عند النظر إلى حجم الجبال وعظمتها، ما كان بإمكان القدماء فعل شيء سوى أن يشعروا أنهم يقفون بحضرة شيء… إلهيّ. وحسب نظم المعتقدات للعديد من الثقافات القديمة، كان شعورًا عامًا أن الجبال شيء روحي –إما على هيئة منزل للآلهة، أو نتيجة لنشاطهم، أو مكان للتقرب من الإله.

بفضل الجيولوجيا الحديثة، نحن الآن نعلم القصة الحقيقية لكيفية تشكل الجبال. ببساطة، إنها نتيجة للقوى التكتونية أو البركانية، ولكن معرفة ذلك لا يقلل من طبيعتها الجميلة والمثيرة للدهشة. عندما يُخلق تشكل جيولوجي ل الصخور من خلال قوى لا توصف سوى أنها هائلة، من الممكن توقع هذا. ولكن كيف تتكون الجبال تمامًا؟

طرق تشكل الجبال

في الحقيقة، هناك ثلاث طرق تتشكل الجبال من خلالها، وهي تتوافق مع أنواع الجبال التي نتحدث عنها، والتي تعرف بالجبال البركانية والصخرية والملتوية. كلها تكون نتيجة الصفائح التكتونية، حيث القوى الضاغطة وقوى الضغط الرافعة المتوازنة وتدخّل المواد النارية يجبر حجارة السطح على الارتفاع للأعلى، مشكلًا تضريسًا أعلى من التضاريس المحيطة.

عبر ملايين السنين، تتآكل هذه الأقسام المرفوعة عن طريق عوامل مثل الهواء والمطر والجليد والجاذبية. هذه العوامل تسبب تآكل سطوح الجبال، فيكون سطح الجبل أصغر من الصخور التي شكلته، ومؤديةً لأنواع التشكلات والتوزعات التي أصبحت مألوفةً لنا اليوم.

الجبال البركانية

تتشكل الجبال البركانية عندما تُدفع إحدى الصفائح التكتونية تحت أخرى (أو فوق مرتفع أو نقطة ساخنة في منتصف المحيط) حيث تشق الصهارة البركانية (Magma) طريقها إلى السطح. عندما تصل إلى السطح، غالبًا ما تبني جبلًا بركانيًا، كدرع بركاني أو بركان علوي، أمثلة على هذا النمط من الجبال تتضمن جبل فوجي (Fuji) في اليابان وجبل ماونا كيا (Mauna Kea) في هاواي وجبل نيامورغيرا (Nyamurgira) في جمهورية الكونغو الديمقراطية وجبل سكايلبرايدور (Skjaldbreiður) في آيسلندا وجبل إيتنا (Etna) في صقلية.

في أوقات أخرى، تتصلب الصهارة الصاعدة قبل أن تصل إلى السطح وتشكل جبالًا مقببة، إذ تُدفع المواد للأعلى بسبب القوة المتراكمة في أسفلها. الأمثلة على هذا النوع تتضمن جبل نافاجو (Navajo) في مقاطعة سان خوان (San Juan county)، في ولاية يوتاه (Utah) وقبة صهارة شايتن (Chaitén) في تشيلي و تورفوجوكول (Torfajökull) في آيسلندا وجبل سانت هيلين (St. Helen) في ولاية واشنطن (Washington).

الجبال الملتوية

كما يُظهر الاسم، تتشكل الجبال الملتوية عندما تتصادم صفيحتان تكتونيتان متقاربتا الحدود، مسببةً ازدياد ثخانة القشرة الأرضية. هذه العملية تجبر القشرة الأقل ثخانةً على أن تطفو أعلى صخور العباءة الأكثر كثافة -مع إجبار المواد على أن ترتفع للأعلى لتشكل التلال والهضاب أو الجبال- في حين تدفع كمية أكبر من المواد نحو الأسفل ضمن العباءة.

جبال الجورا (Jura)، هي سلسلة من قمم الجبال شبه المتوازية تقع في جبال الألب، وتعد مثالًا عن الجبال الملتوية. أمثلة أخرى تتضمن “الحزام الملتوي ببساطة” لسلسلة جبال زاغروس (Zagros)، التي تمتد من شمال سوريا وجنوب تركيا حتى شرقي إيران والخليج الفارسي. وهناك أيضًا سلاسل أكوابيم-توغو (Akwapim-Togo) في غانا وأبلاشيات (Appalachians) والوادي في شرقي الولايات المتحدة.

ولكن على الأرجح، الأكثر شهرةً هي سلسلة جبال الهيمالايا، والتي تقع بين شمال الهند والنيبال، تشكلت هذه السلسلة نتيجة التصادم بين شبه القارة الهندية وآسيا قبل حوالي 25 مليون سنة، وأدت لصعود أطول جبل في العالم -جبل إيفرست.

الجبال الكتلية

إن الجبال الكتلية نتجت عن صدوع في عباءة الأرض، شق حيث تستطيع الصخور أن تتحرك خلف بعضها، وتدعى أيضًا بالتصدع. هذه العملية تحدث عندما ترتفع الصخور على أحد جانبي الصدع بشكل أكبر مقارنةً مع غيرها. تصبح الكتل المرتفعة جبالًا كتلية (تعرف أيضًا باسم النتوق) بينما الكتل الأخرى الهابطة تعرف باسم الصدوع الأخدودية (مناطق منخفضة).

يمكن إيجاد أمثلة على هذا النوع من التضاريس في الجزء العلوي من وادي الراين (Rhine)، جبال الفوج (Vosges) في فرنسا، والغابة السوداء (Black Forest) في ألمانيا، ونتوقات فيندهيا (Vindhya) وساتبورا (Satpura) في الهند وهناك أيضًا الصدع الأفريقي الشرقي، منطقة تصدع قاري فعال مع عدة براكين نشطة تمتد من إريتيريا إلى موزامبيق.

الحت الجبلي

كما لوحظ، إن الناحية الأخيرة التي تتشكل فيها الجبال هي من خلال الحت، هذا يحصل خلال وبعد حصول الارتفاع، إذ تتعرض المناطق الجبلية حديثة التكون لتأثير الرياح والمياه والجليد والجاذبية. هذه القوى وبشكل فعال تعطي شكل سطوح السلاسل الجبلية، إذ تقوم بحت المناطق السطحية، وتودع الرواسب في تيارات الطمي، وتؤدي لتشكل تضاريس مميزة.

هذا يتضمن القمم هرمية الشكل، والحواف سكينية الشكل، والدوائر وعائية الشكل التي من الممكن أن تحوي البحيرات. الجبال الهضبية، مثل كات سكيلز (Catskills)، تتشكل من حت الهضاب المرتفعة، وبعد ملايين السنين من الحت، من الممكن أن تزول الجبال نهائيًا.

عند أخذ حجم الجبال بعين الاعتبار، والقوى الهائلة التي أثرت في تشكلها، والكمية الهائلة من الوقت التي تستغرقها لتتشكل وتكتسب شكلها، لن نتفاجأ من تلك الأهمية التي اكتسبتها. إن أهميتها الدينية -جبل زيون (Zion) وجبل أوليمبوس (Olympos) وجبل آرارات (ararat) وجبل ماونا كيا (Mauna Kea) لنذكر بعضها، وقيمتها التصويرية، والتحدي الذي تمثله، ومدى أهميتها لعلوم الأرض، هذه التشكلات الجيولوجية تستمر بتمتعها بمكانة خاصة في قلوبنا وعقولنا وثقافتنا.

نحن نستكشف كواكب أخرى، ووجدنا أيضًا تشكلات جبلية جديدة ومثيرة للإعجاب علمتنا الكثير حول النشاط الجيولوجي وبنية العوالم الأخرى. على سبيل المثال، هناك جبل بركاني على القمر يعرف باسم أوليمبوس (Olympus Mons)، الذي صادف أن يكون أكبر جبل في النظام الشمسي. هذا مجرد نقطة في بحر، فأينما توجد كواكب نشطة جيولوجيًا، توجد جبال لتُكتشف!

اقرأ ايضًا

هل ترغب بخسارة وزنك الزائد وزيادة طولك؟ الجبال قامت بذلك حقًّا!
لماذا توجد الجبال وتحدث الزلازل والبراكين والتسونامي؟

ترجمة مصطفى عيد – تدقيق محمد قباني

المصدر