اكتُشف أصغر سرطان جلدي في العالم بمساعدة أحدث تقنيات التصوير، وكان على هيئة بقعة صغيرة تكاد تُرى بالعين البشرية، على خد فتاة تدعى كريستي ستاتس بقياس 0.65 مليمتر فقط، إذ أكدّ طبيب الأمراض الجلدية في جامعة أوريغون للصحة والعلوم الأميركية بمساعدة فريق متعدد الاختصاصات، أن البقعة كانت بالفعل سرطانًا جلديًا صُنّف على أنه أخطر أنواع سرطانات الجلد.

استعمل الطبيب ألكسندر ويتكوفسكي، الأستاذ المساعد في طب الأمراض الجلدية في جامعة أوريغون للصحة والعلوم، لتحديد سرطان الجلد المجهري مزيجًا من تقنيات التنظير الجلدي (فحص يُستعمل للكشف عن الآفات الجلدية باستعمال المنظار الجلدي)، وتقنيات المسح المجهري بمجهر التطابق البؤري (أداة تصوير تساعد الأطباء على مراقبة الآفات الجلدية وتشخيصها من دون الحاجة إلى أخذ خزعة من الجلد).

أُكّد التشخيص بتطبيق تقنيات إضافية (تقنية التلوين، والاختبار الجزيئي)، وذلك بمساعدة زملاء الدكتور ألكسندر من الاختصاصيين: جوانا لودزيك، وجينا تشونغ، وسانسي ليتشمان، وكلوديا لي.

أدى الكشف المُبكر عن سرطان الجلد هذا إلى نيل فريق جامعة أوريغون الأميركية شهادة من موسوعة غينيس للأرقام القياسية عن (اكتشاف أصغر سرطان جلدي)، إذ منح قاضٍ من موسوعة غينيس، في الأول من مايو، كل عضو في فريق الجامعة شهادة تقدير لهم لتفرّدهم بهذا الاكتشاف. ونُشر البحث في مجلة Dermatology Practical & Conceptual.

سرطان الجلد هو ورم ميلاني دقيق موضعي (نوع من السرطانات التي توجد تحديدًا في الطبقة العليا من الجلد).

قال ويتكوفسكي: «تكمن أهمية هذا الاكتشاف بكونه كُشف مُبكرًا قبل أن ينتشر السرطان إلى أجزاء أخرى من الجسم».

في أثناء عملية التشخيص، كشف عن الحالة الطبيب جيوفاني بيلاكاني، رئيس المؤتمر العالمي للأمراض الجلدية، ورئيس قسم الأمراض الجلدية في جامعة لا سابينزا في روما، فضلًا عن أنه خبير رائد في المسح المجهري البؤري؛ إذ وجه في عملية اكتشاف السرطان الجلدي كلًا من الطبيبين ويتكوفسكي، ولودزيك قبل انتقالهما من أوروبا إلى الولايات المتحدة الأميركية في عام 2019.

التقنية المناسبة في المكان والزمان المناسبين.

لاحظت كريستي ستاتس وجود بقعة حمراء على وجهها قبل عدة سنوات، وقابلت أطباء أمراض جلدية كثر للكشف عن ماهية البقعة الموجودة تحت عينها. دائمًا ما كانت تُشخّص حالتها بأنها بخير، ما جعلها تتوقف عن الذهاب إلى أطباء الأمراض الجلدية.

قالت كريستي: «بدأت أفكر في صحتي أكثر قليلًا في أثناء جائحة كورونا. لدي مرآة مكبّرة في الحمام، وبعد التمعن في البقعة التي كنت قلقة بشأنها، لاحظت أنها أصبحت أكبر بكثير، وبدت وكأن لديها ساق، فحددت موعدًا لفحصها عند الطبيب».

في أثناء الفحص، عاين الدكتور ويتكوفسكي ما يقلق المريضة، وكشف عن الآفة التي كانت قلقة بشأنها، والتي كانت في الواقع ورمًا وعائيًا كرزيًا (نمو جلدي شائع إلى حدً ما ويُعد ورمًا حميدًا).

لاحظ الطبيب أيضًا وجود بقعة صغيرة على خدّها الأيمن لم تلحظها المريضة، واعتقد أنها تتطلب مزيدًا من الفحوصات.

