إن كنت تخشى فكرة الاستثمار في سوق الأسهم، فأنت لست الوحيد! إن أصحاب الخبرة الضحلة في أسواق الأسهم إما يخشون قصص الخسارات الكبيرة التي تلحق بالمستثمرين في سوق الأسهم، مثل الخسارات في ظاهرة سوق الدب التي حدثت مرتين منذ عام 2000 (سوق الدب هو السوق الذي تستمر الأسعار فيه بالانخفاض مدة طويلة من الزمن) وإما يشعرون بالطمع بسبب النصائح والتنبؤات القيّمة التي تعدهم بأرباح كبيرة مقابل القليل من المال.

ولذلك من البديهي أن يتأرجح شعور السوق بين الخوف والطمع (شعور السوق أو الشعور الاستثماري مصطلح يشير إلى سلوك المستثمرين تجاه أسهم معينة أو تجاه أحد الأسواق المالية). ولكن الحقيقة هي أن الاستثمار في سوق الأسهم ينطوي على المخاطرة، فهو إحدى أهم الطرق الفعالة لجمع الثروة عند الدخول فيه بطريقة منضبطة.

إذا درسنا ثروات الناس، نلاحظ أن قيمة المنزل تشكل الجزء الأكبر من ثروتهم، ولكن الجزء الأكبر من ثروات الأغنياء وفاحشي الثراء تتركز في استثماراتهم في الأسهم. ولكي نفهم كيفية عمل سوق الأسهم، علينا أن نبدأ بتعريف الأسهم وأنواعها، ومعرفة سبب إصدار الشركات للأسهم.

تعريف السهم

إن السهم هو حصة من الشركة، أي إنه من حقوق ملكية الشركة (حقوق الملكية هي كمية الأموال التي تعود لأصحاب الشركة في حال تصفية جميع ممتلكات الشركة ودفع ديونها).

السهم أداة مالية تمثل ملكية في الشركة وتمثل أيضًا مطالبة بحصتها من أصول الشركة (ممتلكات الشركة) وأرباحها. تعني ملكية السهم أن صاحب السهم يملك حصة من الشركة، وتساوي هذه الحصة نسبة ما يملكه من أسهم مقارنةً بجميع الأسهم التي أصدرتها الشركة. أي إن الشخص الذي يملك 100,000 سهم من شركة طرحت للتداول مليون سهم، يملك 10% منها.

ملاحظة: أصدرت معظم الشركات أسهمًا للتداول بأعداد تتجاوز ملايين أو مليارات الأسهم.

الأسهم العادية والممتازة

هناك نوعان رئيسيان للأسهم: العادية والممتازة.

يمكننا القول إن الأسهم العادية هي مرادف لحقوق الملكية، لأن القيمة السوقية للأسهم العادية وحجم تداولها يفوق بكثير قيمة الأسهم الممتازة وحجمها.

إن أهم اختلاف بين النوعين هو أن الأسهم العادية غالبًا ما تعطي صاحبها حق التصويت، أي إن مالك الأسهم العادية يستطيع حضور اجتماعات الشركة والتصويت عند اتخاذ القرار، مثل الاجتماع السنوي العام وانتخابات مجلس إدارة الشركة وتحديد موعد تدقيق حسابات الشركة.

أما الأسهم الممتازة، فلا تعطي صاحبها حق التصويت غالبًا، ولكنها سُميت ممتازة أو مُفضّلة لأن لها الأفضلية على الأسهم العادية في توزيع الأرباح والتوزيعات الناتجة عن تصفية ممتلكات الشركة.

لا يقتصر تصنيف الأسهم على العادية والممتازة فقط، إذ يوجد عدة أنواع للأسهم العادية، وجوهر الأسهم العادية هو أنها تملك حقوق تصويت متساوية (كل حصة تعطي صوتًا)، وتملك بعض الشركات فئتين أو أكثر من الأسهم العادية وتختلف حقوق التصويت بين فئة وأخرى.

مثال: في حال وجود فئتين للأسهم العادية، قد تعطي أسهم الفئة أ صاحبها 10 أصوات لكل سهم، وتعطي أسهم الفئة ب صاحبها صوتًا واحدًا فقط لكل سهم.

صُمّمت بنية الشركات على أساس فئتين أو أكثر من الأسهم لزيادة مقدرة مؤسسي الشركة على التحكم في ثروتها وقدرتها على الابتكار وتوجهاتها الاستراتيجية.

لماذا تصدر الشركة الأسهم؟

بدأت معظم الشركات العملاقة التي نراها اليوم كشركة صغيرة خاصة بدأها مؤسس طموح منذ عدة عقود، مثل مجموعة علي بابا القابضة محدودة المسؤولية التي أسسها جاك ما في منزله في الصين في هانغزو عام 1999، ومثل شركة فيسبوك التي أصدر مارك زكربيرغ أول نسخة منها في غرفته في سكن جامعة هارفارد عام 2004، ثم أصبحتا من بين أضخم شركات العالم بعد أقل من عشرين عام.

يتطلب نمو الشركات في خطا متسارعة رأسمال ضخم، ولكي تتجسّد فكرة الشخص الريادي في شركة عاملة، على هذا الشخص أن يستأجر مكتبًا أو مصنعًا ويوظّف عمالًا وموظفين ويشتري المعدات والمواد الخام، وغيرها من الأشياء المكلفة. تتطلب هذه الاحتياجات الكثير من المال، ويختلف حجم رأس المال المطلوب بحسب مجال الشركة الناشئة ومستواها.

جمع رأس المال

يمكن جمع رأس المال عند إنشاء الشركة إما ببيع الحصص (التمويل بحقوق الملكية) أو باستدانة النقود (التمويل بالقروض). قد يتطلب التمويل بالقروض رهن بعض الممتلكات للحصول على القرض، لذا قد يشكل هذا مشكلة للشركة الناشئة، خاصةً عند إنشاء شركة تعمل في مجال التكنولوجيا أو التكنولوجيا الحيوية، إذ إن معظم ممتلكات هذه الشركات ليست مادية أو ملموسة. والمشكلة الثانية التي تنتج عن التمويل بالقروض هي فوائد القرض التي تضع عبئًا ماليًّا على الشركة في أيامها الأولى التي تكون حينها إيرادات الشركة وأرباحها قليلة أو معدومة.

كيف يعمل سوق الأسهم - كمية الأموال التي تعود لأصحاب الشركة في حال تصفية جميع ممتلكات الشركة ودفع ديونها - أرباح الشركات - الاستثمار

ولذلك يمكننا القول إن الطريقة المُثلى لحصول الشركات الناشئة على رأس المال هي التمويل بحقوق الملكية. قد يحصل صاحب الفكرة في بداية مشروعه على التمويل من مدخراته الشخصية والعائلة والأصدقاء، ولكن مع توسع العمل وازدياد حجم المتطلبات الرأسمالية، قد يلجأ صاحب الفكرة إلى مستثمر مَلَاك أو رأس مال مغامر (المستثمر الملاك هو شخص فاحش الثراء يقدم الدعم المالي للشركات أو للأشخاص الرياديين مقابل حصة من ملكية الشركة، ورأس المال المغامر أو المخاطر هو أحد أنواع التمويل الذي يقدّمه المستثمرون للشركات الناشئة التي يتوقعون لها النمو على المدى الطويل).

إدراج أسهم الشركة في لوائح أسواق الأسهم

عند تأسيس الشركة، قد تحتاج الشركة إلى رأس مال أكبر من الذي تحصل عليه من عملياتها الجارية أو من القرض التقليدي من البنك. وتستطيع الحصول على رأس المال هذا ببيع الحصص لعامة الناس في عرض عام أولي (أو إصدار عام أولي، وهو عملية عرض حصص شركة خاصة الملكية للبيع في إصدار جديد للأسهم)، ما يغير نوع الشركة من شركة خاصة الملكية يملكها عدد قليل من الناس إلى شركة مساهمة يملكها ويتداول أسهمها عدد كبير من عامة الناس. يعطي العرض العام الأولي المستثمرين الجدد فرصة بيع جزء من حصة الشركة واكتساب إيرادات جيدة من هذه العملية.

