نجح علماء الفلك المختصون بدراسة الموجات الثقالية في رصد هذا النوع من التصادمات مجددًا، ما أضاف إلى التصادمات المرصودة تصادمًا جديدًا بين نجمين نيوترونيين. في 25 أبريل/نيسان الماضي، اكتشف أحد مقاييس التداخل لدى مرصد ليغو نجمين نيوترونيين يدوران حول بعضهما على بعد 520 مليون سنة ضوئية، وقد اندمجا في جرم واحد.

أُطلق على هذا الجرم اسم GW190425، وهو مازال الرصد الثاني من نوعه لمثل هذا النوع من التصادمات على الإطلاق، لكنه يزيد من فهمنا لهذه التصادمات الكونية الضخمة.

جاء في الورقة البحثية المُقدمة لمجلة الفيزياء الفلكية: «يُعَد النظام GW190425نوعًا جديدًا من الأنظمة الفلكية لم يُكتشف سابقًا».

للمرة الثانية يرصد العلماء اصطدام نجم نيوتروني ملحمي - اكتشف أحد مقاييس التداخل لدى مرصد ليغو نجمين نيوترونيين يدوران حول بعضهما - الموجات الثقالية

اكتُشف اصطدام نجم نيوتروني ثنائي لأول مرة في أغسطس 2017، وقدم مجموعةً ضخمة من البيانات باستخدام وسائل المراقبة المعروفة باسم علم الفلك متعدد الرسل multi-messenger astronomy.

والآن يؤكد الكشف الجديد الظاهرة نفسها.

يقول الفيزيائي جو فان دينبراند من جامعة ماستريخت في هولندا: «لقد رصدنا حدثًا ثانيًا للنجوم النيوترونية الثنائية، وهذا مهم لتأكيد الكشف الأول الذي حدث سنة 2017، لذا يُعَد بدايةً جديدة مبهجة لعلم الفلك متعدد الرسل».

لكن توجد بعض الاختلافات المهمة جدًّا.

بخلاف الحدث الأول، المُسمىGW170817 ، لم يُرصَد أي ضوء عند اندماج النجمين في النظام GW190425. وربما يرجع هذا جزئيًّا لبعد المسافة، خاصةً أن أحد مستشعري مرصد ليغو لم يكن عاملًا حينها، وكانت الإشارة أكثر خفوتًا من أن يرصدها الكاشف فيرجو.

صعَّب ذلك تتبع مصدر الإشارة بدقة، لكن عدم رصد الإشارة بواسطة الكاشف فيرجو سمح للفريق بتضييق نطاق البحث عن مصدر الإشارة إلى نحو 20% من سماء الأرض.

وحتى مع عدم وجود بيانات بصرية، يمكن من طريق الإشارات الناتجة عن الموجات الثقالية تحديد كتل الأجسام المتصادمة واتجاهها وسرعة دورانها.

شاهد الفيديو

وهنا كانت المفاجأة، فاستنادًا إلى إشارات موجات الجاذبية، اكتشف الفريق أن أحد النجمين المتصادمين بلغت كتلته 1.4 مثل كتلة الشمس، وبلغت كتلة الآخر نحو ضعف كتلة الشمس.

قالت الفيزيائية النظرية سوزان سكوت من جامعة أستراليا الوطنية: «فاجأتنا الكتلة الكلية لهذا النظام الثنائي بشدة، إذ تبلغ 3.4 مثل كتلة الشمس، وهذا يفوق كتل النجوم الثنائية النيوترونية المُكتشَفة سابقًا في مجرتنا، ما يدل على احتمالات مثيرة حقًا، فربما هذا النظام قد تكوَّن بطريقة مختلفة عن الأنظمة الثنائية المرصودة في مجرتنا، وأن الأنظمة النجمية الثنائية ضخمة الكتلة ربما لا يمكن كشفها بواسطة تليسكوبات المسح الشامل المستخدمة حاليًا».

قُدِّرَت كتلتا النجمين المشاركين في النظام GW170817 بنحو 1.1 و1.6 مثل كتلة الشمس، وعليه تبلغ الكتلة الكلية للنظام نحو 2.7 مثل كتلة الشمس.

ومع أننا لم نكتشف الكثير من عمليات اندماج النجوم النيترونية الثنائية، فقد حدد علماء الفلك 17 نظامًا نجميًّا الثنائية في درب التبانة لمقارنة كتلها، وبلغت أعلى كتلة بينها نحو 2.9 مثل كتلة الشمس للنظام بأكمله (أي للنجمين معًا).

شاهد الفيديو

قد يساعد ذلك علماء الفلك على فهم كيفية تشكل الأنظمة النجمية الثنائية. يوجد احتمالان: الأول أن نجمين هائلين يولدان ويعيشان ويموتان معًا، والاحتمال الثاني أن أحد النجمين يجذب الآخر إلى مداره في أثناء فترة حياته. يصعب تحديد أي من هذين الاحتمالين ينطبق على النظام الثنائي GW190425، لكن قد تستطيع النماذج أن تكشف المزيد من المعلومات.

يوضح الجرم الناتج عن اصطدام النجمين في النظام GW190425 نتائج مثيرة للاهتمام كذلك، لأنه يتطرق إلى أحد المواضيع الهامة في الفيزياء الفلكية، وهو فجوة الكتلة التي تفصل بين النجوم النيوترونية والثقوب السوداء.

تُعَد النجوم النيوترونية والثقوب السوداء بقايا نجوم ميتة، لكننا لم نرصد من قبل ثقبًا أسود أصغر من كتلة الشمس بنحو 5 أضعاف، أو نجمًا نيوترونيًّا أكبر من كتلة الشمس بنحو 2.5 ضعف.

لا نعرف حتى الآن إذا كان الاصطدام المسبب لتكون النظام النجمي الثنائي GW190425 نتج عن نجم نيتروني أكبر من المعتاد أم ثقب أسود أصغر من المعتاد (وهو أمر ما زال مجهولًا أيضًا في حالة النظامGW170817 )، لكن ربما نكتشف بعض الإجابات عن تلك الفجوة الواقعة بين كتل النجوم النيوترونية والثقوب السوداء.

قدم الفريق نتائجه في الاجتماع 235 للجمعية الفلكية الأمريكية في هاواي.

اقرأ أيضًا:

كن مستعدًا، استطاعت مسرعات الجسيمات لتوها توليد تصادم النجوم النيوترونية

هل اندماج الثقوب السوداء وحده هو ما ينتج الموجات الثقالية ؟

اكتشاف النجم النيوتروني الأضخم على الإطلاق حتى الآن

ترجمة: آية قاسم

تدقيق: بدر الفراك

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر