هل يمكن أن تكون هناك علاقة سامة بين نجمين؟

لتأخذ هذا في الاعتبار عندما تتعرف على هذا النظام النجمي المكتشف حديثًا 42 +ZTF J1813، الذي يتمتع فيه النجمان المترابطان بالسيطرة مع بعضهما بعضًا ويكملان دورة كاملة كل 51 دقيقة، ويعد ذلك المدار الأقصر من بين المدارات النجمية الثنائية المكتشفة حتى الآن.

اكتشف علماء الفلك هذا النظام النجمي الملتصق الذي يبعد نحو 3000 سنة ضوئية من الشمس في كوكبة هرقل، خلال البحث في قاعدة بيانات تضم أكثر من مليار نجم، إذ يوجد هناك نجم ساطع يشبه الشمس وكتلته نفس كتلة كوكب المشتري تقريبًا، ويعيش سنوات عطائه الأخيرة بعدما كان نجمًا قويًا قد ذبلت قشرته، فهو تقنيًا قد مات بالفعل وحرق كل وقوده.

ولكن من خلف هذا النجم الميت، يستمر القزم الأبيض بامتصاص الهيدروجين من الغلاف الجوي لهذا النجم الشبيه بالشمس، ما يقلل من حجم هذا النجم الكبير والتعجيل من موته المحتوم.

إن هذا ليس بالأمر الغريب في علم الفلك، فنحو أكثر 50% من النجوم الموجودة داخل مجرتنا درب التبانة هي في شكل أزواج ثنائية أو أكثر مشتركة في مركز جاذبية موحد في حين يسلب كل منهما الآخر وقوده الأساسي.

مع هذا، اكتشف علماء الفلك عددًا قليلًا من الأنظمة النجمية الثنائية ذات فترات مدارية أقصر من ساعة، فضلًا عن الأنظمة التي تحتوي على النجوم الكبيرة التي تشبه الشمس وتستغرق عدة ساعات لاستكمال مدار واحد.

عندما رأى علماء الفلك هذا النظام النجمي في كوكبة هرقل كان النجمان يحجبان ضوء بعضهما كل 51 دقيقة، فعرفوا أنهم اكتشفوا شيئًا غير مألوف.

يقول كاتب الدراسة كيفن بيردغ، الفيزيائي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: «بدا هذا النجم مثل الشمس، ولكن الشمس لا يمكن أن تتناسب في مدار أقصر من ثماني ساعات، إذن، ما الذي يجري هنا؟».

وفقًا لمؤلفي الدراسة أعطى الباحثون اسمًا لهذا الأمر الغريب، إذ تنتمي هذه النجوم إلى فئة نادرة من نظام النجوم الثنائية التي تُعرف بـ “المتغير الكارثيّ”.
تحدث هذه الأنظمة عندما يتقارب قزم أبيض ونجم يشبه الشمس من بعضهما تدريجيًا على مدى مليارات السنين، سامحة للقزم الأبيض بالتهام المواد من رفيقه.

وفي أثناء عملية تغذية النجم القزم، قد يؤدي ذلك إلى ظهور توهجات هائلة من الضوء من مسافات بعيدة، كانفجارات المستعر الأعظم أو أي نوع آخر من الكوارث الكونية.

لطالما اشتبه الباحثون في أن نجومًا كهذه قادرة على الوصول إلى فترات مدارية قصيرة للغاية إذا سنح لها وقت كافٍ. وهذا ممكن فقط إن شبهنا هذا النظام النجمي بنظام الغذاء الجديد إن صح التعبير، ففور أن ينتهي هذا القزم الأبيض الجائع من التهام الهيدروجين من الغلاف الجوي للنجم المرافق له يبدأ بالتهام الهيليوم من نواته.

ونظرًا إلى أن الهيليوم أثقل وأكثر كثافة من الهيدروجين؛ فإن قلب النجم الشبيه بالشمس يجب أن يكون ضخمًا بما يكفي لبقائه في مدار ثنائي ضيق جدًا مع القزم الأبيض المرافق له.

يبدو أن هذا النظام النجمي الغريب في كوكبة هرقل في فترة تحوله، إذ تصبح الفترة المدارية لنظامه أقصر.

عَلِم العلماء باستخدام المحاكاة الحاسوبية أنه في غضون 70 مليون سنة تقريبًا سيقترب النجمان من بعضهما بعضًا لدرجة أن الفترة المدارية ستقل إلى 18 دقيقة فقط، وهي فترة أقصر من أي نظام نجمي آخر.

عندها سيتسبب فقدان الكتلة في تمدد النجم الشبيه بالشمس عوضًا عن انكماشه، وسيبدأ النجمان بالانحراف أكثر خلال مئات الآلاف من السنين.

يشير الفريق إلى أن الفترة المدارية للثنائي ستستقر عند نحو 30 دقيقة، ما يمنح النجمين بعض المساحة التي يحتاجانها في سنواتهما الأخيرة معًا قبل احتراق النجم الأكبر.

كان وجود هذا النوع من العلاقات الثنائية افتراضيًا فقط، وهذا البحث الجديد حول هذا النظام النجمي يمثل المرة الأولى التي شوهدت فيها عمليًا.

يقول بيردغ: «إن هذا يجيب عن سؤال كبير مفتوح حول الحدود المدارية لهذه الأنظمة النجمية، ويجب أن يوفر الكثير من المعلومات للدراسات المقبلة».

إذن، هل النجم الأكبر في علاقة سامة؟ ربما سيكون من الأفضل أن نسأل مرة أخرى بعد بضع مئات الملايين من السنين.

اقرأ أيضًا:

امتلك نجم منكب الجوزاء العملاق الضخم لونًا مختلفًا قبل ألفي سنة تقريبًا

درس فلكيون الغلاف الجوي لجرم قزم بُني معتمدين على بيانات تلسكوب جيمس ويب

ترجمة: يعقوب أحمد

تدقيق: تسبيح علي

المصدر