اكتشف باحثون من مركز سيدارز سيناي الطبي وجامعة ولاية أوهايو الأمريكية أن خلايا المثانة السرطانية التي لا تتضمن الكروموسوم Y تستطيع التهرب من جهاز المناعة بكفاءة أكبر.

يساعدنا هذا الاكتشاف على فهم سبب فقدان الكروموسوم Y من خلايا بعض أنواع السرطان في كثير من الحالات، وسبب زيادة عرضة الرجال الزائدة إلى السرطان إحصائيًا.

يميل الكروموسوم Y إلى التلاشي مع التقدم في السن على غرار لون الشعر ومرونة الجلد والذاكرة والرؤية، إذ قد يُفقد عند نقل الكروموسومات إلى خلايا جديدة في أثناء الانقسام الخلوي. مع ذلك، يبدو أن البشر يمكنهم العيش بسلامة نسبيًا حتى عند فقدان الكروموسوم Y.

يحتوي الكروموسوم X على 156000 زوج من القواعد النيتروجينية، في حين لا يحتوي الكروموسوم Y الضئيل سوى على 57000 زوج تتضمن المعلومات الجينية اللازمة للخصائص الجنسية الذكرية، ولا يبدو أن جينات هذا الكروموسوم ضرورية للحياة.

بيد أنه من الواضح أن التسلسلات الجينية في الكروموسوم Y تحمل شيئًا ما يصنع فارقًا في الصحة عمومًا؛ إذ تبين أن فقدان الكروموسوم Y من الأنسجة التي تنتج الدم قد يسبب مشكلات في القلب، إضافةً إلى أن سرطانات المثانة تتضمن خلايا خالية من الكروموسوم بنسبة تتراوح بين 10 و40%، ما يشير إلى أنه يؤدي وظائف حماية.

لذلك، أجرى فريق من العلماء بقيادة طبيب المسالك البولية دان ثيودورسكو بحثًا في الآونة الأخيرة لتحديد تلك الوظائف بدراسة مصير سرطان المثانة لدى الفئران وتأكيد النتائج بعد تحليل خلايا منفردة من أورام المثانة لدى البشر.

اكتشف العلماء أن نمو خلايا الفئران التي فقدت الكروموسوم Y طبيعيًا والخلايا التي أزيل منها الكروموسوم عبر تقنية كريسبر-كاس 9 لم يختلف كثيرًا عن نمو الخلايا التي تضمنت الكروموسوم في التجارب المعملية.

غير أن الفارق تجلى بوضوح داخل الفئران؛ إذ أصبحت الخلايا السرطانية التي لا تحتوي على الكروموسوم Y أكثر عدائية، وزاد معدل نموها عن الخلايا الكاملة جينيًا بمرتين.

فضلًا عن ذلك، لاحظ العلماء أن تعطيل الجينات المناعية في الكروموسوم Y لدى خلايا الفئران الكاملة جينيًا أدى إلى تساوي معدل نموها مع الخلايا الخالية من الكروموسوم، ما يشير إلى أن هناك شيئًا ما في الكروموسوم يحسن وظيفة المناعة التكيفية المضادة للأورام. أكدت التحليلات الإضافية أن جينين يؤديان دور الحماية هذا: الجين KDM5D والجين UTY.

أجرى الباحثون أيضًا فحصًا لتحديد البروتينات التي تنتجها خلايا الفئران السرطانية، وقارنوا بين الخلايا المناعية الموجودة في النوعين (الورم الذي يتضمن خلايا كاملة جينيًا، والورم الذي يتضمن خلايا خالية من الكروموسوم Y)، واكتشفوا أن الخلايا اللمفاوية التائية التي تحارب السرطان كانت تُستنفد بسرعة في مهاجمة الخلايا الخالية من الجينين KDM5D وUTY.

بحث العلماء قواعد البيانات التي تتضمن البروتينات النشطة في سرطانات المثانة لدى البشر، ووجدوا أدلة تدعم نتائج دراستهم الحديثة على الفئران؛ ما يؤكد أن وجود الكروموسوم Y في خلايا المثانة ينتج بروتينات مهمة تساعد الجهاز المناعي على محاربة الورم.

تُبين نتائج هذه الدراسة أن الأورام الخالية من الكروموسوم Y تستجيب بفعالية لنوع معين من علاج السرطان يسمى «مثبط نقاط التحقق المناعية»، وذلك إلى جانب أنها تقدم مؤشرًا بإمكان الأطباء الاستعانة به في تحديد مدى تقدم سرطانات المثانة.

غير أن هذا لا يعني أن الكروموسوم Y نافع تمامًا؛ إذ قارن بحث آخر نُشر مؤخرًا من جامعة تكساس بين الفروقات الجنسية في سرطان المستقيم لدى الفئران، واتضح أنها تشابه الفروقات الجنسية التي وُجدت عند البشر.

درس الباحثون طفرةً معروفة واكتشفوا أنها تضبط جينًا على الكروموسوم Y مسؤولًا عن مساعدة الأورام على الانتشار في جسم الفأر، وتبين أنه الجين KDM5D ذاته الذي يؤدي دور الحماية في سرطان المثانة.

يبين ذلك أن دور الكروموسوم Y في الأورام يختلف حسب نوع النسيج؛ إذ قد يساعد الجهاز المناعي على محاربة الأورام أو يساعد خلايا السرطان على الانتشار وغزو أعضاء جديدة.

في حين أن بعض الدراسات أشارت إلى أن الكروموسوم Y قد يتلاشى تطوريًا، فإنه يصعب تحديد إن كان ذلك سيكون نافعًا أو ضارًا.

نُشرت هذه الدراسات في مجلة Nature.

اقرأ أيضًا:

اكتشاف جينات جنسية جديدة تمنح الأمل للبشرية، بعد فقدان الرجال الكروموسوم Y!

اكتشاف إسكات الكروموسومات X في السرطانات الذكرية

ترجمة: رحاب القاضي

تدقيق: جعفر الجزيري

المصدر