يُعد فقر الدم اللا تنسجي شكلًا من أشكال فشل نخاع العظام. يصيب بشكل رئيسي الأطفال والشباب لكنه قد يحدث في أي عمر. في مركز جونز هوبكنز كيميل للسرطان، يُعالج المرضى المصابون بفقر الدم اللا تنسجي عن طريق خبراء في برنامج أمراض فشل نخاع العظام. يُعتبَر نخاع العظام -وهو نسيج إسفنجي يوجد داخل العظام- المصنع لكل خلايا الدم. تُعد كريات الدم الحمراء، البيضاء والصفائح هامةً في توصيل الأكسجين والتغذية إلى باقي الأنسجة والأعضاء، محاربة العدوى وعملية تجلط الدم.

عادةً، عندما تفنى خلايا الدم القديمة طبيعيًا، تُستبدل بخلايا جديدة تتكون في نخاع العظام. في فقر الدم اللا تنسجي، لا يستطيع نخاع العظام إنتاج خلايا جديدة، مُخلفًا وراءه الجسم عرضةً للنزيف والعدوى.

قد يكون فقر الدم اللا تنسجي موروثًا أو مكتسبًا، رغم أن معظم الحالات تكون مكتسبة. تحدث الحالات الموروثة في العقد الأول من العمر، ويُعتقد أن النوعية المكتسبة ناتجة عن هجمات مناعية موجهة إلى خلايا السلف المكونة للدم (الخلايا الجذعية التي تتحول إلى الأنواع المختلفة من خلايا الدم).

تستهدف خلايا مناعية تسمى “T-Cells” الخلايا الجذعية المكونة لخلايا الدم وتُسبب موتها. أظهرت الأبحاث أن معظم حالات فقر الدم اللا تنسجي تُعد جزءًا من اضطرابات المناعة الذاتية والتي تهاجم فيها مناعة الجسم خلاياه وأنسجته.

تبين تلك الأبحاث وجود خلايا مناعية غير طبيعية تدعى الخلايا الليمفاوية والتي تُحبط إنتاج وانقسام خلايا الدم. وعلى الرغم من أن فقر الدم اللا تنسجي لا يُعد نوعًا من أنواع السرطان، فإن علاجه يشبه إلى حد كبير العلاج المستخدم في أنواع السرطانات الدموية مثل سرطان الدم والأورام الليمفاوية.

عوامل الخطر

يمثل عدد من العوامل البيئية والتي تتضمن المخدرات، الكيماويات، الأشعة والفيروسات محفزاتٍ للهجمات المناعية التي تؤدي إلى فقر الدم اللا تنسجي، وفي معظم الحالات يكون السبب غير معروف.

أعراض فقر الدم اللا تنسجي علاج فقر الدم اللا تنسجي الأسباب الأعراض التشخيص العلاج نخاع العظام خلايا الدم الحمراء الخلايا الجذعية نخاع العظم

أعراض فقر الدم اللا تنسجي

نجد أن مرضى فقر الدم اللا تنسجي يمتلكون كميةً أقل من الطبيعي بشكل ملحوظ من كل نوع من أنواع خلايا الدم الثلاث، ما يؤدي إلى أعراض توقع الطبيب المعالج للمرض.

تتضمن هذه الأعراض: عدوى غير متوقعة (نتيجة قلة عدد خلايا الدم البيضاء)، نزيفًا غير متوقع (نتيجة قلة عدد الصفائح الدموية)، وإرهاقًا (نتيجة قلة عدد خلايا الدم الحمراء). قد لا يعاني بعض المرضى الذين اكتُشف مرضهم مبكرًا عن طريق الفحوصات المختبرية من أي أعراض.

في المجمل، تتضمن الأعراض الأكثر شيوعًا:

1- إرهاقًا واضحًا وضعفًا عامًا.

2- كدمات وسهولة النزيف.

3- ضيقًا في التنفس.

4- عدوى متكررة وأعراضًا تشبه الزكام.

5- ظهور بقع حمراء صغيرة تحت الجلد تشير إلى وجود نزيف أسفلها.

6- صداعًا

7- حمى نتيجة العدوى.

التشخيص

يُعد فقر الدم اللا تنسجي الشديد حالةً خطيرةً تستدعي الانتباه الطبي. لتشخيصه، يجدر بالطبيب فحص الخلايا الموجودة في نخاع العظام والدم تحت الميكروسكوب، لفعل هذا يخضع المريض لفحوصات مخبرية وتؤخذ عينة من نخاع العظام.

