يعد الكافيين المخدرات المفضلة لدينا.

ولكن إذا فوتنا الجرعة اليومية، يمكن أن يسبب صداعًا حقيقيًا بأكثر من طريقة.

الكافيين هو مادة منشطة؛ تدخل إلى الدماغ سريعًا وتسد مستقبلات (الأدينوزين – Adenosine) المسؤول عن خمول نشاط الدماغ؛ لذلك عن طريق منع خمول الدماغ، نحن نشعر بالنشاط والتركيز والنشوة الخفية.

أيضًا يمكن لهذه المشاعر أن تُحسِّن من أدائنا في بعض المهام المعينة التي تتطلب تركيزًا مثل القيادة أو البقاء منتبهًا طوال المحاضرة.

هذا هو الجانب الإيجابي للكافيين، الجانب السلبي هو ما نشعر به إذا لم نحصل على جرعتنا المعتادة.

بسبب الزيادة المتوقعة لنشاط الدماغ بعد فنجان من القهوة، فإن مستوى انخفاض النشاط دون ذلك الفنجان يبدو أعمق وأطول.

المشكلة الأخرى هي أن الكافيين يُعدُّ إدمانًا؛ إذا لم نحصل على ما اعتدنا عليه، نشعر بالتعب وعدم الانتباه والعصبية وتقلب المزاج؛ هذا ما يُعرف بأعراض الانسحاب؛ يشرب الكثير من الناس المشروبات التي تحتوي على الكافيين بانتظام فقط ليتجنبوا الشعور بهذه الأعراض.

إلى حد كبير، أكثر الأعراض شيوعًا لانسحاب الكافيين هي الصداع.

وعادة ما تكون هذه الأعراض خفيفة وقصيرة الأمد، تستمر عادة ليوم أو يومين، على الرغم من أنها قد تستمر أحيانًا لمدة تصل إلى أسبوع.

هم عادة ما يشعرون بشيء مثل عصابة مشدودة وملفوفة على الرأس ولذلك تُسمى أحيانًا صداع التوتر نتيجةً لذلك.

ومع ذلك، يمكن أيضًا لأعراض انسحاب الكافيين أن تسبب صداعًا نصفيًا شديدًا للبعض.

نحن نصاب بالصداع كعرض لانسحاب الكافيين غالبًا بسبب (بالإضافة إلى العديد من الأسباب الأخرى) أن الوجه والرأس هما أكثر أجزاء الجسم نشاطًا وحساسيّة.

لكي يعرف الدماغ ما يحدث بدقة، يجب على الإشارات التي يستقبلها من الحواس أن تصل إليه على الفور.

أي تشويش في الإشارة يُمكن أن يؤدي إلى فقدان الرسالة أو حتى تلقي رسالة خاطئة.

إحدى نظريات تفسير الصداع هي أن دماغنا الغامض يُسيء فهم بعض الإشارات غير الضارة والتي يستقبلها من رأسنا وتسميها صداعًا.

سيختبر ربما نصف من يشربون القهوة والشاي بانتظام بعض مستويات أعراض انسحاب الكافيين، إذا تم حرمانهم تمامًا من جرعتهم المعتادة.

كلما شربنا الكافيين بانتظام وبكميات كثيرة كنا أكثر عرضة لتجربة أعراض الانسحاب إذا أقلعنا عنه.

ومع ذلك تحدث أعراض الانسحاب حتى للأشخاص الذين يشربون فقط فنجانًا واحدًا من القهوة يوميًا ثم يقلعون عن الكافيين.

أيضًا بالقدر نفسه، فقط ثلاثة أيام من شرب الكافيين بانتظام كافية لتجعلك تشعر بالسوء عندما تنفد القهوة.

تحدث أعراض انسحاب الكافيين فقط في حالة الامتناع التام.

يمكن لكميات صغيرة من الكافيين (فقط ربع كوب) أن تبقي الصداع بعيدًا.

حتى لو كانت آلة القهوة معطلة وكنت مضطرًا إلى شرب (لاتيه- latte) يحتوي على نصف كمية الكافيين، فأنك لن تصاب بأعراض الانسحاب.

ولكن إذا قررت الإقلاع تمامًا وفجأة، عادة سيصل صداع الانسحاب إلى أعلى مستوياته خلال يوم أو يومين بعد إزالة كل الكافيين من نظامك اليومي.

وعلى الرغم من احتجاج مدمني القهوة فإن أعراض الانسحاب لن تظهر خلال ساعات قليلة بعد انتهاء آخر فنجان.

إذا كانت أعراض الانسحاب هي المشكلة فإن العلاج بسيط؛ أي صداع نتيجة لنقص الكافيين يزول تمامًا وبسرعة خلال 30 دقيقة إلى ساعة من شرب فنجان قهوة أو شاي.

كجزء من هذا العلاج هو توقع الجرعة وانتظارها.

وجد باحثون أستراليون أن إعطاء أحد الأشخاص، الذين يعانون من أعراض انسحاب القهوة، قهوة منزوعة الكافيين وإخباره أنها تحتوي على الكافيين هو أمرٌ كافٍ لجعله يشعر بتحسن.

بالطبع لن تنجح هذه الخدعة معك إذا اشتريت القهوة بنفسك.

من المثير للدهشة أن الكافيين له أيضًا بعض خصائص مسكنات الألم.

يمكن أن تكون مسكنات الألم البسيطة مثل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية أو الأسبرين أو الباراسيتامول أكثر فاعلية عند إضافة بعض الكافيين (في كل جرعة حوالي مرتين إلى ثلاث مرات كافيين أكثر من الموجود في فنجان قهوة عادي).

بالنسبة إلى صداع النوم “التنبيهي” الذي يوقظ البعض ليلًا، وصداع الكحول وبعض حالات الصداع النصفي، يمكن فقط لفنجان من الشاي أو القهوة أن يقوم بتخفيف الألم.

تسكين الألم هذا ليس فقط بسبب أننا نشعر بتوتر أقل أو أقل تشتتًا بالألم بعد فنجان القهوة أو الشاي؛ فلقد تبين أن نفس مستقبلات الأدينوزين التي يتم تعطيلها بالكافيين تشارك أيضًا في الإصابة بالصداع مثله مثل باقي أنواع الألم.

أكثر من 90 % من البالغين يحتسون القهوة أو الشاي؛ فهي توقظنا من سباتنا وتمدنا بالطاقة اللازمة للقيام بالأشياء التي يجب القيام بها.

ليس من الصعب تخيل الصداع بدونها.


  • ترجمة: مينا أبانوب.
  • تدقيق: براءة ذويب.
  • تحرير: عيسى هزيم.
  • المصدر