منذ نحو 66 مليون سنة، اصطدم جسم عرضه 9.6 كيلومترًا بالأرض، تبعته سلسلة كارثية من الأحداث التي أدت إلى زوال الديناصورات غير الطيرية، والآن يعتقد العلماء أنهم حصلوا على إجابة حول الشيء الذي أدى إلى انقراض الديناصورات. وفقًا لدراسة جديدة، فإن الاصطدام ناتج عن كويكب عملاق بدائي مظلم من الروافد الخارجية لحزام الكويكبات الرئيسي للنظام الشمسي الواقع بين المريخ والمشتري، تلك المنطقة هي موطن لكثير من الكويكبات الداكنة، وهي صخور ذات تركيب كيميائي يجعلها تبدو أكثر قتامة -تعكس القليل من الضوء- مقارنة بأنواع أخرى من الكويكبات.

حسب قائد البحث ديفيد نيسفورنو -الباحث في معهد ساوث ويست للأبحاث في كولورادو- فإن النصف الخارجي من حزام الكويكبات حيث توجد الكويكبات البدائية المظلمة قد يكون مصدرًا مهمًا جدًا للاصطدامات الأرضية، مضيفًا احتمالية عدم انطباق هذه الفرضية على الاصطدامات الصغيرة.

عُثر سابقًا على أدلة حول الجسم الذي أنهى عهد الديناصورات غير الطيرية في فوهة تشيكشولوب، الفوهة الدائرية بعرض 145 كيلومترًا في شبه جزيرة يوكاتان بالمكسيك، وقد اقترح التحليل الجيوكيميائي للحفرة أن الجسم كان جزءًا من فئة من الكندرويتات الكربونية، مجموعة بدائية من النيازك التي تحوي نسبة عالية من الكربون التي من المحتمل أنها وجدت في وقت مبكر جدًا في تاريخ النظام الشمسي.

وبناء على هذه المعرفة، حاول العلماء سابقًا تحديد أصل هذا الجسم، لكن العديد من النظريات انهارت بمرور الوقت.

اقترح الباحثون سابقًا أن الجسم جاء من عائلة من الكويكبات الموجودة في الجزء الداخلي من حزام الكويكبات الرئيسي، لكن بعد متابعة وملاحظة تلك الكويكبات وجدوا أنها لا تملك التركيب الصحيح. وفقًا لدراسة أخرى نشرت في فبراير في مجلة ساينتيفكريبورتس،الاصطدام كان ناتجًا عن مذنب طويل الأمد، لكن هذه الدراسة تعرضت للنقد وفقًا لورقة بحث نشرت في يونيو في مجلة استرونومي أند جيوفيزيكس.

في الدراسة الجديدة التي نشرت في مجلة إكورس، طور الباحثون نموذجًا حاسوبيًا لمعرفة عدد المرات التي تهرب فيها كويكبات الحزام الرئيسية نحو الأرض وما إذا كان أحدها مسؤولًا عن انقراض الديناصورات، فبعد محاكاة مئات الملايين من السنين، أظهر النموذج قوى حرارية وجرارات الجاذبية من الكواكب التي تقذف بشكل دوري كويكبات كبيرة خارج الحزام، ووجدوا أن كويكبًا عرضه أكثر من 9.6 كيلومترًا يُقذف في مسار تصادم مع الأرض مرة واحدة في كل 250 مليون سنة. وتتوافق هذه الحسابات مع فوهة تشيكشولوب التي وجدت منذ 66 مليون سنة، الفوهة الوحيدة المعروفة التي يعتقد أنها نتجت عن مثل هذا الكويكب الكبير في آخر 250 مليون سنة. علاوة على ذلك، نظر النموذج في توزيع التأثيرات في حزام الكويكبات وأظهر أن نصف الكويكبات الخارجة كانت كوندريت كربوني مظلم، وهذا ما يتطابق مع النوع الذي يعتقد أنه تسبب في إحداث فوهة تشيكشولوب.

ورأت جيسيكا نوفيللو من ناسا -المسؤولة عن برنامج إدارة ما بعد الدكتوراه في أبحاث الفضاء بالجامعات في مركز جودارد لرحلات الفضاء- أن هذه ورقة بحث ممتازة جدًا، وأنهم قدموا حجة جيدة حول سبب قدوم الكويكب من ذلك الجزء من النظام الشمسي.

إضافة إلى إمكانية تفسير أصل فوهة تشيكشولوب، تساعد هذه النتائج العلماء على فهم أصول الكويكبات الأخرى التي ضربت الأرض في الماضي، أمّا فوهة فريديفورت في جنوب أفريقيا وحوض سادبوري في كندا فلم تُحدّد أصولها بعد.

قد تساعد هذه النتائج العلماء على التنبؤ بالمواقع التي قد تقع فيها الاصطدامات مستقبلًا.

صرح نيسفورنو لموقع لايف ساينس: «وجدنا في الدراسة أن حوالي 60% من الكويكبات الكبيرة تأتي من النصف الخارجي لحزام الكويكبات، ومعظمها مظلم وبدائي، لذلك هناك احتمال 60% أو بمقدار 3 من 5 أن يأتي الكويكب التالي من نفس المنطقة».

اقرأ أيضًا:

العثور لأول مرة على مواد عضوية ضرورية للحياة على سطح كويكب

العثور على كويكب طروادة كامن في مدار الأرض

ترجمة : رضا الكصاب

تدقيق: سمية بن لكحل

المصدر