خلال الفحص، تؤخذ عينة نخاع العظام من عظمة الحرقفة بواسطة إبرة خاصة تحت تأثير البنج الموضعي. يفحص الطبيب المعالج عدد خلايا الدم التي تتضمن خلايا دم بيضاء تعرف باسم الخلايا المتعادلة، خلايا التجلط المعروفة باسم الصفائح الدموية، وخلايا الدم الحمراء الشابة والمتجددة والمعروفة باسم الخلايا الشبكية.

قد يجعلك الطبيب تجري فحوصات أخرى مثل وظائف الكبد وغيرها من تلك المتعلقة بالمرض. يُجرى أيضًا نوع من فحوصات الدم المعملية المعروفة باسم “HLA-Typing” للتأكد من أن المرضى يتلقون دمًا ونخاعًا متناسبين مع أجهزتهم المناعية خلال رحلة العلاج. بشكل مثالي، يجب أن يقوم بالتشخيص طبيب ذو خبرة، متخصص في أمراض فشل نخاع العظام.

التصنيف

يعتمد تصنيف فقر الدم اللا تنسجي على عدد من خلايا الدم الموجودة في فحوصات الدم وعينة النخاع. يُقسم فقر الدّم الّلا تنسجي إلى متوسط (MAA)، وشديد (SAA)، وشديد للغاية (VSSA). وعادةً ما يتم التعامل مع SAA و VSAA بطريقة جادة، بينما يمكن مراقبة MAA في حالات معينة.

علاج فقر الدم اللا تنسجي

يعتمد قرار علاج المريض بفقر الدم اللا تنسجي على شدة المرض. يُعد العلاج بمثبطات الجهاز المناعي أو بنقل الخلايا الجذعية (نخاع العظام) ضروريًا لمرضى فقر الدم الشديد، بينما لا يوجد نظام رعاية محدد للمرضى ذوي فقر الدم المتوسط.

يُعالج مرضى فقر الدم الشديد الأقل عمرًا من 40 عامًا ويمتلكون أقرباءً ذوي فصيلة دم متشابهة بواسطة نقل نخاع العظام، بينما يعالج أولئك الأكبر من 40 عامًا ولا يمتلكون أقرباء بفصيلة دم متشابهة عن طريق العقاقير.

● جرعة عالية من السيكلوفوسفاميد

طوَر العلماء في “Johns Hopkins” علاجًا باستخدام العقار الكيماوي سيكلوفوسفاميد دون نقل للنخاع، وذلك لتحقيق تقدم طويل الأمد لدى المرضى ذوي فقر الدم اللا تنسجي الشديد.

يستطيع هذا العلاج أن يدمر خلايا الجسم المسؤولة عن فقر الدم دون المساس بخلايا الدم الرئيسية والخلايا الجذعية المكونة لنخاع العظام.

● نقل الدم

يعد نقل الصفائح الدموية خط العلاج الأول لكل مرضى فقر الدم اللا تنسجي الذين يعانون من نقص حاد في خلايا الدم. يقلل هذا النقل من نسبة خطورة النزيف المميت لدى هؤلاء المرضى. قد يساعد نقل كريات الدم الحمراء في التغلب على الإرهاق وضيق التنفس اللذين يختبرهما مرضى فقر الدم اللا تنسجي.

يساهم هذا العلاج في استقرار حالة الكثير من المرضى ذوي نقص خلايا الدم الشديد، لكن من النادر للغاية أن يحدث تعافٍ طويل الأمد باستخدام هذا العلاج وحده. خلال النقل، يعلق الأخصائي حقيبةً تحتوي على مكونات الدم على عمود، ثم يدخل أنبوبةً ضيقةً في شريانك الدموي الموجود في ذراعك. ينزلق الدم الصحي المأخوذ من المتبرع من الحقيبة مرورًا بالأنبوبة حتى يدخل شريانك.

تستغرق العملية حوالي ساعة أو اثنتين ويعتمد هذا على نوع مكونات الدم التي تستقبلها. لا يختبر معظم الناس أي أعراض جانبية من هذه العملية، لكن البعض يصاب بحمى، حساسية أو عدوى.

● زرع نخاع العظم:

كان فقر الدم اللا تنسجي من أُولى الأمراض التي استخدمت فيها زراعة نخاع العظم وكان فعالًا. في هذا النوع من العلاج، يُدمر نخاع العظم غير الفعال بواسطة العقاقير و/أو الإشعاع ويُستبدل بالنخاع المأخوذ من متبرع متوافق، غالبًا ما يكون قريبًا أو شخصًا آخر من العائلة.