وبعد إدراج أسهم الشركة في لائحة أحد أسواق الأسهم وبدء تداولها، تبدأ أسعار أسهم الشركة بالتذبذب وفقًا لتقييم ومراجعة المستثمرين والتجار للقيمة الحقيقية للأسهم. يوجد الكثير من النسب والمقاييس لتقييم الأسهم، أشهرها نسبة السعر إلى الأرباح. هناك منهجان أساسيان لتحليل الأسهم: التحليل الأساسي والتحليل التقني.

(التحليل الأساسي: هو طريقة لقياس القيمة الحقيقية للسهم باختبار جميع العوامل الاقتصادية والمالية، ودراسة كل ما قد يؤثر في سعر السهم. قد لا تنعكس عوامل التحليل الأساسي على السوق، ولذلك يتنبأ التحليل التقني باتجاه الأسعار بدراسة البيانات التاريخية مثل السعر والحجم).

ما سوق الأسهم؟

أسواق الأسهم هي أسواق ثانوية، يستطيع فيها أصحاب الأسهم التعامل مع المشترين المحتملين. (الفرق بين الأسواق الثانوية والأولية هو أنه في الثانوية يبيع المستثمرون ويشترون الأسهم التي يملكونها، ولكن الأولية هي الأسواق التي يُباع فيها أول إصدار للأسهم).

علينا أن نفهم فكرة هامة، وهي أن الشركات المدرجة في لوائح أسواق الأسهم لا تنخرط في بيع وشراء أسهمها بانتظام (قد تجري الشركة عمليات إعادة الشراء وإصدار أسهم جديدة، ولكن هذه العمليات ليست يومية وتحدث غالبًا خارج نطاق سوق الأسهم). هذا يعني أنك عندما تشتري أسهمًا في سوق الأسهم، أنت لا تشتريها من الشركة التي تعود الأسهم لها، بل تشتريها من مالكها وهو شخص آخر، وعندما تبيع الأسهم، فأنت لا تبيعها للشركة بل تبيعها لمستثمر آخر.

ظهرت أولى أسواق الأسهم في أوروبا في القرنين السادس عشر والسابع عشر، غالبًا في مدن المرافئ والمحاور التجارية مثل أنتويرب وأمستردام ولندن. ولكن هذه الأسواق في بدايتها كانت أقرب لتداول السندات وليس الأسهم، لأن عدد الشركات كان صغيرًا ولم تكن تصدر الأسهم. وكانت تُعد معظم الشركات في ذلك الزمن منظمات نصف عامة، إذ كان عليها أن تحصل على اعتماد قانوني من الحكومة لكي تجري أعمالها.

في أواخر القرن الثامن عشر، بدأت أسواق الأسهم بالظهور في الولايات المتحدة الأمريكية، وخاصةً سوق نيويورك للأسهم، ما سمح بتداول الأسهم. كان سوق فيلاديلفيا للأسهم أول سوق أسهم في الولايات المتحدة، وهو ما يزال موجودًا حتى اليوم. تأسس سوق نيويورك للأسهم عام 1972 بتوقيع 24 تاجرًا وسمسارًا من مدينة نيويورك اتفاقية بوتونوود، وقبل هذه الاتفاقية، كان التجار والسماسرة يجتمعون بصيغة غير رسمية تحت شجرة دلب في شارع وول ستريت لبيع الأسهم وشرائها.

في زمن التنظيم والاحتراف، بشّر ظهور أسواق الأسهم المعاصرة بضمان بائعي ومشتري الأسهم أن تعاملاتهم ستتم وفق أسعار عادلة ومدة زمنية معقولة.

يوجد اليوم العديد من أسواق الأسهم في الولايات المتحدة والعالم، وترتبط معظم هذه الأسواق ببعضها إلكترونيًّا، هذا يعني أن أسواق الأسهم اليوم أكثر كفاءة وسيولة.

ويوجد أيضًا عدد من أسواق الأسهم الموازية، وتكون القوانين في هذه الأسواق أقل تقييدًا، ولكن الأسهم فيها أكثر مخاطرة لأنها تدرج في لوائحها الشركات التي تفشل في مطابقة المعايير الصارمة المطلوبة لأسواق الأسهم الكبيرة. على سبيل المثال، قد تشترط أسواق الأسهم الكبيرة على الشركة أن يتجاوز عمر الشركة عددًا محددًا من السنين قبل إدراجها، وقد تضع أيضًا شروطًا متعلقة بحجم قيمة الشركة وأرباحها.

في معظم الدول المتطورة، إن أسواق الأسهم منظمات ذاتية التنظيم، أي إنها منظمات غير حكومية تملك صلاحية وضع المعايير وفرضها وتنظيم نشاط معين. إن أولوية أسواق الأسهم هي حماية المستثمرين بتأسيس القواعد التي تعزز المساواة والأخلاقيات، وأهم الأمثلة في الولايات المتحدة على منظمات ذاتية التنظيم تعمل في مجال أسواق الأسهم هي الجمعية الوطنية لتجار الأوراق المالية (NASD) وهيئة تنظيم الصناعة المالية (FINRA).

كيف تُحدَّد أسعار الأسهم؟

يوجد عدة طرق لتحديد الأسعار في أسواق الأسهم، ولكن أشهر الطرق وأكثرها شيوعًا هي تحديد الأسعار بواسطة المزاد. في عملية المزاد، يضع الباعة والمشترون مزايداتهم ومناقصاتهم. المناقصة هي السعر الذي يحدده من يريد أن يشتري (تمثل جانب الطلب)، أما المزايدة هي السعر الذي يحدده من يريد أن يبيع (تمثل جانب العرض)، وتتم الصفقة عند التقاء العرض والطلب.

يتشكل السوق من ملايين المستثمرين والتجار الذين قد تختلف آراؤهم حول سهم شركة معينة، وعلى هذا سيختلف تقييمهم لسعر هذا السهم. وعندما تتحول هذه الآراء إلى أفعال، ويجري هؤلاء المستثمرون آلاف عمليات البيع والشراء كل يوم، يؤدي هذا الأمر إلى تغيرات في السهم في كل دقيقة من اليوم التجاري. يؤمّن سوق الأسهم منصة تجمع بين بائعي ومشتري الأسهم ما يُسهِّل هذه العملية التجارية. يحتاج الشخص العادي إلى سمسار لكي يدخل إلى سوق البورصة، والسمسار هو الوسيط بين البائع والمشتري. عادةً ما يتفق الناس مع سمسار بإنشاء حساب على أحد مواقع السمسرة بالتجزئة.

العرض والطلب في سوق الأسهم

يُمثل سوق الأسهم عمل قوانين العرض والطلب على أرض الواقع. يلزم وجود بائع ومشترٍ لكل تعامل، وتفرض قوانين العرض والطلب أن سعر السهم سوف يرتفع في حال وجود مشترين للسهم أكثر من وجود بائعين له، ولا شك أن سعر السهم سوف ينخفض في حال وجود بائعين للسهم أكثر من المشترين.

يمثل الفرق بين العرض والطلب الفرق بين أعلى سعر يستعد المشتري لدفعه مقابل السهم (الطلب) وأدنى سعر يوافق عليه البائع (العرض).

ويحصل التعامل التجاري عند موافقة المشتري على سعر العرض أو موافقة البائع على سعر الطلب. وإذا كان عدد المشترين أكبر من عدد الباعة، قد يضطر المشترون لزيادة سعر الطلب (مزايدة) لكي يضمنوا حصولهم على السهم، ولا شك أن الباعة سيزيدون سعر العرض، ما يؤدي إلى زيادة سعر السهم. أما إذا كان عدد الباعة أكبر من عدد المشترين، قد يقبل الباعة سعرًا أقل لبيع السهم (مناقصة)، ولا شك أن المشترين سيخفضون المبلغ الذي يستعدون لدفعه مقابل السهم، ما يؤدي إلى انخفاض سعر السهم.

التوفيق بين البائعين والمشترين

تعتمد بعض أسواق الأسهم على تجار محترفين لضمان استمرارية العرض والطلب، لأنه من غير المضمون التقاء بائع السهم ومشتريه واتفاقهما متى أرادا. يُعرف هؤلاء التجار المحترفون بالمتخصصين أو صناع السوق.

(المختص: يحتفظ المختص بمخزون سهم محدد، وينشر أسعار العرض والطلب، ويتحكم في حد الطلبات وإتمام الصفقات، وإذا كان الطلب أكبر من العرض، يتدخل المختص ويبيع من مخزونه بهدف تقليل الفرق بين العرض والطلب أو سد الفجوة بينهما.

صانع السوق: هو شخص أو شركة، مهمته التدخل الفعال في عمليات البيع والشراء في سوق ثنائي الجانب (سوق يلتقي فيه البائع والمشتري)، وتزويد السوق بالعرض أو الطلب اللازم، أي إنه يبيع ويشتري ويضخ السيولة في السوق في مكانها المناسب ويربح من فرق الأسعار).

يتكون السوق ثنائي الجانب من العرض والطلب، والفرق بينهما هو الفرق بين سعر العرض وسعر الطلب. وتزداد سيولة السوق بازدياد حجم العروض والطلبات وانخفاض قيمة الفرق بينهما.

(عمق السوق هو مصطلح يشير إلى إمكانية السوق على الحفاظ على أعداد كبيرة من التعاملات دون أن يتأثر سعر السهم كثيرًا).

ويُقال عن عمق السوق إنه جيد عند وجود أعداد كبيرة من طلبات البيع والشراء بأسعار مختلفة.

ملاحظة: من الطبيعي اختلاف أسعار العروض والطلبات، ولكن العمق الجيد يعني وجود الكثير منها لتتوفر المقدرة على تلبية جميع العروض والطلبات، واختلاف الأسعار يعني هنا أن تتباين الأسعار بدرجة قليلة حول قيمة محددة وليس أن تتذبذب بفوارق كبيرة ويكون تأثيرها في سعر السهم كبيرًا، مثل أن تكون أسعار العروض والطلبات ( 100-100.1-99.9-100.2-99.8)

تتصف أسواق الأسهم ذات الجودة العالية بثلاث صفات هي:

  1.  فرق قليل بين أسعار العروض وأسعار الطلبات.
  2.  سيولة عالية.
  3.  عمق جيد.

ولا شك أن الأسهم ذات الجودة العالية وأسهم الشركات الكبيرة تتصف بنفس الصفات.

سابقًا كان يلتقي بائع السهم ومشتريه في سوق الأسهم شخصيًّا، ولكن الوضع اختلف اليوم، وتتم معظم العمليات بواسطة أنظمة تداول مؤتمتة.

كانت الطريقة التقليدية مبنية على أساس نظام المزاد العلني، فيلتقي التجار في الساحة التجارية على أرض سوق الأسهم، ويتواصلون بطريقة شفهية وبإشارات اليد لبيع وشراء مجموعات كبيرة من الأسهم.

وتفوقت أنظمة التجارة الإلكترونية على نظام المزاد العلني وحلت محلها، وتستطيع هذه الأنظمة جمع الباعة والمشترين بكفاءة أعلى وأسرع بكثير مما يستطيع عليه البشر، وتمتاز هذه الأنظمة بتخفيضها للنفقات التجارية وتسريعها لإتمام الصفقة.

فوائد إدراج السهم في سوق الأسهم

إن إدراج أسهم الشركة في لائحة سوق أسهم مرموق (مثل سوق نيويورك وسوق ناسداك) هو أحد أهم أهداف الشركة الناشئة، وللإدراج فوائد عديدة أهمها:

  1.  يعني الإدراج سهولة تحول أسهم أصحاب الحصص إلى سيولة. (أي إنها تزيد من عامل الأمان للأشخاص الذين يرغبون في شراء أسهم الشركة، فهم قادرون على تحويلها إلى سيولة في أي وقت)
  2.  يزيد مقدرة الشركة في الحصول على التمويل بواسطة إصدار المزيد من الأسهم.
  3.  يزيد وجود أسهم عامة التداول سهولة وضع خطط خيارات الأسهم التي تعد ضرورية لجذب الموظفين الماهرين. (خيارات الأسهم للموظفين هي نوع من التعويض بالملكية تمنحها الشركة للموظفين والمديرين، عوضًا عن إعطائهم حصصًا من الأسهم مباشرةً، تعطيهم الشركة خيارات مشتقة من الأسهم، كخيار شراء السهم بسعر معين ضمن فترة محدودة)
  4.  يزيد الإدراج من ظهور اسم الشركة في الأسواق، ما يزيد من تغطية المحللين لأسهم الشركة وازدياد الطلب عليها من قبل المؤسسات الاستثمارية ما قد يرفع سعر السهم. (تغطية المحللين هي التقارير والأبحاث ونصائح الاستثمار التي ينشرها المحللون لخدمة عملائهم).
  5.  تستطيع الشركة استخدام الأسهم المدرجة كعملة عندما تريد الاستحواذ على شركة أخرى، ويمكنها دفع المبلغ المطلوب أو جزء منه بواسطة الأسهم.

تعني هذه الفوائد أن معظم الشركات الكبيرة عامة وليست خاصة الملكية، ولا شك أن لكل قاعدة استثناء، ويوجد عدة شركات كبيرة تُعد خاصة الملكية وليست عامة (شركات مساهمة)، مثل كارغيل (شركة عملاقة في مجال الأغذية والزراعة) والمجموعة الصناعية كوتش إندستريز وشركة المفروشات الشهيرة أيكيا.

سلبيات إدراج الأسهم في سوق الأسهم

يوجد عدة عيوب للإدراج منها:

  1.  يترتّب دفع الكثير من التكاليف التي يفرضها الإدراج على الشركة، مثل رسوم الإدراج وتكاليف متعلقة بالامتثال القانوني وتقديم التقارير.
  2.  القوانين المرهقة التي قد تقيد أعمال الشركة.
  3.  تركيز معظم المستثمرين على المدى القصير، ما يفرض على الشركة محاولة التغلب على تقديرات أرباحها الربعية بدلًا من التركيز على استراتيجية الشركة على المدى الطويل. (تقديرات الأرباح هي تقديرات المحللين لأرباح أسهم الشركة السنوية أو ربع السنوية)

تتأخر العديد من الشركات الناشئة التي تملك رأسمال كبير (وتُسمى هذه الشركات وحيدة القرن أو أحادية القرن، لأن الشركات الناشئة برأسمال أكبر من مليار دولار تُعد نادرة جدًّا) في إدراج أسهمها في سوق الأسهم مقارنةً بغيرها من الشركات الناشئة منذ عقد أو عقدين من الزمن.

قد يكون أحد أسباب هذا التأخير في الإدراج هو السلبيات التي ذكرناها سابقًا، ولكن السبب الأساسي قد يكون أن الشركات الناشئة صاحبة الإدارة الجيدة تستطيع الحصول على رأسمال كبير من صناديق الثروة السيادية وحقوق الملكية الخاصة والرأسماليين المغامرين .أي إن المقدرة على الحصول على كميات ضخمة من التمويل تقلل من ضرورة إصدار الشركة الناشئة لعرض عام أولي وإدراج أسهمها في أسواق الأسهم.

من الجدير بالذكر انخفاض أعداد الشركات المساهمة (عامة التداول) في الولايات المتحدة من 8000 شركة عام 1996 إلى ما بين 4100-4400 شركة عام 2017.

الاستثمار في الأسهم

أظهرت العديد من الدراسات أن الأسهم -على المدى الطويل- تولد عوائد استثمار أكبر من أي ممتلكات أخرى. تأتي عوائد الأسهم من الأرباح الرأسمالية أو من توزيعات الأرباح .الأرباح الرأسمالية هي الأرباح التي تنجم عن بيع السهم بسعر أعلى من سعر الشراء، وشكلت الأرباح الرأسمالية ثلثي عوائد الاستثمار في الأسهم منذ عام 1956. توزيعات الأرباح هي الحصة من الربح التي توزعها الشركة على أصحاب الحصص (أصحاب الأسهم)، وشكلت توزيعات الأرباح ثلث عوائد الاستثمار في الأسهم منذ عام 1956.