صرح الدكتور ويتكوفسكي: «لقد التقطت صورة للبقعة بواسطة ملحق سكليب Sklip (نظام ذكي لتشخيص سرطان الجلد بالهاتف المحمول)، ثم أجريت تصويرًا إضافيًا باستعمال المجهر البؤري (خزعة افتراضية)، الذي أظهر خلايا غير نمطية مقلقة مرتبطة بسرطان الجلد، لذلك أخبرت كريستي أنه قد يكون أصغر سرطان جلدي اكتُشف على الإطلاق».

يُستعمل المجهر البؤري في عيادة الطبيب، إذ يوضع فوق الجلد لرؤية الخلايا الموجودة تحته؛ ما يمنح الطبيب القدرة على رؤية الخلايا من دون الحاجة إلى أخذ خزعة من جلد المريض.

قال ويتكوفسكي: «إن جامعة أوريغون للصحة والعلوم الأميركية هي واحدة من المراكز القليلة في البلاد التي تمتلك المجهر البؤري في الجسم الحي، والوحيد في الساحل الغربي».

أخذ ويتكوفسكي خزعة من الشامة المشتبه بإصابتها بسرطان الجلد ، وفحصها فريق جامعة أوريغون الأميركية باستخدام علم الأمراض الجزيئية، إذ أكدت النتائج تشخيص الإصابة بأصغر سرطان جلدي.

أضاف ويتكوفسكي: «إن ما أنجزه فريقنا اليوم يجسد مقولتي الشخصية: لا بد لنا من استقصاء ما لا مفر منه باكرًا».

تشعر كريستي ستاتس بالامتنان تجاه اكتشاف الورم الميلاني لديها قبل نموّه أو انتشاره؛ إذ قالت: «أظن أنني كنت في المكان والوقت المناسبين، وبوجود التقنيات المناسبة، يمكن للجميع أن يكونوا محظوظين كما كنت محظوظة بوجود التقنية المناسبة، فإذا استطاع الأطباء اكتشاف ما كنت أعانيه على صغر حجمه، فإنه من غير الممكن ألا تساعد تلك التقنيات الآخرين أيضًا».

أضافت: «من المهم أن نذكّر بضرورة متابعة البشرة وما يحصل بها، والتحقق بشأن أي أمر جديد يطرأ عليها».

أهمية الكشف المبكر عن سرطان الجلد

تقدر جمعية السرطان الأميركية، أنه في عام 2023، سيُشخص نحو 97610 من الأورام الميلانينية الجديدة في الولايات المتحدة الأميركية.

تمثل الأورام الميلانينية نحو 1% فقط من إجمالي السرطانات الجلدية، لكنّه يؤدي إلى الوفاة عند الغالبية العظمى من إجمالي المصابين بسرطانات الجلد الأخرى.

تقول الطبيبة سانسي ليتشمان، مديرة برنامج الأورام الميلانينية التابع لمعهد نايت كانسر في جامعة أوريغون الأميركية، ورئيسة قسم الأمراض الجلدية في كلية الطب في جامعة أوريغون: «توضّح هذه الحالة قوة التكنولوجيا الجديدة للكشف المبكر عن البقع التي قد تكون خطرة. في حالة الأورام الميلانينية، تُعد العين الأداة الفُضلى للكشف عن أي شامة، أو بقعة متغيرة المظهر سواء في الحجم أو الشكل أو اللون؛ إذ تكون المؤشر الرئيسي للإصابة بسرطان الجلد».

قالت سانسي ليتشمان: «هذا نتاج جماعي لأطباء الأمراض الجلدية، واختصاصيي الأمراض الجلدية، وجراحي الأمراض الجلدية، إذ استعملنا تقنيات تصوير الجلد، والتكنولوجيا لتحسين القدرة على التشخيص المبكر للورم الميلانيني، إنه لأمر رائع أن يكون لديك فريق كامل قادر على توحيد جهود العمل لمساعدة المرضى».

اقرأ أيضًا:

لقاح للسرطان من شركة موديرنا يعالج سرطان الجلد لكنه لا يقي منه، كيف ذلك؟

لقاح الرنا قد يغير قواعد اللعبة بعد نجاح التجارب على سرطان الجلد!

ترجمة: سنا أحمد

تدقيق: ريمي سليمان

مراجعة: عبد المنعم الحسين

المصدر