يُعطى النخاع للمريض عن طريق الوريد ويسافر إلى العظم ليصنع خلايا الدم. يُعد نقل نخاع العظم الناجح علاجًا لفقر الدم اللا تنسجي مع وجود حالات قليلة من الانتكاسات.

مع ذلك، يُعد هذا النوع من العلاج مكثفًا للغاية وليس غريبًا أن تُلاحظ بعده مضاعفات مناعية وعدوى، تشمل أيضًا بعض الآثار الجانبية غير المهددة للحياة، كالعقم وفقدان الشعر المؤقت. يمثل المرضى تحت سن الـ40 المرشحين المثاليين لمثل هذا العلاج وتنخفض معدلات نجاحه لدى المرضى فوق سن الـ40.

في حالات فقر الدم اللا تنسجي الشديد أو الشديد للغاية، قد يُستخدم نخاع عظام من متبرعين ليس لهم صلة بالمرضى أو غير متوافقين معهم، وذلك في الحالات التي لم تستجب للعلاج بالعقاقير المثبطة للمناعة أولًا. مع ذلك، قد يتغير هذا في المستقبل.

● العلاج بالعقاقير:

لا تُعد زراعة نخاع العظام خيارًا لدى بعض المرضى، فقد يقف العمر والعوامل الأخرى المتعلقة بالصحة أو عدم القدرة على إيجاد متبرع مناسب عائقًا أمامها جاعلةً العملية خطيرةً للغاية. في هذه الحالات، يُعد العلاج بالعقاقير المثبطة للمناعة مع الجلوبيولين المضاد للخلايا (ATG) والسيكلوسبورين خيارًا جيدًا.

في حين أن العلاج بالعقاقير لا يقضي نهائيًا على فقر الدم اللا تنسجي، ولكنه يعيد بعضًا من إنتاج خلايا الدم جزئيًا. مع ذلك، ينتكس حوالي 50% من المرضى أو يصابون بأورام دموية، قد تُعطى أيضًا هذه الأدوية قبل زراعة الخلايا الجذعية. توجد بعض الآثار الجانبية لهذه الأدوية تتضمن الحمى، ارتفاع ضغط الدم ومشاكل في الكلى.

ظهر عقار جديد على الساحة الطبية خلال 30 عامًا مضى لأجل مرضى فقر الدم اللا تنسجي الشديد وهو الترومبوباج. لسوء الحظ، لهذا الدواء بعض القيود، فقد أحدث استجابةً في 20% فقط من المرضى، وحتى أولئك الذين استجابوا له تبقت لديهم فرص عالية في الانتكاس مرة أخرى. يُستخدم حاليًا مع المرضى الذين لا يمكن علاجهم بزراعة النخاع.

● الرعاية:

تُعد كل من الرعاية والمتابعة المستمرة على الأمد الطويل شيئين أساسيين في علاج فقر الدم اللا تنسجي. يتطلب وجود قسطرة وريدية مركزية (أنبوبة تحمل الأدوية لوريد في الصدر) لدى مرضى فقر الدم اللا تنسجي الذين يحتاجون عمليات نقل دم متكررة.

يحتاج المرضى الذين يعانون من نقص في بعض عناصر الدم إلى الرعاية الشديدة والتزود العاجل ببعض منتجات الدم مثل كريات الدم الحمراء لتجنب المضاعفات القلبية الرئوية. يجب أن يكون الهدف الرئيسي من علاج نقص الصفائح الدموية هو المحافظة على عددها ثابتًا لمنع حدوث نزيف مفاجئ.

ولأن العدوى البكتيرية والفطرية تُعد من أهم أسباب موت المرضى ذوي فقر الدم اللا تنسجي الشديد، فقد يحتاج المرضى إلى تناول المضادات الحيوية أو الأدوية مضادة الفيروسات أو الفطريات.

اقرأ أيضًا:

فقر الدم الناجم عن عوز الحديد

كيف تعرف إذا كنت تعاني من فقر الدم الخبيث ؟

الأعراض المرافقة لأنواع فقر الدم المختلفة

كيف تتفادى فقر الدم (الأنيميا) وترفع من عدد كريات دمك الحمراء؟

فقر الدم ( الأنيميا ) الأسباب و الأعراض و العلاج

ما زال العلم يعطي امالا جديدة لمرضى فقر الدم المنجلي

ترجمة: نسمة عادل

تدقيق: تسنيم المنجّد

المصدر