قد يبدو شراء الأسهم في شركات عملاقة مثل فيسبوك وآبل وآمازون ونيتفلكس وآلفابيت (آلفابيت هي الشركة الأم لشركة غوغل، وتُسمى هذه الشركات الخمسة شركات فانغ-FAANG) في مرحلة مبكرة أحد الجوانب المحيرة في الاستثمار في الأسهم، لأنه في الواقع، من النادر جدًّا وصول شركة إلى هذه المرحلة من النجاح. يتحمل المستثمرون الذين يأملون بحصاد أرباح ضخمة درجة أكبر من المخاطرة، وعليهم التخطيط للحصول على معظم العوائد من الأرباح الرأسمالية وليس من توزيعات الأرباح. أما المستثمرون المحافظون (الحذرون)، الذين يحتاجون إلى إيرادات محفظتهم الاستثمارية، فعليهم اختيار أسهم الشركات التي تملك تاريخًا طويلًا من دفع توزيعات الأرباح الجيدة.

الحصة السوقية والقطاع

يوجد عدة طرق لتصنيف الأسهم، وأكثر طريقتين استخدامًا هما بحسب الحصة السوقية وبحسب القطاع (مجال عمل الشركة).

الحصة السوقية: يشير مصطلح الحصة السوقية إلى القيمة السوقية للأسهم التي أصدرتها الشركة، وتُحتسب بضرب عدد الأسهم الإجمالي بقيمة السهم السوقية.

ويوجد ثلاثة تصنيفات للحصة السوقية (تختلف بحسب السوق)، ولكنها عادةً على النحو التالي:

شركات الحصة الكبيرة: هي الشركات التي تبلغ قيمة حصتها السوقية 10 مليار دولار أو أكثر من ذلك.

شركات الحصة المتوسطة: هي الشركات التي تتراوح قيمة حصتها السوقية بين 2 مليار دولار و10 مليار دولار.

شركات الحصة الصغيرة: هي الشركات التي تتراوح قيمة حصتها السوقية بين 300 مليون دولار و2 مليار دولار.

القطاع: تُصنَّف الشركات بحسب القطاع وفق المعيار العالمي لتصنيف الصناعات (GICS) الذي طورته مؤسسة مورغان ستانلي بالتعاون مع ستاندرد آند بورز عام 1999 ليكون أداة فعالة في قياس عمق القطاعات الصناعية وسعتها وتطورها، ويتكون هذا النظام من 11 قطاعًا و24 مجموعة صناعية، القطاعات هي:

  1.  الطاقة.
  2.  المواد.
  3.  الصناعيات.
  4.  السلع الاستهلاكية الأساسية.
  5.  السلع الاستهلاكية غير الأساسية.
  6.  الرعاية الصحية.
  7.  المالية.
  8.  تكنولوجيا المعلومات.
  9.  خدمات التواصل.
  10. المرافق العامة.
  11.  العقارات.

يُسهِّل التصنيف بحسب القطاع ترتيب المستثمر محفظته الاستثمارية وفقًا لتحمله للمخاطرة وتفضيله للاستثمار.

مثلًا: قد يتجه المستثمرون المحافظون الذين يحتاجون إلى الدخل نحو الاستثمار في القطاعات التي تتصف أسهم شركاتها الرئيسية باستقرار سعر السهم وبتوزيعات أرباح جيدة، وتُسمى هذه القطاعات «القطاعات الدفاعية»، مثل قطاعات السلع الاستهلاكية غير الأساسية والرعاية الصحية والمرافق.

وقد يتجه المستثمر الجريء نحو قطاعات أكثر تقلبًا، مثل قطاعات تكنولوجيا المعلومات والطاقة والمالية.

مؤشرات سوق الأسهم

يراقب معظم المستثمرون المؤشرات بالإضافة إلى مراقبتهم للأسهم. وتمثل المؤشرات الأسعار المجمعة لعدة أسهم مختلفة، ويتحرك المؤشر بتأثير حركة كل مكون من مكوناته. (أي إن المؤشر يضم مجموعة من الأسهم، ويؤثر كل سهم في المؤشر بارتفاعه وانخفاضه بحسب وزنه في المؤشر). وعند الحديث عن أسواق الأسهم، لا بد من التطرق إلى أكبر المؤشرات مثل مؤشر داو جونز الصناعي ومؤشر إس آند بي 500.

مؤشر داو جونز الصناعي: هو مؤشر موزون بحسب السعر، ويضم 30 شركة أمريكية كبيرة، ونظرًا إلى طريقته في وزن الأسهم ولأنه يضم فقط 30 شركة من بين آلاف الشركات، فلا يُعد مؤشرًا جيدًا لقراءة أداء سوق الأسهم.

مؤشر إس آند بي 500: (ستاندرد آند بورز 500) هو مؤشر موزون بحسب الحصة السوقية، ويضم أكبر 500 شركة أمريكية، ويُعد مؤشرًا أفضل بكثير.

قد يكون المؤشر عموميًّا مثل داو جونز وإس آند بي 500، وربما يكون متخصصًا بصناعة معينة أو بقطاع معين. يمكن المستثمرين تداول المؤشرات بطريقة غير مباشرة عبر أسواق العقود المستقبلية أو عبر صناديق الاستثمار المتداولة، وهكذا يمكنهم تداول المؤشرات مثل تداول الأسهم في أسواق الأسهم.

يمكن قياس أداء سوق الأسهم بمراقبة مؤشر السوق، وإن معظم المؤشرات موزونة بحسب الحصة السوقية، أي إن وزن كل جزء من أجزاء المؤشر يكون بحسب حصته السوقية (الشركة التي حصتها السوقية 25%، وزنها أيضًا في المؤشر 25%).

ويوجد القليل من المؤشرات التي تتبع نمط الوزن بحسب السعر مثل مؤشر داو جونز (ويكون وزن الشركة في المؤشر بحسب سعر سهمها، وقيمة المؤشر تكون مجموع أسعار أسهم الشركات فيه مقسمًا على عددها)، وأهم المؤشرات الولايات المتحدة والعالم (بالإضافة إلى مؤشر داو جونز) هي:

  1.  إس آند بي 500. – S&P 500
  2.  ناسداك كوبموزيت (ناسداك المُركّب). Nasdaq composite
  3.  مؤشرات روسيل (روسيل 1000 وروسيل 2000).Russel Indices
  4.  تي إس إكس كومبوزيت ( كندا). TSX Composite
  5.  مؤشر إف تي إس إي (المملكة المتحدة).FTSE Index
  6.  نيكي 225 (اليابان).Nikkei 225
  7.  مؤشر داكس (ألمانيا).Dax Index
  8.  مؤشر سي إي سي 40 (فرنسا).CAC 40 Index
  9.  مؤشر سي إس آي 300 (الصين). CSI 300 Index
  10. سينسيكس (الهند).Sensex

أكبر أسواق الأسهم

ظهرت أسواق الأسهم منذ أكثر من مئتي عام. يمكننا القول إن جذور سوق نيويورك تعود لعام 1792 عندما التقى 24 سمسارًا في لوير مانهاتن وعقدوا اتفاقًا ينص على تداول الأوراق المالية مقابل عمولة. وفي عام 1817، عدّل سماسرة نيويورك هذا الاتفاق وأعادوا تنظيم سوق بورصة نيويورك.

إن أكبر سوقين للأسهم في العالم هما سوق نيويورك وسوق ناسداك بحسب مجموع الحصص السوقية لجميع الشركات المدرجة فيهما. يبلغ عدد أسواق الأسهم المسجلة في هيئة الأوراق المالية والبورصة الأمريكية نحو 24 سوقًا، مع أن معظمها يمتلكه ناسداك أو سوق بورصة نيويورك أو سوق بورصة شيكاغو (CBOE).

يظهر الجدول التالي أكبر 20 سوق أسهم في العالم، مرتبة بحسب الحصة السوقية للشركات المدرجة فيها:

الحصة السوقية المحلية في يناير 2020 (مقدرة بملايين الدولارات الأمريكية)

اقرأ أيضًا:

فهم أنواع القروض المختلفة

نموذج الأعمال الرئيسي لشركات التأمين

ترجمة: كميت خطيب

تدقيق: أيمن الشطي

مراجعة: رزان حميدة

المصدر