إذا كنت مساهمًا مخلصًا في شركة آبل فقد لاحظت استمرار تأرجح أسهمها، حتى مع الحجم الهائل لصناعة آيفون ومكانتها الكبيرة، لكن ثقتك أتت ثمارًا كبيرة عند الانطلاق الهائل بنسبة 300% منذ بداية الوباء، أما إذا كنت تفكر في شراء أسهم آبل اليوم على أمل أن تستمر في الصعود بأي شيء يشبه نفس الوتيرة آنفة الذكر، فعليك أن تنسى ذلك. في الواقع، من المرجح أن هذه الطفرة انتهت، والتبعات قادمة في المستقبل. مؤشرات آبل الآن كحالة كتابية للسهم ذات قيمة عالية لدرجة أن عوائده المستقبلية من المرجح أن تكون سيئة جدًا.

قد يكون من الصعب قبول هذا الاستنتاج، في 4 يوليو 2023 عندما عندما هلل محللو وول ستريت ووكالات الأخبار التجارية لآخر إنجاز لشركة آبل، وبحلول 30 يونيو 2023 أنهت أسهم شركة آبل يوم التداول بقيمة سوقية إجمالية تجاوزت ثلاثة تريليون دولار، وهي المرة الأولى التي تصل فيها أي شركة أمريكية إلى هذا الإنجاز.

كانت قد وصلت آبل لهذا الرقم خلال التداول اليومي في يناير 2022 لكن انخفضت مجددًا عند إغلاق السوق، ثم تابعت الانخفاض خلال الفترة المتبقية من العام.

أما في عام 2023 فقد ارتفع سهم شركة آبل بنسبة 49%، مضيفًا 1 تريليون دولار تقريبًا من القيمة، أي ما يعادل 40% من قيمة مايكروسفت (2.5 تريليون دولار).

توقعات سهم آبل

ببساطة، تواجه آبل عقبتين رئيسيتين في تحقيق مكاسب قوية في المستقبل. كلاهما ينبع من الاتجاه الذي يغني المستثمرين حتى هذه النقطة: الارتفاع الهائل في تقييمها الذي يتجاوز بكثير ربما أقوى إقلاع للأرباح في تاريخ أسواق رأس المال. النتيجة النهائية: تبيع شركة آبل الآن بمضاعفات عالية غير مستدامة بالإضافة إلى الأرباح التي ربما لا تتكرر أيضًا.

منذ نهاية سنواتها المالية 2015 إلى 2020 في 30 سبتمبر، رفعت آبل أرباحها لكل سهم بإجمالي 42%، أو 7.3% سنويًا، إلى 3.28 دولار. بعد ذلك، مع ارتفاع الحاجة إلى الحواسيب الشخصية والهواتف والخدمات والعروض الأخرى التي شجعت ثورة العمل من المنزل، حلّق مؤشر ربحية السهم في السماء، إذ ارتفع إلى 6.15 دولارًا في مارس من عام 2022، بزيادة قدرها 88% في ستة أرباع فقط، أي ضعف الزيادة على مدى السنوات الخمس حتى سبتمبر 2020.

من نهاية عام 2009 حتى تفشي فيروس كورونا COVID-19، كان وسيط نسبة السعر إلى الأرباح لشركة آبل يحوم حول 16، ولكن حين تجاوزت شركة آبل ثلاثة تريليون دولار، وصلت النسبة إلى 32.9، ما يعني أن المساهمين يحصلون على أرباح بالدولار أقل من النصف بقليل لكل 100 دولار يدفعونها مقابل الأسهم جنبًا إلى جنب مع معيار التسع سنوات الذي يسبق الوباء. وقد وضعت الأسواق هذا الربح الاستثنائي على أرباح GAAP (مبادئ المحاسبة المقبولة بصفة عامة) التي ارتفعت من 50 مليار دولار (التي أن كانت عالقة عندها بين 2005 و 2010) إلى 100 مليار دولار في السنة المالية 2022. وبعبارة أخرى، مُنح المستثمرون فئة فخمة جدًا من الأسهم الخاصة (PE)، وذلك لأنهم توقعوا أن تنمو أرباح آبل بسرعة حتى بعد أن تضاعفت تقريبًا في أرباع قليلة، وهذه هي المشكلة.

المشكلتان (توزيعات الأرباح وعمليات إعادة الشراء) تُحدث ضجة أقل عند هذه الأسعار، ومن المحتمل أن ينخفض سعر السهم.

اليوم، عائد توزيعات الأرباح الرسمية لشركة آبل هو 0.58% فقط. في غضون ذلك، كانت تضخ أكثر من 90% من أرباحها المتوافقة مع مبادئ المحاسبة المقبولة عمومًا في عمليات إعادة الشراء في العامين الماليين الماضيين. في الواقع، يتجاوز إجمالي عمليات إعادة الشراء بالإضافة إلى الأرباح إجمالي الأرباح تجاوزًا طفيفًا.

وبالنسبة لهذا التحليل، سنفترض أن آبل تمنح ببساطة جميع أرباحها المبلغ عنها في مجموعة من الفئتين، فتكمن المشكلة بأنه عند مستوى ربحية يبلغ 33، فإن إعادة 100% من الأرباح للمساهمين في توزيعات الأرباح وعمليات إعادة الشراء توفر عائدًا إجماليًا يبلغ 3% فقط. هذا تناقض صارخ عن الفترة الممتدة بين عامي 2017 و2018، عندما بلغ متوسط سعر السهم 16، ثم تخصيص جميع الأرباح لتوزيعات الأرباح وعمليات إعادة الشراء بإرجاع 6.25%، أي أكثر من ضعف رقم اليوم (أرباح آبل بالإضافة إلى عائد عمليات إعادة الشراء، أو معكوس مضاعف 16).

ولنفترض أن المستثمرين يريدون مكاسب سنوية بنسبة 10% على مدى العقد المقبل تعويضًا عن امتلاك هذا السهم عالي السعر، ومن ثم سيكون الوضع محفوفًا بالمخاطر. إذا بقيت أرباح الأسهم الخاصة بشركة آبل ثابتة عند 33، فيمكنها الوصول إلى هناك بزيادة الأرباح بنسبة 7% في السنة ويتضمن ذلك التضخم، وهذا هو 3% مجموع أرباح الأسهم وعائد إعادة الشراء بالإضافة إلى 7% مقدمًا سنويًا في الأرباح. لكن فرص بقاء المضاعفات في هذا العالم النادر معدومة. دعنا نقدر PE المستدام لشركة آبل.

تتنبأ إحدى الصيغ المفيدة بأن نسبة العائد الخاصة بها ستعود في منتصف الطريق إلى المستوى التاريخي السابق للوباء البالغ 16، ونقطة الوسط بين مضاعفها القديم البالغ عددها 16 ومضاعفها الحالي 33 هي 24 تقريبًا. ويجب الأخذ بالحسبان أن الرقم 24 ما يزال عددًا هائلاً من شأنه أن يتضمن توقعات بنمو قوي في الأرباح لأي شخص يشتري في عام 2033، لذلك نحن نتخذ أفضل سيناريو.

يركز انخفاض الأرباح الخاصة على نمو أرباح ملحمي لا يمكن تحقيقه

سيتطلب انخفاض مضاعف آبل من 33 إلى 24 من الآن وحتى منتصف عام 2033 انكماشًا سنويًا بنسبة 3%. في كل عام، ستكون نسبة الأرباح الخاصة بها 97% مقارنة بالعام السابق، وتنتهي عند 24 في نهاية رؤيتنا. (المضاعف الذي انخفض بنسبة 3% هذا العام عن الماضي يعني أن سعر السهم سينخفض بنسبة 3% نفسها إذا ظل EPS ثابتًا. إن الرياح المعاكسة من الانزلاق السنوي بنسبة 3% في المضاعف ستعوض تمامًا الدفع التصاعدي بنسبة 3% من توزيعات الأرباح وإعادة الشراء. نتيجة لذلك، يتوقع المستثمرون العائد بنسبة 10% بالكامل أن يأتي من زيادة الأرباح.

يصبح السؤال الأساسي هو، هل يمكن لشركة آبل حقًا زيادة أرباحها الصافية GAAP بنسبة 10% على أساس ثابت، حيث تصبح الأرقام المطلوبة ضخمة أكثر فأكثر؟ بناءً على الرياضيات الواضحة، ستكون الإجابة: لا.

تتطلب مواجهة هؤلاء الأشخاص رفع الأرباح بمقدار 10 مليارات دولار في السنة المالية 2023، و15 مليار دولار في عام 2027. ويصبح قانون الأعداد الكبيرة عقبة شديدة الانحدار. بعد خمس سنوات من الآن، ستحتاج شركة آبل إلى زيادة أرباحها بما يعادل ما حققته شركة Procter & Gamble، التي احتلت المرتبة السابعة عشرة في قائمة الشركات المدرجة في قائمة Fortune 500 في ذلك العام، في عام 2022.

في الواقع، تواجه شركة آبل اختبارًا شائكًا في زيادة أرباحها زيادة كبيرة قبل التطلع إلى 10% سنويًا. استنادًا إلى الأرباع الأربعة الماضية، انخفض صافي الأرباح من 100 مليار دولار في السنة المالية 2022 إلى 95 مليار دولار، ما أدى إلى مخاوف من أن الارتفاع بنسبة 90% تقريبًا بسبب الوباء قد يكون جزئيًا ظاهرة لمرة واحدة. ويجب الأخذ بالحسبان أن أرباح آبل في السنة المالية 2022 كانت بالفعل أعلى بنسبة 28% و70% على التوالي من أرباح أكبر فائزين آخرين من تفشي المرض، وثاني وثالث أعلى ربح في قائمة Fortune 500، شركتي Microsoft وAlphabet.

ويصل بنا كل هذا إلى أن الإنجاز المتمثل في الوصول إلى ثلاث تريليونات دولار الذي دفع وول ستريت للتنبؤ بمزيد من العوائد الكبيرة التي ستتحقق في الواقع يبشر بالعكس تمامًا. إنه يضع المعايير لما يجب أن تحققه آبل بشكل يتجاوز حتى قدرات هذا المستثمر غير العادي للأموال. آبل ما تزال شركة عظيمة نعم، ولكن لا مبرر للمبالغة بوصف عظمة شراء سهمها الآن.

اقرأ أيضًا:

ارتفاع أسهم Nvidia لتسجل إغلاقًا مع ارتفاع بنسبه 24%

أزمة البنوك وخيارات الاحتياطي الفيدرالي

ترجمة: دياب حوري

تدقيق: رغد أبو الراغب

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر