التدريبات الرياضية وعودة الكتلة العضلية إلى حجمها السابق.

ويضيف الدكتور شاربلز أنه بعودة الرجال الثمانية إلى التدريب مرةً أخرى فإن الحمض النووي الخاص بالخلايا العضلية كان أكثر نشاطًا من المرة الأولى ما سمح بنموٍ أكبر في الكتلة العضلية، وهو ما يشير بوضوحٍ إلى أن الحمض النووي قد احتفظ بذكرياتٍ من التجربة الأولى سمحت له بنشاطٍ أكبر عند تعرضه لتجربةٍ جديدةٍ مشابهة.

ويشير دكتور شاربلز أيضًا إلى أن تلك التقنية قد تساهم في الكشف عن تناول الرياضيين للمنشطات التي تحسن من أدائهم العضلي، فهناك احتماليةٌ لكون تلك المنشطات تؤدي إلى إنتاج نوعيةٍ معينةٍ من العلامات الكيميائية التي تساهم في زيادة نشاط الخلية العضلية، وقد تكون هناك إمكانيةٌ للكشف عن تلك العلامات الكيميائية حتى بعد تخلص الجسم من المنشطات التي استخدمها الرياضي.

ويقول دكتور شاربلز إن ذلك يحتاج إلى عمل دراسةٍ أخرى تتضمن حصول المشاركين على المنشطات.


  • ترجمة: إسلام مراد
  • تدقيق: تسنيم المنجّد
  • تحرير: زيد أبو الرب

المصدر