اكتُشف حديثًا كوكب خارجي هو الأكثر بريقًا على الإطلاق في مجرتنا، ويحتوي على غيوم من الزجاج والتيتانيوم.

يطلق على هذا الكوكب الغريب اسم (LTT-9779b)؛ يقع على بعد نحو 263 سنة ضوئية. يبرق لدرجة تشبيهه بالمرآة إلى حد كبير، إذ إنه يعكس 80% من الضوء الصادر عن نجمه المضيف، وهذا يجعله أكثر لمعانًا من كوكب الزهرة المعروف بشدة سطوعه؛ الذي يعكس حوالي ثلاثة أرباع الضوء الذي يسقط عليه.

هذا ليس كل شيء، إذ إن هذا الكوكب الغريب بحجم كوكب نبتون وحرارته شديدة، إذ تصل درجات الحرارة على سطحه إلى 2100 كلفن أي ما يعادل 1827 درجةً مئويةً، وهذه هي أعلى درجة حرارة رُصدت على الإطلاق على كوكب من هذا النوع خارج المجموعة الشمسية.

يقول عالم الفلك جيمس جينكينز من جامعة دييغو بورتاليس في تشيلي: «تخيّل أن عالمًا بأكمله يحترق بالقرب من نجمه المضيف مع تشكّل سحب كثيفة من المعادن تطفو عاليًا، وتمطر قطرات من التيتانيوم».

توصّل العلماء إلى هذا الاكتشاف الرائع باستخدام القمر الصناعي التابع لوكالة الفضاء الأوروبية لتوصيف الكواكب الخارجية المعروف باسم (خوفو). إذ عُثر على هذا الكوكب الخارجي ومداره في البداية وتوصيفه باستخدام أدوات أخرى، لكن القمر الصناعي خوفو استطاع إلقاء نظرة أطول وأعمق للحصول على مجموعة مفصلة للغاية من البيانات المعروفة باسم منحنى الطور؛ وهي طريقة لدراسة الكواكب خارج المجموعة الشمسية أو الكواكب الخارجية اعتمادًا على موقع الكوكب بالنسبة إلى نجمه المضيف. لذا سيكون إجمالي كمية الضوء الذي يجمعه التلسكوب في القمر الصناعي جزءًا متفاوتًا من الضوء المنعكس عن الكوكب.

عندما يدور كوكب خارج المجموعة الشمسية حول نجم ما، فإن كمية الضوء المنبعثة من هذا النظام المُتشكّل تتغير؛ أي عندما يكون الكوكب أمام النجم يصبح ضوء النجم خافتًا، لكن الضوء يكون خافتًا أيضًا عندما يكون الكوكب خلف النجم، لذا فإنه عندما يكون على أي من الجانبين، فإن الضوء الذي ينبعث من النجم ويعكسه الكوكب يُضاف إلى كمية الضوء الكلي المنبعث من هذا النظام.

يمكن أن يستخدم علماء الفلك هذه المعلومات لاستخراج مقدار الضوء الذي يطلقه الكوكب الخارجي، بعد طرح الضوء المنبعث بفعل الحرارة وهذه الطريقة التي حصلوا بها على مقدار انعكاس كوكب (LTT-9779b)؛ وهو قياس يعرف باسم البياض.

على السياق نفسه مثلًا الأرض لديها مقياس بياض يعادل 0.3، أي أنها تعكس 30% من ضوء الشمس، وأيضًا كوكب الزهرة لديه مقياس بياض يساوي 0.75.

تُعد الأجواء على كوكب (LTT-9779b) غريبةً ومختلفةً. ففي درجات الحرارة الحارقة تلك من المتوقع أن يصل الجو لمرحلة الغليان أساسًا، حتى مع وجود تلك السحب التي تحتوي على الزجاج والمعدن، إذ توصّل الباحثون إلى أن وجودها يشير إلى حالة تشبّع مفرط لهذه المواد.

تقول عالمة الفلك فيفيان بارمنتييه من مرصد كوت دازور في فرنسا: «لعمل بخار ماء في الحمام، يمكن إما تبريد الهواء حتى يتكثف بخار الماء، أو الحفاظ على الماء الساخن جاريًا حتى تتشكل سحب البخار، لأن الهواء يكون مشبعًا بالبخار داخله لدرجة أنه ببساطة لا يمكنه الاحتفاظ به أمدًا طويلًا. وبالمثل يمكن أن يُشكل كوكب (LTT-9779b) سحبًا معدنيةً على الرغم من كون الأجواء فيه شديدة الحرارة، لأن الغلاف الجوي مشبع بالسيليكات والأبخرة المعدنية».

مع ذلك، وطبقًا للنماذج المدروسة، يقول علماء الفلك إن هذا الكوكب الخارجي لا ينبغي أن يكون موجودًا في الأصل، إذ يبلغ نصف قطره 4.7 أضعاف نصف قطر الأرض و 29 ضعف كتلة الأرض، ويدور بسرعة حول نجمه الشبيه بالشمس في مدار مدته 19 ساعةً فقط، ما يجعل هذا الكوكب الخارجي في حالة أشبه بصحراء نبتون الحارة، وهي حالة توصف بها الكواكب الخارجية الغازية التي تبعد عن نجومها أقل من وحدة فلكية واحدة، إذ وجد علماء الفلك عددًا قليلًا جدًا من تلك الكواكب الشبيهة بهذا الكوكب، والسبب في أنها لا تنجو من الأشعة السينية والأشعة فوق البنفسجية المنبعثة من النجوم التي تدور حولها.

أظهرت الدراسات أن الجاذبية العالية يمكن أن تساعد كوكب (LTT-9779b) على الاحتفاظ بغلافه الجوي ضد الإشعاع النجمي القوي، لكن النتائج الجديدة تشير إلى آلية احتفاظ أخرى.

يوضح عالم الفيزياء الفلكية سيرجيو هوير من مختبر مرسيليا للفيزياء الفلكية في فرنسا ذلك قائلًا: «نعتقد أن هذه السحب المعدنية تساعد الكوكب على النجاة وهو في حالة صحراء نبتون الحارة».

وأضاف أيضًا: «تعكس الغيوم الضوء، وتمنع الكوكب من التعرض للحرارة العالية والتبخر، وفي الوقت نفسه، فإن المكونات المعدنية الكثيفة تجعل هذا الكوكب وغلافه الجوي ثقيلَين،ما يجعل تدميره أمرًا صعبًا».

نُشر البحث في مجلة علم الفلك والفيزياء الفلكية.

اقرأ أيضًا:

ظاهرة غريبة تحدث داخل كوكب نيبتون

علماء الفلك يمعنون النظر في الغلاف الجوي لكوكب خارجي نادر يُفترض ألا يكون موجودًا

ترجمة: خالد عامر

تدقيق: منال توفيق الضللي

المصدر