يواجه المراهقون العديد من القرارات الصعبة، كذلك المستهلكون.

نُشرَت ورقة بحثيّة جديدة في صحيفة (Proceedings of the National Academy of Sciences) توضّح كيف يساعد التعاون بين علماء النفس وعلماء الاقتصاد على فهم أفضل لهذه القرارات، من الذي يقّدمه كلّ نظام سلوكي في إحدى المجالين على حِدة.

حيث تقول آندي براون (Wändi Bruine de Bruin) أستاذة اتخاذ القرارات السلوكيّة في جامعة ليدز (Leeds) للعلوم الاقتصادية، والحاصلة على شهادة الدكتوراه من جامعة كارنيغي ميلون (Carnegie Mellon)، وتعمل حاليًا كأستاذة مساعدة في قسم الهندسة والسياسة العامة: «يهتم كل من علم النفس وعلم الاقتصاد بكيفية اتخاذ الأشخاص للقرارات، لكن باختلاف النظريات والطرق المستخدمة.

وقد وجدنا طرق لتكامل خبراتنا الخاصة من خلال عملنا مع علماء الاقتصاد في نورث وسترن (Northwestern) والاحتياطي الفدرالي (Federal Reserve) وميشيغان (Michigan) وفي أماكن أخرى أيضًا».

ركّزت سلسلتي الدراسات التي أُجريت على توقعات الأفراد للأحداث الرئيسية في الحياة، حيثُ قامت آندي براون، وعضو وحدة إدارة التواصل باروخ فيتشوف (Baruch Fischhoff) بالعمل مع علماء الاقتصاد لتصميم أسئلة استقصائية بسيطة بما يكفي للأشخاص الطبيعيين للإجابة عنها، ودقيقة بما يكفي لإغناء الدراسات الاقتصادية.

استقصى المشروع الأول توقعات المراهقين لكيفية تأثير أحداث الحياة على تطّورهم النفسي والاقتصادي، كإيجاد العمل، التعرض للاعتقال، وإنجاب الأطفال.

أرادَ زملاؤهم في علم الاقتصاد بقيادة تشارلز مانسكي (Charles Manski) -عضو سابق في وحدة إدارة التواصل في الجامعة- طرحَ أسئلةٍ دقيقة في الاستقصاءات الوطنية الرئيسية؛ لكنّهم واجهوا ممانعة باحثي الاستقصاءات الذين ادّعوا صعوبةَ الإجابة على هذه الأسئلة من قِبل المراهقين.

دعمَ كل من فيشوف وبراون اهتمامات علماء الاقتصاد التي تُظهر أنه كلما كانت اللغة المستخدمة في طرح الأسئلة أبسط، كلما كانت الإجابة عنها أصعب وأقل إفادة في البحث، لأنَّ الكلمات البسيطة تكون أكثر غموضًا.

حيثُ طوّرَ الفريق لاحقًا أسئلة يستطيعُ المراهقون فهمها، كما توفّر إجابات يمكن لعلماء الاقتصاد الاستفادة منها.

وتتضمن العمليّة السؤال عن احتمالات رقمية (70 بالمئة مثلًا) بدلًا من الأفعال الكمية مثل (محتمل جدًا).

قال فيشوف أستاذ جامعة هوارد هاينز (Howard Heinz) في معهد السياسة والتخطيط، وقسم الهندسة والسياسة العامة في وحدة إدارة التواصل: «وجدنا أن الأطفال أكثرَ قدرةً في الحكم على مستقبلهم مما يَعتقد العامة، حيث باستطاعتهم التقدير باستخدام احتمالات رقمية بشكل جيّد، كما أنّ إجاباتهم منطقية بشكل عام».

تضمن المشروع الثاني توقعات المستهلكين للتضخّم، والتي تلعب دورًا رئيسيًا في توقّع القرارات المالية للاقتصاد الشامل.

كما أبدى علماء الاقتصاد في الاحتياطي الفدرالي تخوّفًا من كون الأسئلة التي استخدموها منذُ عقود لم تعنِ للمستهلكين مثلما عنت للاقتصادين؛ فقد وجد الفريق أنه من الأفضل استخدام الأسئلة الأكثر دقة عند اللجوء لوسائل نفسيّة تساعد على تحمل الأعباء الاقتصادية.

صرّحت آندي براون: «عندما تسأل الأشخاص مباشرةً عن التضخم؛ سيؤدّي ذلك لتقليل الارتباك وزيادة الدقة في التوقعات أكثر مما هو عليهِ عندَ استخدامك مصطلحات مبهمة (كالأسعار في العموم)».

إضافةً إلى ذلك، إنّ السؤال عن (الأسعار في العموم) يقود الناس للتفكير بأشياء محددة، مما يجلب أسعارًا أكثر تطرّفًا إلى الذهن؛ نتيجةً لذلك كانت التوقعات بالنسبة (للأسعار في العموم) أعلى من التوقعات بالنسبة للتضخم.

أشار كل من فيشوف وبراون إلى أربعة شروط تجعل مثل هذه الأبحاث متعددة الاختصاصات ممكنة: امتلاكها هدفًا مشتركًا للبحث يمكنُ لكلّ اختصاص تحقيقه بشكل مفرد، إيجاد أسس متماثلة بالمنهجية المشتركة المتبعة، مشاركة المحاولات المستمرة، اللغة المشتركة والإحساس بالمسؤولية، واكتساب فوائد مشتركة في كلّ من عملية البحث ونتائجها.

يقول فيشوف: «يمكن للتعاون الناجح عبر المجالات أن يتحقق.

عليك إيجاد شركاء يرغبون بذلك، وصناعة شراكات موثوقة».

«بالنسبة للأشخاص المهتمين بدراسة القرارت، عليكَ إيجاد عمل يتضمن علم النفس وعلم الاقتصاد، فكلاهما لا يوفّر الصورة الكاملة بمفردِه»


ترجمة: وئام عز الدين
تدقيق: لؤي حاج يوسف
تحرير:عيسى هزيم
المصدر