عندما يتلقى الطيار تحذيرًا بأنّ طائرته أصبحت هدفًا لأحد الصواريخ، وإنّ الصاروخ يقوم بالإطباق عليه بشكلٍ سريعٍ فإن أول ما يقوم به هو إطلاق (الشعلات الناريّة المخادعة – Decoy Flares).

لكن ما هي هذه الكرات الناريّة الصغيرة وكيف تستطيع هذه الكرات منع الصاروخ من ضرب الطائرة؟

(الشعلات الناريّة المخادعة – Decoy Flares):

فكما يوضّح اسمها هي مواد مشتعلة تطلقها الطائرة الحربيّة وتعمل على منع الصاروخ المقترب من ضربها.

تُصنّع معظم هذه الشعلات من مواد خاصةٍ تشتعل فور ملامستها للهواء، شعلات (MU-27A/B) تعمل وفق هذا المبدأ وهي شائعة جدًا.

تسمى أيضًا بالشعلات ذاتيّة الاشتعال، وبسبب اشتعالها فور ملامستها للهواء تقوم بمنع الصواريخ الحراريّة من ضرب هدفها بطريقةٍ ذكيةٍ.

على فرض أنّ أحد الطيارين يحلق فوق منطقةٍ مُعاديةٍ وظهر على شاشته إنذار بأنّ صاروخًا يلاحقه وهذا الصاروخ يلاحق الحرارة لأنّه موجه بالأشعة تحت الحمراء -أي أنّ هذا الصاروخ مبرمج ليتتبع الحرارة الصادرة من عوادم الطائرة الحربيّة- فسوف يكون الطيار محكومًا عليه بالتحطم إذا لم تكن طائرته مجهزة بهذه الشعلات.

تعتبر الشعلات من الإجراءات المضادّة وعندما يتم إطلاقها تقوم بحرق كميةٍ كبيرةٍ من الحرارة وتقوم بتضليل الصاروخ الحراري إلى هدفٍ آخر غير هدفه الحقيقيّ.

بعد إطلاق الشعلات على الطيار أن يُغيّر مسار الطائرة بزاويةٍ حادةٍ مبتعدةً بذلك عن النقطة التي أطلق عندها الشعلات ويجب أيضًا تخفيض دفع المحرك في محاولة للتحكم أو تقليل الأثر الحراريّ للطائرة.

بهذه الطريقة يتم التشويش على الصاروخ بسبب التغيّر الفجائيّ في الحرارة والاضطراب بسبب وجود إشاراتٍ حراريّةٍ جديدةٍ وبذلك يقوم الصاروخ بملاحقة الشعلات بدلًا من الطائرة.

لكن كما هو معلوم ليست كل الصواريخ من النوع الحراريّ، بعضًا منها يلاحق هدفه بناءً على موقع الرادار وهي صواريخ موجهة راداريًا، وبما أنّ هذه الصواريخ لا تهتم بالحرارة الصادرة عن عوادم الطائرة فإنّها لا تتأثر عند إطلاق الشعلات الحراريّة.

ومن أجل عرقلة الصواريخ الموجهة راداريًا يحتاج الطيار إلى نوعٍ آخرٍ من الإجراءات المضادة، وهو ما يسمى (القش – Chaff).

(القش – Chaff):

القش هو نوع من الإجراءات المضادّة والتي تُجَهَّز بها غالبية الطائرات الحربيّة الحديثة لحمايتها من الصواريخ الموجهة راداريًا.

القش هو عبارة عن عنقودٍ من قطعٍ صغيرةٍ ورقيقةٍ من الألمنيوم والألياف الزجاجيّة المعدنيّة أو البلاستيك، وعندما يتم إطلاقها من الطائرة فإنّها تظهر كغيمةٍ من الأهداف الصغيرة بالنسبة للصاروخ الموجه راداريًا.

الطائرات والصواريخ كلاهما مصنوعان من المعدن ولذلك وبشكلٍ طبيعيٍّ فإن لهما بصمة رادارية -أثرٌ راداريّ- ويستطيع رادار العدو تحديد موقعهما بدقةٍ معقولةٍ، إذ يقوم الصاروخ الموجه راداريًا بملاحقة هدفه عن طريق تتبع آخر بصمةٍ راداريّةٍ.

لذلك عندما يقوم الطيار برمي عنقودٍ من القش خلفه فإن الصاروخ يصبح مشوشًا بسبب الزيادة الفجائيّة للبصمة الراداريّة للعديد من الأهداف المعدنيّة الصغيرة، وينتهي الأمر بالصاروخ بملاحقة إحدى هذه القطع وضربها بدلًا من الطائرة.

كل هذا الحديث عن الإجراءات المضادة وعن مدى روعتها يمكن أن يجعلك تظن أنّه من السهل جدًا التحليق بطائرةٍ حربيّةٍ.

فإذا كنت تظن ذلك، إذًا يجب عليك معرفة ما يلي:

تُجَهَّز الصواريخ الحديثة هذه الأيام بما يسمى (إجراءات مضادة للإجراءات المضادة – CCM Systems) ووظيفتها الوحيدة هي ضرب أيّ إجراءاتٍ مضادةٍ تواجهها في طريقها لضرب الهدف، فإنّ صناعة الأسلحة هي معركة دون نهايةٍ بين الصواريخ ومهندسي الإجراءات المضادة من أجل تصميم أنظمةٍ أفضل.


  • ترجمة: يازد حسامو
  • تدقيق: رند عصام
  • تحرير: تسنيم المنجّد
  • المصدر