سيطر شات جي بي تي على المحادثات العالمية في الفترات الماضية، وانتشرت بخصوصه الكثير من النكات المضحكة والتنبؤات المرعبة، يستطيع هذا الروبوت الذي يحدثك أن يغير وجهه مجازيًا، فقد يكون كاتبًا أو مدرسًا للبرمجة أو حتى منظمًا للحفلات. ومع إصدار الجيل الرابع من شات جي بي تي، فإننا سنرى عددًا كبيرًا من الاستخدامات الجديدة، وسيتعرف الناس على أحدث منتجات OpenAI.

لا يعرض النموذج الأول من الجيل الرابع من شات جي بي تي إمكانياته الجديدة فحسب، بل يقدم أيضًا جميع البرامج والمشاريع الجديدة التي يعمل بها بالفعل، فهو مساعد افتراضي لضعاف البصر، وبرنامج لتعزيز مهارات المحادثة في تطبيق دولينغو. مع هذين المثالين سنشعر بالفعل أن شات جي بي تي 4 سيكون ذو إمكانات هائلة مقارنةً بسلفه.

يُعد شات جي بي تي روبوتًا للمحادثة يعتمد على مجموعة كبيرة وعميقة من البيانات لإجابة الاستفسارات والتوصل إلى ردود على الطلبات. يتوفر حاليًا إصدار الجيل الرابع من شات جي بي لمشتركي Plus فقط، ومع إطلاقه لا يسعنا الانتظار لمعرفة الأشياء الغريبة التي نستطيع استخدام الروبوت الجديد والمحسّن من أجلها. لكن في الوقت الحالي، دعونا نتأمل الاختلافات الرئيسية بين النسختين وما الذي يقدمه هذا المارد الجديد.

التعامل مع الصور

كان شات جي بي تي 3.5 يتيح التعامل من خلال النصوص العادية فقط، وكان بوسعه القراءة والكتابة، وهذا كل ما في الأمر. فروبوت الدردشة هذا يتعامل فقط مع النص والرمز، ولا يمكن استخدامه لإنشاء الصور.

أما شات جي بي تي 4 فيستطيع التعامل مع الصور والألوان ومعالجتها لاختيار المعلومات ذات الصلة، وهذا هو السبب الذي يجعله مفيدًا جدًا بوصفه مساعدًا افتراضيًا بالمقارنة مع التطبيق Be My Eyes الذي يسمح لضعاف البصر أو المكفوفين بالتفاعل مع المتطوعين ووصف ما يرونه. الفيديو التوضيحي لهذا الروبوت الجديد يبين كيف يستطيع الناس الحصول على التطبيقات ويصف ما يوجد في ثلاجتهم ويساعد في التمييز بين عناصر الملابس، وحتى قراءة الخرائط.

يتفوق شات جي بي تي 4 على سابقه، فالإمكانيات لا حصر لها. كاستخدامه لوصف لوحة فنية أو مساعدة الكتّاب على وصف مشاهد مختلفة ووضعها، أو تحديد أشياء مثل: أنواع النباتات أو سلالات الحيوانات أو المعالم.

شات جي بي تي 4 متعدد اللغات

متعدد اللغات هو الشخص الذي يعرف لغات متعددةً ويستخدمها، وبالاستخدام الفضفاض لهذه الكلمة في هذا السياق بوسعنا القول إن شات جي بي تي 4 يُعد من هذه الفئة. فإذا كنت تتابع شات جي بي تي في الفترة الماضية ستلاحظ أن كل لقطة شاشة تقريبًا وبرنامج تعليمي وتفصيل مكتوب باللغة الإنجليزية، وأن كافة البيانات والاختبارات والأبحاث باللغة الإنجليزية أيضًا، ما يحدّ من قدرة غير الناطقين باللغة الإنجليزية على استخدام الروبوت. أما الآن، فيستطيع الجيل الرابع من شات جي بي تي التعامل مع 26 لغة، ومنها الكورية والإيطالية. ويعد تعامله مع اللغات اللاتينية والجرمانية مثاليًا ويؤدي أداءً جيدًا في اللغات الأخرى.

يستطيع الروبوت أيضًا إجابة الأسئلة ذات الإجابات المتعددة بدقة عالية عبر هذه اللغات. ومع إن معظم الأشخاص لا يتحدثون في اختبارات الأسئلة متعددة الخيارات، فإن شات جي بي تي 4 يسمح لك بالحديث بإحدى هذه اللغات، ما يُعد خطوةً متقدمةً مقارنةً بالنسخة السابقة.

هل يحتفظ هذا الروبوت بالذكريات؟

تُدرب النماذج اللغوية مثل هذا الروبوت على ملايين الكتب وصفحات الويب ومجموعة كاملة من البيانات النصية لتعتمد عليها عند التحدث مع المستخدمين؛ أي عندما تطلب من شات جي بي تي تلخيص رواية أو فيلم، فإنه يستخدم قاعدة البيانات الخاصة به، ويسحب المعلومات ذات الصلة بهذا الاستعلام، ويقدمها لك على شكل محادثة.

يوجد حد للمقدار الذي يستطيع شات جي بي تي تذكره من المحادثات السابقة، فيختار الكلام الأكثر أهميةً ويحتفظ به. كان الحد الأقصى نحو 8000 كلمة مع شات جي بي تي 3.5، ما يعني أنه ما إن تتجاوز محادثتك هذا الحد قد تُنسى أجزاء من الدردشات القديمة، ويجب عليك تذكيره بطريقة ما، وستفقد مزيدًا من المحادثات كلما عدت في الزمن إلى الوراء.

لكن مع الجيل الرابع من شات جي بي تي، أصبح الحد الأقصى لعدد كلمات بنك الذاكرة 64000 كلمة، ويعادل هذا نحو 128 صفحةً من النص أحادي المسافة، وهذا كثير! ما يعني أن هذا الروبوت سيكون قادرًا على الاحتفاظ بأقل من 130 صفحةً في ذاكرته في أثناء المحادثات. لذلك إذا تحدثت عن شيء ما في 30 صفحةً، في أمر يكون ذو صلة بالمحادثة الحالية فسوف يتذكر ذلك.

هذا تفسير مبسّط جدًا ولكنه يمنحك فكرةً عامةً عن كيفية التعزيز العظيم لآلية الانتباه بين الإصدارات، لذا سيكون شات جي بي تي 4 قادرًا على إجراء محادثات أطول بكثير من سابقتها.

يتمتع شات جي بي تي 4 بشخصية قوية

تُسمى القدرة على تغيير سلوك الذكاء الاصطناعي بناءً على الأوامر بقابلية التوجيه، وهذا المفهوم كان متوفرًا على نطاق ضيق في شات جي بي تي 3.5. الآن بات في إمكانك تحسين تفاعلك مع الروبوت، إذ إن إعطاء الروبوت شخصيةً محددةً أو دورًا في المحادثات قد يساعدك على تحسين النتائج.

فمثلًا إذا كنت طالبًا ترغب في تحسين مقالاتك، وتريد من شات جي بي تي وضع علامة لك فسوف تحصل على نتائج أفضل بإعطائه دور المعلم أو الممتحن.

يجب أن تعلم أن وجود تصور محدد لاختبار مقالتك من خلاله سيتيح لروبوت شات جي بي تي أن يكون أكثر دقةً وشمولًا.

من المؤكد أن شات جي بي تي لا يفتقر إلى الشخصية، بل في الواقع وبحسب OpenAI، بإمكاننا في بعض الحالات مجادلة شات جي بي تي لنكتشف أنه يتمتع بشخصية قوية أكثر من اللازم، إذ يتمكن شات جي بي تي 4 من تغيير لهجته وأسلوبه ضمن حدود معينة.

لذا فإن إمكانية إنشاء أفضل صديق رقمي لك بشخصيته الفريدة ليست بعيدة جدًا. إذ تستطيع تخصيص روبوت شات جي بي تي الخاص بك لكي يناسب ذوقك، فبوسعك أن تجعله قرصانًا أو طفلًا ضعيفًا من العصر الفكتوري أو رجل كهف غاضبًا.

قد تحدث بعض الأخطاء

حدثت بعض حالات الهروب من المحادثة أو بعض حالات الفوضى أو الجنون في أثناء النقاش مع شات جي بي تي. إذ ظهرت بعض الشكاوى من أن الوضع الآمن للروبوت لم يعمل في بعض الحالات؛ معظمها قد تكون من مستخدم غاضب إلى حد ما، ولكن في معظم الأحيان ظهر بعض حالات الشذوذ من الأشخاص الذين يحاولون إظهار عطل فيه ولكنها لم تكن خطيرةً.

دُرب شات جي بي تي 4 على الطلبات الغريبة أو الشاذة التي يطلبها المستخدمون على مر السنين، وأصبح الآن قادرًا على الالتزام بالإرشادات المحددة التزامًا أفضل في سبيل خلق تجربة آمنة لجميع المستخدمين.

فقبل أيام قليلة من إطلاق الروبوت اختُبِر ذلك وطُلِب منه تلخيص روايات الرعب، وعندما تلقى الروبوت عناوين روايات معينة لتلخيصها، رفض الخوض في التفاصيل حول الحبكة، ولكنه ناقش بدلاً من ذلك التفكير الموضوعي وراء نقاط محددة في الحبكة، أو أنه لم يقدّم ردًا واضحًا. لذا، نأمل أن يعني ذلك عددًا أقل من الأخطاء ونوبات الغضب.

الخلاصة

قد تكون هذه التقنيات الجديدة مخيفةً غالبًا، مع كل تلك الإمكانيات وبما تمتلكه من الشخصية والذكاء. والمجتمعات المعاصرة التي تتواصل عبر الإنترنت يجب أن تتحمل المسؤولية والعقلانية في التعامل مع تقنيات مثل شات جي بي تي وإمكانياتها الجديدة المعززة، فلا يوجد سبب يمنعنا من الاستمتاع بهذه النقلة النوعية لخدمة البشرية.

إن معرفة كيفية استخدام هذه التقنيات للحفاظ على اللغة ومساعدة المستخدمين المعاقين وتحسين الطريقة التي نتعلم بها وننمو أمر مثير للإعجاب بالتأكيد وشيء يستحق الثناء. ولكن يجب علينا النظر إلى هذه التطورات بنوع من الحذر، فلا شك أن بعض الناس سيستخدمون هذه الميزات المحدثة لأهداف خاطئة، وإمكانيات OpenAI للحماية في هذا السياق محدودة.

إذا كان بإمكان شات جي بي تي إنشاء الصور ومقاطع الفيديو، فعلينا أن نفكر في إن بعض الناس سيستطيعون بالفعل تزييف الصور والفيديوهات بغرض الانتقام من الأشخاص في حياتهم (خاصة المشاهير). وقد يستخدم المجرمون وكارهو النساء والعنصريون والمحتالون هذه التقنيات لأغراض خبيثة. لذلك ومع هذه التطورات، علينا أن نسأل أنفسنا: هل يوجد حقًا ذكاء اصطناعي أخلاقي؟

ولكن عمومًا، العالم متفائل بحذر ومتحمس لتجربة الجيل الرابع من شات جي بي تي.

اقرأ أيضًا:

تطبيق ChatGpt للذكاء الاصطناعي يمكنه النجاح في امتحان الترخيص الطبي في الولايات المتحدة

راديو جي بي تي، أول محطة إذاعية في العالم يديرها الذكاء الاصطناعي

ترجمة: أحمد عضيم

تدقيق: منال توفيق الضللي

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر