تمكّن علماء من مركز هارفرد للفيزياء الفلكية* من تطوير محاكاة للكون حسب القوانين التي نعلمها، المحاكاة الحاسوبية المستخدمة اسمها “Illustris”، وهي تستند على برنامج ذي دقة أداء عالية يعمل على إعادة تكوين 13 مليار سنة من التطور الكوني في مكعب ضوئي من 350 مليون سنة ضوئية بدقةٍ غبر مسبوقة.

إذ لم يسبق قبل هذا الحين أن تم التوصل لمحاكاة حاسوبية تعيد تشكيل الكون حاسوبياً بمقياس كبير أو صغير، وتعرقلت المحاولات السابقة لمحاكاة الكون نظراً لنقص الطاقة الحاسوبية أو صعوبات الفيزيائية الخاصة بهذا النمط، وترتب على ذلك ضعف في الدقة وإنحسار التركيز على جزء صغير من الكون بالإضافة إلى الصعوبات الخاصة بنماذج تكوين النجوم وإنفجارات السوبرنوفا (المستعرات) والثقوب السوداء الهائلة.

يتضمن البرنامج الحاسوبي كلاً من المادة العادية والمادة المظلمة للكون باستخدام 12 مليار بكسل ثلاثي الأبعاد.

وتبدأ المحاكاة الحاسوبية بحوالي 12 مليون سنة بعد الإنفجار الكبير وتستمر حتى يومنا هذا، و تمكن العلماء من حساب عدد المجرات التي تشكلت في تلك الفترة والتي وصل عددها لحوالي 41,000 مجرة ضمن مكعب من الفضاء.

تكمن أهمية البرنامج في الجمع بين المجرات اللولبية كمجرة درب التبانة ومجرات بيضوية أو أشبه بملاعب كرة قدم، بالإضافة إلى أنه يعيد تشكيل هياكل بمقاييس ضخمة كالعناقيد المجرية، والفقاعات والفراغات في الشبكة الكونية، وعلى مقياس أصغر يمكن للبرنامج إعادة تكوين المواد الكيميائية في المجرات بشكلٍ دقيقٍ ومنفرد لكل مجرة.

و لما كان الضوء ينتقل بسرعةٍ ثابتة، فكلما تطلعنا أبعد، كلما إستطعنا الرجوع بالوقت إلى الوراء، فالمجرة التي تبعد مليون سنة ضوئية يمكن رؤيتها كما كانت قبل مليون سنة سابقة، إذ إن البرنامج أشبة بآلة زمن تستطيع أن تمضي فيها إلى الأمام أو المستقبل أو أن تعود إلى الماضي، كما يتيح البرنامج إمكانية إيقاف المحاكاة أو رؤية مجرة معينة بشكلٍ أقرب لرؤية ما يحصل فيها فعلاً.

إستغرق الفريق خمس سنوات في تطوير البرنامج، واستغرقت الحسابات ثلاث أشهر من التشغيل المتوازي لحوالي 8,000 وحدة معالجة مركزية، ومثل هذه الحسابات تستغرق 2000 سنة لتكتمل لو تم إستخدام كومبيوترات متوسطة.

 

الفيديو:


تحرير: يمام اليوسف