صباح الخميس 29 سبتمبر 2022، تمكنت مركبة جونو من التحليق على مسافة 350 كيلومترًا فقط من قمر أوروبا، القمر الجليدي العملاق التابع للمشتري. أمدتنا تلك الرحلة بالنظرة الأقرب للبشرية على ذلك العالم المتجمد طوال عشرين عامًا.

دُشنت مهمة جونو عام 2011 بغرض دراسة أكبر كواكب المجموعة الشمسية، المشتري. استخدم فريق عمل جونو المستشعر الخاص به لاستكشاف أقمار المشتري، ومنها أوروبا وغانيميد ولو، بعد اكتمال مهمته الأساسية عام 2021 بنجاح.

نجح جونو في أثناء تحليقه الأخير في رصد عدة مشاهدات هامة عن أوروبا، منها التقاط صور عالية الدقة لسطح القمر. تُعد زيارة جونو هي الثانية للقمر أوروبا بعد مهمة مركبة غاليليو الفضائية التابعة لناسا.

قال سكوت بولتون الباحث الرئيس في مهمة جونو: «الصورة الأولى هي لمحة بسيطة عن المعارف الاستثنائية الجديدة التي ستصلنا بواسطة المعدات والمستشعرات، التي نجحت في جمع المعلومات في أثناء تحليقها فوق قشرة القمر الجليدية».

بدأت الصور الأولى لسطح قمر أوروبا بالوصول إلى الأرض مساء الخميس 29 سبتمبر. توفر تلك الصور الحديثة -إضافةً إلى الصور القديمة المأخوذة بواسطة مركبة غاليليو- لمحةً مهمة عن ذلك العالم المتجمد.

بعد تحليل الصور الجديدة، يسعى الباحثون لمقارنتها بصور المهام السابقة، بهدف معرفة التغيرات التي طرأت على السطح الجليدي للقمر خلال العقود السابقة.

تقول الباحثة المشاركة كاندي هانسن: «سيقارن الفريق مجموعة الصور المُستمدة من جونو بالصور من المهام السابقة، بحثًا عن أي تغيرات مُحتملة على سطح أوروبا خلال العقدين الأخيرين. ستُكمل كاميرا جونو الخريطة الجيولوجية الحالية، لتستبدل الصور منخفضة الوضوح الموجودة لسطح القمر».

يمتلك أوروبا قشرةً جليدية، يُرجح أن ثخانتها تتراوح بين 16 و24 كيلومترًا. ويتوقع العلماء وجود محيط من الماء المالح تحت السطح، عند عمق 65 – 160 كيلومترًا. ذلك أمر بالغ الأهمية في بحثنا عن حياة خارج كوكب الأرض، لأن المياه السائلة أهم اللبنات اللازمة لنشوء الحياة.

يتسلح جونو بمعدات متطورة يمكنها سبر أغوار القمر، عميقًا أسفل السطح الجليدي، بهدف جمع بيانات عن مكوناته ودرجة حرارته.

تُظهر الصور المقربة المأخوذة من مركبة غاليليو عام 1997 سطح قمر أوروبا مُغطى بتشققات متقاطعة بامتداد سطحه الجليدي.

اكتشفت المهام السابقة أعمدةً من بخار الماء تتصاعد عبر القشرة الجليدية. ما زال فريق جونو البحثي يفحص الصور الخاصة بالمهمة الأخيرة، ويأمل العلماء أن ينجحوا في التقاط صور أعمدة البخار المنطلقة من سطح أوروبا.

ما ستتوصل إليه مهمة جونو من ذلك التحليق المنخفض قرب سطح القمر أوروبا، سيسهم في إمداد المهمات القادمة بالمعلومات الأساسية، وفي مقدمتها المركبة المخصصة لمسبار أوروبا التابع لناسا، المُزمع انطلاقه عام 2024 بهدف الحصول على معلومات أكثر عن المحيط أسفل قشرته الخارجية، وعن تفاعلاته مع السطح.

كتب غريغوري دوبوس، مهندس النظم في مركبة مسبار أوروبا: «بفضل إبداع فريق الملاحة، عُدل مسار جونو حتى يمر عبر مدار القمر في الوقت المناسب، ليمدنا بمعلومات قيمة للغاية من أجل مهمة أوروبا القادمة».

ربما ستسهم هذه المهمة في توصل العلماء إلى حقيقة المحيط المختفي بدقة، وإجابة السؤال: هل يمكن لقمر أوروبا أن يوفر بيئة مناسبة للحياة؟

اقرأ أيضًا:

كيف ستتمكن الحياة من التطور على سطح قمر أوروبا التابع للمشتري؟

يقترح العلماء استخدام حفار نووي لاكتشاف الحياة في المحيط المخفي للقمر أوروبا

ترجمة: أحمد أسامة أبوحليمة

تدقيق: حسام التهامي

المصدر