يستعد مهندسون من معهد ماساتشوستس التقني للعودة إلى الماضي لاستحضار طريقة تساعد على تخفيف تأثيرات تغير المناخ، الذي بات يشكل خطرًا علينا بسبب تفاقم الأزمة الناتجة من تراكم كميات كبيرة من الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وضعف الجهود لإيقاف هذه الانبعاثات. يمكننا الحصول على مزيد من الوقت في سبيل التوقف عن الاعتماد على مصادر الوقود الأحفوري بتطبيق ما يقترحه المهندسون: إنشاء مظلة فضائية من الفقاعات الصناعية المتطورة، تحيط بالكوكب وتبرده.

هذه الفكرة ليست مستحيلة، وقد اقتُرحت فكرة مشابهة في أواخر الثمانينيات، استخدام مظلات فضائية تحجب قدرًا من أشعة الشمس القادمة إلى الكوكب. الفكرة الحالية أكثر أمانًا مقارنةً بأفكار أخرى تقوم على تنفيذ مشاريع هندسية أو جيولوجية عملاقة بهدف عكس ضوء الشمس الساقط على كوكبنا إلى الفضاء.

تكمن المشكلة ليس في إمكانية بناء المظلة الفضائية وتبريد الكوكب، بل في توفير المواد اللازمة والنادرة لتنفيذ هذا المشروع، فهذه المواد يجب أن تكون خفيفة، وذات تحمل عال، وتتوافق مع خصائص الضوء.

تمثل الاقتراح الأول في شطيرة من الزجاج بعرض نحو 2000 كيلومتر معبأة بمواد مستخرجة من صخور القمر. عند وضع هذه الشطيرة في نقطة دقيقة بين جاذبية الأرض والشمس ونقطة تأثير الإشعاعات والجسيمات الشمسية في الفضاء، ستستطيع عكس ضوء الشمس بالقدر الذي يحتاج إليه الكوكب للتخفيف من ارتفاع درجات الحرارة.

فكر العلماء في عدد من الحلول البديلة منذ ذلك الحين، بعضها يتضمن استخدام بالونات من الألومنيوم مليئة بالهيدروجين، وأخرى تضمنت استخدام حلقات صناعية من الجسيمات تجعل كوكب الأرض نسخةً مصغرة من زحل.

كل هذه الطرق لها إيجابياتها، لكن سلبياتها تصعب جدًا تطبيقها.

لكن لأن الأوقات الحرجة تستدعي استخدام طرق يائسة، يدعو العلماء إلى إقامة دراسة تجريبية هدفها اختبار إمكانية إطلاق عوامة مصنوعة من الفقاعات الرغوية بحجم البرازيل إلى الفضاء.

إذا طردت من ذهنك صورة عبوة ضخمة من صابون الحلاقة تحلق في الفضاء، فلن تبدو الفكرة سخيفة جدًا.

إن التنوع الدقيق في ثخانة طبقات الفقاعات المصنوعة من مادة متجانسة مثل السيليكون المنصهر يسبب عكس أنواع عديدة من أطوال أمواج الأشعة الشمسية، وهذا يزيد من فعاليتها. من محاسن استخدام الفقاعات إمكانية التخلص منها في مكانها في الفضاء لتخفيض التكاليف.

من المميزات أيضًا إمكانية تفجير مجموعة من الفقاعات حال حدوث شيء غير متوقع، وذلك أفضل من شفط غيوم من الغبار، التي قد تُستخدم مظلاتٍ فضائية صغيرة، أو تحطيم لوح من الزجاج بحجم مدينة كاملة.

لهذا الدرع الشمسي المفترض كثافة تبلغ 1.5 غرامًا في المتر المربع، هذا يقارب كثافة مجموعة من المظلات الفضائية العائمة التي يعتقد العلماء أنه يمكن بناؤها.

يعتمد مبدأ عمل هذه الفقاعات، مثل العديد من الاقتراحات الأخرى، على قوة الجاذبية الموجودة بين الشمس والأرض، التي ستُبقي هذه الفقاعات في المكان المطلوب دون الحاجة إلى بناء أنظمة توجيه.

يأمل المهندسون أن يكون هذا النظام قادرًا على تخفيض ضوء الشمس بنسبة 1.8% وهي النسبة المناسبة وفقًا لدراسات سابقة.

نجاح هذا المشروع رهن بتوفر التمويل الكافي لإيجاد المواد المناسبة، والطرق المناسبة لإطلاق الفقاعات إلى الموضع المناسب في الفضاء.

حتى الآن، لم يُنشر الاقتراح ضمن دراسة تخضع لمراجعة الأقران، إذ ما زالت الفكرة في طور النقاش بين الباحثين، على أمل أن تحظى باهتمام كاف في المستقبل لبدء العمل عليها.

أظهرت التجارب الأولية إمكانية نفخ فقاعات الفضاء هذه عند ضغط يعادل ثلاثة آلاف ضعف الضغط الجوي، ودرجة حرارة -50 درجة مئوية، وما زلنا بحاجة إلى المزيد من التجارب حتى نتمكن من تطبيق هذه الخطة.

يقول البروفيسور من معهد ماساتشوستس، كارلو راتي: «نؤمن أن تطوير الدراسات المعنية بإمكانية بناء مظلة فضائية ستساعدنا على اتخاذ قرارات مدروسة حال أصبحنا بحاجة إلى اتباع أساليب الهندسة البيئية مستقبلًا».

مناقشة هذه الأفكار لا تعني التهاون في مسألة تخفيف انبعاثات الكربون. تشير دراسة سابقة إلى ضرورة الحذر عند العمل على أي مشروع متعلق بالمظلات الفضائية، بسبب احتمال تغير حالات الطقس حول العالم.

لكن في ضوء ما نعرفه عن احتمال ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات كارثية خلال عقد أو اثنين، فمن من الأفضل أن نأخذ كل الإمكانيات المتاحة في الحسبان.

اقرأ أيضًا:

ما هو الاعتدال الشمسي؟

قد تكون العواصف الشمسية المدمرة واردة الحدوث أكثر مما اعتقدنا

ترجمة: طاهر قوجة

تدقيق: تسبيح علي

المصدر