اضطراب المعالجة السمعية (APD) حالة مرضية سمعية يواجه فيها العقل مشكلةً في معالجة الأصوات، ما يؤثر في قدرة المريض على فهم الحديث والأصوات الأخرى من حوله.

على سبيل المثال، قد يسمع المصاب بهذا الاضطراب سؤالًا مثل «ما لون العلم؟» وكأنه «ما لون القلم؟».

ومع أن اضطراب المعالجة السمعية قد يحدث خلال أي فترة عمرية، فإن الأعراض تبدأ في الظهور في مرحلة الطفولة. إذ يبدو أن سمع الطفل طبيعي إلا أنه في الواقع يعاني فهم الأصوات واستخدامها بصورة صحيحة.

ما اضطراب المعالجة السمعية؟

من المهم معرفة أن اضطراب المعالجة السمعية هو اضطراب سمعي، وليس ناتجًا عن الإصابة باضطراب أو حالة مرضية أخرى قد تؤثر في الاستيعاب أو الانتباه مثل اضطراب طيف التوحد (ASD) أو اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD)، ومع ذلك ففي بعض الحالات قد يترافق اضطراب المعالجة السمعية مع أي من هذه الاضطرابات.

السمع عملية معقدة؛ إذ تسافر الموجات الصوتية من حولنا إلى آذاننا وتُحول عبر الأذن الوسطى إلى ذبذبات.

عندما تصل الذبذبات إلى الأذن الداخلية (القوقعة) تولد الخلايا الشعرية الحسية المختلفة إشارات كهربائية تنتقل إلى الدماغ عبر العصب السمعي، تُعالج هذه الإشارات داخل القوقعة لتتحول إلى أصوات مفهومة ومتعارف عليها. تتعثر هذه المرحلة لدى المصابين باضطراب المعالجة السمعية، ما يؤدي إلى صعوبات في فهم الأصوات من حولهم والاستجابة لها.

ما أعراض اضطراب المعالجة السمعية؟

قد تشمل الأعراض الآتي:

  •  صعوبة فهم الحديث، خاصةً في الأجواء الصاخبة أو إذا تحدث أكثر من فرد واحد في الوقت ذاته.
  •  طلب إعادة تكرار ما قيل بكثرة أو الرد بكلمات مثل «ماذا؟» أو أصوات تعبر عن الرغبة في تكرار الحديث مثل «هاه؟».
  •  سوء فهم الكلام المنطوق.
  •  استغراق وقت أطول للرد على الطرف الآخر خلال الحديث.
  •  صعوبة تمييز مصدر الصوت.
  •  صعوبة التمييز بين الأصوات المتشابهة.
  •  صعوبة التركيز أو توجيه الانتباه لما يُقال.
  •  صعوبات في متابعة أو فهم الكلام السريع أو التعليمات المعقدة.
  •  صعوبات في معرفة كلمات الأغاني ومن ثم الاستمتاع بها.

نتيجة لهذه الأعراض قد يواجه الأشخاص المصابون باضطراب المعالجة السمعية صعوبات في السمع. ولأن المشكلة تتعلق بمعالجة الأصوات وليس السمع في الأساس فالفحص الطبي المتكرر قد يظهر أن قدرة السمع لديهم طبيعية.

يعيق الاضطراب ممارسة الأنشطة التعليمية خاصةً عند تلقي العلم صوتيًا، وذلك نتيجة تأثر قدرة المصاب على الفهم ومعالجة الأصوات.

تشخيص اضطراب المعالجة السمعية

لا توجد عملية قياسية لتشخيص الاضطراب.

تشمل المرحلة الأولى من عملية التشخيص كتابة تاريخ طبي شامل، من تقييم الأعراض ووصفها وذكر تاريخ بدايتها إلى البحث عن عوامل خطورة أخرى قد تؤدي إلى الإصابة باضطراب المعالجة السمعية.

الأسلوب متعدد الاختصاصات

بما أن الكثير من الحالات المرضية قد تتشابه أو تنشأ مع اضطراب المعالجة السمعية، فعادةً ما يُستخدم الأسلوب متعدد الاختصاصات للتشخيص. قد يساعد هذا الأسلوب الطبيب على استبعاد أي أسباب أخرى محتملة للحالة المرضية.

تتضمن عملية التشخيص فريقًا طبيًا متعدد التخصصات. وتُجرى العملية وفق الآتي:

  •  يجري اختصاصي السمع اختبارات سمع مختلفة للمريض.
  •  يقيم اختصاصي نفسي الوظائف الإدراكية للمريض.
  •  يقيم اختصاصي التخاطب مهارات الاتصال الشفهية والكتابية للمريض.
  •  قد يقيم المعلمون الأداء التعليمي للمريض ويزودونه بملاحظات عن التحديات أو الصعوبات التي تواجهه.

اختبارات التقييم

يُشخص اختصاصي السمع المريض استنادًا إلى بيانات فريق الأسلوب متعدد الاختصاصات الطبية.

أمثلة على أنواع الاختبارات التي قد تُجرى لدى اختصاصي السمع:

  •  تقييم هل الحالة المرضية ناتجة عن فقدان السمع أم اضطراب المعالجة السمعية؟
  •  تقييم القدرة على سماع الحديث وفهمه تحت ظروف مختلفة، وتشمل هذه الظروف وجود ضوضاء في الخلفية والحديث المتداخل نتيجة تحدث عدة أفراد في نفس الوقت والحديث السريع.
  •  تحديد هل باستطاعة المريض ملاحظة التغييرات الطفيفة في الأصوات مثل تغيير شدة الصوت أو نبرته؟
  •  قياس مدى القدرة على التعرف على أنماط الأصوات.
  •  استخدام أقطاب كهربائية لمراقبة نشاط العقل بينما يستمع المريض إلى أصوات عبر سماعات الرأس.

ما مسببات اضطراب المعالجة السمعية؟

السبب الحقيقي وراء اضطراب المعالجة السمعية ليس واضحًا تمامًا. ومع ذلك، حُددت بعض الأسباب المحتملة أو العوامل التي تزيد نسبة خطورة الإصابة، وتشمل الآتي:

  •  تأخر نمو المنطقة المسؤولة عن معالجة الأصوات في الدماغ، أو وجود إعاقة فيها.
  •  أسباب جينية.
  •  التغيرات العصبية المتعلقة بالتقدم في السن (الشيخوخة).
  •  الأضرار العصبية الناجمة عن الأمراض التنكسية مثل التصلب المتعدد أو عدوى مثل التهاب السحايا أو إصابة الرأس.
  •  عدوى متكررة بالأذن مثل التهاب الأذن الوسطى.
  •  تعرض الجنين لمشكلات خلال فترة الحمل أو بعد الولادة مباشرةً، منها نقص الأكسجين في الدماغ أو وزن الولادة المنخفض أو اليرقان.

علاج اضطراب المعالجة السمعية

يُصمم النظام العلاجي لمصاب اضطراب المعالجة السمعية وفقًا لتقييمات حالته خلال العملية التشخيصية، فلا يوجد علاج نموذجي للاضطراب وإنما يختلف من حالة لأخرى.

ويهدف العلاج إلى:

  •  المساعدة على تعلم كيفية معالجة الأصوات.
  •  تعليم مهارات يعوض بها تدهور حاسة السمع الناتج عن اضطراب المعالجة السمعية.
  •  المساعدة على إجراء تغييرات في البيئة التعليمية أو العملية لتسهل التعامل مع الحالة المرضية.

التعلم السمعي

يعد التعلم السمعي عنصرًا رئيسيًا في رحلة علاج اضطراب المعالجة السمعية، فقد يساعد على تحليل أفضل للأصوات.

وقد يُجرى مباشرةً بين المريض والمعالج في جلسة شخصية أو عبر الإنترنت.

بعض الأمثلة على التمرينات التي تُجرى في جلسة التعلم السمعي:

  •  تحديد الاختلافات في الأصوات أو أنماطها.
  •  تحديد مصدر الصوت.
  •  التركيز على أصوات معينة في أثناء وجود أصوات أخرى في الخلفية (ضوضاء).

استراتيجيات التعويض

تهدف الاستراتيجيات التعويضية إلى تقوية مهارات مثل التذكر والانتباه وحل المشكلات للمساعدة على السيطرة أو التعامل مع اضطراب المعالجة السمعية.

أمثلة على الاستراتيجيات التعويضية التي ستتعلم:

  •  التنبؤ بالعناصر المحتملة لمحادثة ما سواءً كانت نصية أو شفهية.
  •  استخدام وسائل بصرية للمساعدة على تنظيم المعلومات.
  •  تضمين تقنيات للمساعدة على التذكر مثل الاستذكار.
  •  تعلم تقنيات الإنصات الإيجابي.

إجراء التغييرات في البيئة المحيطة

قد يساعد إجراء التغييرات في المحيط على التعامل مع اضطراب المعالجة السمعية.

أمثلة على هذه التغييرات:

  •  تعديل فرش الغرفة لتقليل الضوضاء بها وذلك عبر فرش السجاد مثلًا، لأن السير مباشرةً على الأراضي الصلبة قد يُحدث أصواتًا عالية.
  •  تجنب استخدام الأشياء التي تسبب ضوضاء في الخلفية مثل المراوح وأجهزة الراديو أو التلفزيون.
  •  الجلوس بالقرب من مصدر الصوت في المواقف التي تتطلب التواصل مثل اجتماع عمل أو فصل دراسي.
  •  الطلب من المعلم استخدام الوسائل البصرية بدلًا من الاكتفاء بالشرح شفهيًا.
  •  تضمين تقنيات مساعدة مثل نظام الترددات المضمنة (FM) الشخصي، الذي يستخدم ميكروفونًا ومستقبلًا لنقل الأصوات مباشرةً من المصدر إلى الأذن.

الفرق بين اضطراب المعالجة السمعية وعسر القراءة

عسر القراءة اضطراب تعلم يُصعب عملية القراءة للمصاب به.

وتتضمن الصعوبات التي يواجهها المريض ما يلي:

  •  التعرف على الكلمات.
  •  التوفيق بين أصوات الكلام المقروء أمامه والحروف والكلمات المكتوبة.
  •  استيعاب النص المقروء.
  •  نطق الكلمات المكتوبة.

يتشابه عسر القراءة مع اضطراب المعالجة السمعية في أن كليهما يسببان مشكلات في معالجة المعلومات. ومع ذلك، بينما يؤثر اضطراب المعالجة السمعية في جزء الدماغ الذي يعالج الأصوات، فإن عسر القراءة يؤثر في جزء الدماغ المسؤول عن معالجة اللغة.

وكما هو الحال لدى المصابين باضطراب المعالجة السمعية فإن المصابين بعسر القراءة يواجهون أيضًا صعوبات عند ممارسة الأنشطة التعليمية التي تشمل القراءة والكتابة والتهجئة.

الفرق بين اضطرابي المعالجة السمعية وطيف التوحد

اضطراب طيف التوحد هو اضطراب نمائي يؤثر في سلوك الفرد وقدرته على التواصل.

تقع أعراض اضطراب طيف التوحد تحت فئتين، هما:

  1.  صعوبات في التواصل أو التفاعل مع الآخرين.
  2.  تكرار سلوكيات، وتقييد الذات لاهتمامات محددة.

قد يظهر الاضطراب نفسه بصورة مختلفة من فرد لآخر، سواءً في نوع الأعراض الظاهرة أو شدتها. وقد يؤثر الاضطراب في مجموعة واسعة من العمليات الإدراكية المختلفة التي تشمل الاستجابة للأصوات أو الحديث الشفهي.

ومع ذلك، فالشخص المصاب باضطراب طيف التوحد ليس بالضرورة أن يكون مصابًا باضطراب المعالجة السمعية، وإنما تعود هذه الأعراض المتشابهة إلى التأثيرات الشاملة لاضطراب طيف التوحد بدلًا من كونها نتيجة اضطراب المعالجة السمعية.

اقرأ أيضًا:

هل تساءلت من قبل؟ كيف يعمل الصوت؟

قياس السمع: تقييم الوظيفة السمعية

ترجمة: سامية الشرقاوي

تدقيق: لبنى حمزة

مراجعة: غزل الكردي

المصدر