على الرغم من أنّ تناول مشروبٍ غازي باردٍ بعد ممارسة التمارين الرياضية يمكن أن يمنحك الانتعاش، لكن وفقًا لأحدث الدراسات، فإنّ ذلك قد يسبب الجفاف والتداخل مع وظائف الكلى.

تحظى المشروبات الغازية التي تحتوي على الكافيين ونسبة عالية من الفركتوز بشعبية كبيرة في أنحاء العالم.

وانتُقدت هذه المشروبات على نطاقٍ واسعٍ بسبب تورّطها في أزمتي السكري والسمنة.

ربما تضيف دراسةٌ حديثة خطرًا صحيًّا جديدًا إلى قائمة المخاطر تلك، إذ حدّد باحثون من جامعة بوفالو في نيويورك تأثير المشروبات الغازية على صحة الكلى عند تناولها أثناء وبعد مزاولة مجهودٍ بدني.

ما العلاقة بين ممارسة التمارين الرياضية والكلى والحرارة؟!

عندما نمارس الرياضة في بيئةٍ حارّة، ينخفض تدفق الدم عبر الكليتين، الأمر الذي يساعد على تنظيم ضغط الدم والحفاظ على الماء، ويُعدّ ردّ فعلٍ طبيعي ولا يسبّب أيّ ضرر.

ولكن، على المستوى الطبي، يمكن أن يؤدي الانخفاض الحاد في تدفق الدم عبر الكليتين إلى حدوث الأذية الكلوية الحادّة (AKI) بسبب الانخفاض المُصاحِب في الأكسجين المغذي للأنسجة.

أوضحت دراساتٌ سابقة أنّ التمارين الرياضية بشكلٍ عام تزيد من الواسمات الحيوية للأذية الكلوية الحادّة، خاصةً عند ممارستها في درجات حرارة مرتفعة.

وفي الوقت ذاته، تشير الأبحاث أيضًا إلى أنّ تناول مشروبٍ غازي غني بالفركتوز يزيد من خطر الإصابة بالأذية الكلوية الحادّة عند الفئران المصابة بالجفاف.

في الدراسة الحالية، ركّز الباحثون على وضع الفرضيتين معًا في بحثٍ واحد، إذ جاء على لسانهم ما يلي:

«كان الغرض من دراستنا هو اختبار الفرضية القائلة إنّ تناول مشروبٍ غازي أثناء وبعد ممارسة الرياضة في درجات حرارة مرتفعة، يزيد من خطر الإصابة بالأذية الكلوية الحادة، مقارنةً مع استخدام الماء».

وبما أنّ تناول المشروبات الغازية يُعدّ من الأمور الشائعة عند البعض بعد ممارسة التمارين الرياضية الكثيفة، وكذلك عند من يقومون بالأعمال اليدوية في البيئات ذات الحرارة المرتفعة، لذلك كان من المهمّ فهمُ ما إذا كان هذا السلوك ذا نتائجَ سلبيةٍ على صحة الكلى.

ولفحص ذلك، جنَّد الباحثون 12 شخصًا بالغًا لديهم لياقة بدنية، ويبلغ متوسّط أعمارهم 24 عامًا.

أكمل المشاركون 30 دقيقةً على جهاز السير الكهربائي )treadmill( بالإضافة إلى إنجاز ثلاث مهمّاتٍ مصمّمة لتقليد النشاط البدني المُؤدّى في موقعٍ زراعي لمدة 15 دقيقة.

وبعد هذه الدقائق من النشاط البدني، يحصل المشاركون على 15 دقيقةً للراحة.

قُدِّم لكلّ مشارك ما يعادل 16 أونصة من مشروبٍ ما، كان هذا المشروب إمَّا مشروبًا غازيًّا بنكهة الحمضيات وغنيًّا بالفركتوز والكافيين، أو ماءً.

وكُرّرت دورة الساعة هذه لأربع مرّات.

وبعد أسبوع، كرّر المشاركون نفس الخطوات ولكن هذه المرة، الذين حصلوا في المرة الأولى على مشروب غازي قُدم لهم الماء هذه المرة، والعكس صحيح.

تأثير الصودا

قاس الباحثون مجموعةً من العوامل من بينها معدل ضربات القلب ودرجة حرارة الجسم ووزن الجسم وضغط الدم، وذلك قبل الجلسة وبعدها مباشرةً وبعد 24 ساعة.

والأهم من ذلك، بحثوا أيضًا عن زيادة معدل الكرياتينين في الدم وانخفاض معدل الترشيح الكبيبي، واللذان يُعدّان من العلامات المميزة للأذية الكلوية الحادة.

وكما هو متوقع، وُجد أن المشاركين الذين تناولوا المشروبات الغازية بعد التمارين الرياضية، لديهم هذه العلامات.

وُجد أيضًا عند المشاركين الذين تناولوا المشروبات الغازية نسبة جفاف قليلة ونسبًا عالية من الفازوبرسين (ADH)، وهو هرمون مضاد لإدرار البول ويزيد من ضغط الدم.

يعلق الباحثون:«لا يؤدي تناول المشروبات الغازية أثناء وبعد ممارسة الرياضة في درجة حرارةٍ عالية إلى الترطيب أو الانتعاش، لذلك، لا يبدو تناولها بعد الرياضة شيئًا مثاليًا».

ومع ذلك، شملت الدراسة فقط عددًا صغيرًا من المشاركين؛ لذلك يُفضّل تكرارها مع مجموعةٍ أكبر.

يختتم الباحثون:«نحتاج إلى المزيد من الأبحاث لتحديد النتائج طويلة المدى المترتبة على استهلاك المشروبات الغازية أثناء التمارين الرياضية، وعلی علاقتها بخطر الإصابة بأمراض الكلى».


  • ترجمة: شيماء ممدوح
  • تدقيق: محمد قباني
  • تحرير: زيد أبو الرب

المصدر