اكتشف علماء الفيزياء جزيئًا مؤلفًا من الضوء والمادة يربط بين الذرات.

قال عالم الفيزياء ماتياس سونلايتنر من جامعة إنسبروك في النمسا: «نجحنا لأول مرة باستقطاب عدد من الذرات معًا ومراقبتها، ما خلق قوة جذب بينها قابلة للقياس».

تتشكل الجزيئات من ارتباط الذرات ببعضها بطرق عديدة بواسطة تبادل الشحنات فيما بينها. تنجذب الذرات إلى بعضها نتيجة اختلاف الشحنة، وتتشارك بعض الذرات الإلكترونات السالبة لتشكيل روابط قوية نسبيًا مثل ارتباط ذرتي غاز أكسجين في الهواء الذي نتنفسه، أو جزيئات الهيدروكربونات المعقدة العائمة في الفضاء.

يتغير ترتيب الشحنات حول الذرة نتيجة الحقول الكهرومغناطيسية، ويعد الضوء مجالًا كهرومغناطيسيًا سريع التغير، إذ يمكن أن يدفع سيلٌ من الفوتونات موجه بشكل مناسب الإلكترونات إلى مكانها المناسب لتبدو مترابطة من الناحية النظرية.

يشرح الفيزيائي فيليب هاسلينجر من جامعة فيينا التقنية ذلك: «عند وجود مجال كهربائي خارجي سوف يتغير توزع الشحنات، فتتجه كل من الشحنات الموجبة والسالبة في اتجاهين مختلفين وتصبح الذرة في حالة استقطاب».

استخدم كل من هاسلينجر وعالمة الفيزياء الذرية ميرا مايوجر -من الجامعة التقنية في فيينا- وزملاؤهم ذرات الروبيديوم شديدة البرودة لإثبات أن الضوء يمكنه استقطاب الذرات بنفس الطريقة، ما يجعل الذرات المحايدة قابلةً للارتباط مع الذرات الأخرى.

تقول مايوجر: «إذا كانت الذرات تمتلك طاقة كبيرة وتتحرك بسرعة فإن قوة الجذب تختفي بسرعة لذلك استخدمنا ذرات الروبيديوم، ويجب إجراء التجربة بدقة عالية حتى نتمكن من قياس قوة الجذب لأنها ضعيفة».

حصر الفريق سحابة مكونة من 5000 ذرة أسفل شريحة مغطاة بالذهب، في مستوى واحد باستخدام مجال مغناطيسي، وبُرِّدت الذرات لدرجات حرارة قريبة من الصفر المطلق (−273 درجة مئوية). هذه العملية تشبه التكثيف لذلك بدأت جزيئات الروبيديوم بمشاركة خصائصها بشكل غير متساوٍ كما لو كانت في الحالة الخامسة للمادة (حالة تكاثف بوز-آينشتاين).

عُرّضت الذرات لليزر، ونتجت مجموعة من القوى، على سبيل المثال يمكن لضغط الإشعاع الناتج من الفوتونات دفعها على طول شعاع الضوء. وفي الوقت نفسه يمكن أن تستجيب الإلكترونات وتسحب الذرة مرة أخرى نحو الجزء الأكثر كثافة من الشعاع.

احتاج الباحثون لإجراء بعض الحسابات الدقيقة من أجل الكشف عن الجاذبية التي تنشأ بين الذرات في المجال الكهرومغناطيسي. تساقطت الذرات بحرية لمدة 44 ملي ثانية عند توقف المجال الكهرومغناطيسي قبل وصولها إلى مجال ضوء الليزر، وصورت أيضًا باستخدام الفحص المجهري للصفائح الفلورية.

توسعت السحابة عند تساقط الذرات طبيعيًا وتمكن العلماء من إجراء القياسات بكثافات مختلفة. وجدت مايوجر وزملاؤها أن ما يصل إلى 18٪ من الذرات غير موجودة في الصور الملتقطة وأرجعوا ذلك للاصطدامات مع الضوء ما تسبب في طرد ذرات الروبيديوم من السحابة، ولم يكن الضوء القادم هو الذي يؤثر فقط على الذرات، ولكنه يتناثر إلى الذرات الأخرى أيضًا، وعندما يلامس الضوء الذرات يعطيها قطبية. تتنافر الذرات أو تتجاذب بحسب الضوء المستخدم وتُسحب إما إلى منطقة الضوء المنخفض أو المرتفع وفي كلتا الحالتين تتجمع معًا.

كتبت مايوجر وزملاؤها في ورقتهم البحثية: «يوجد فرق بين قوى الإشعاع العادي والتفاعل المحفز بالضوء، إذ إن التفاعل يحدث بين جسيمات-جسيمات بواسطة الضوء المتناثر».

يقول هاسلينجر: «تؤدي القوى الصغيرة دورًا مهمًا عند اتساع الفضاء، وتمكنا من إثبات أن الشعاع الكهرومغناطيسي يولد قوىً بين الذرات ما يساعدنا على تفسير الظواهر الفيزيائية الفلكية التي لم تُشرح بعد».

اقرأ أيضًا:

اكتشاف أكبر جزيء كحولي قد يساهم في فهم أصل تكون النجوم

ترجمة: عمرو أحمد حمدان

تدقيق: رائد عثمان

المصدر