يشاع شرب الكحول بين الناس في عديدٍ من الدول، ولكن حتى شرب الكحول باعتدال يصاحبه مجموعةٌ من الأعراض الجانبية، ويعاني كثيرٌ من الناس من الإسهال بعد شرب الكحول، الأمر المزعج والذي قد يصاحبه أعراضٌ أخرى، وعلاوةً على ذلك بعض أنواع الكحول أكثر احتمالًا بأن تسبب إسهالًا من الأنواع الأخرى، ويوجد لحسن الحظ بعض الخطوات التي من الممكن فعلها لتقليل احتمالية الإصابة بالإسهال بعد شرب الكحول.

لماذا يتسبب شرب الكحول بالإسهال؟

يتم امتصاص الكحول بسهولةٍ من قبل العديد من أنسجة الجسم، ويبدأ بشق طريقه نحو مجرى الدم بمجرد دخوله للجسم، ويحدث جزءٌ من هذا الامتصاص داخل المعدة، فيتباطئ معدل الامتصاص إن تواجد طعامٌ في المعدة آنذاك، ولهذا السبب يشعر الأشخاص بتأثير الكحول بشكلٍ أسرع إن كانت معدتهم فارغة، وبمجرد مغادرة الكحول المعدة، يبدأ امتصاصه في الأمعاء الدقيقة، إذ يتم امصاص الكثير من الكحول فيها، ولكن المتبقي يذهب للأمعاء الغليظة ويخرج من الجسم عن طريق البول والبراز.

يمكن للكحول أن يسبب تغييرات خطيرة في وظائف الجهاز الهضمي الطبيعية في كل خطوةٍ في طريقه، وتشمل هذه التغييرات ما يلي:

الإلتهاب: يلتهب الجهاز الهضمي عند تعرضه للكحول، إذ يؤدي شرب الكحول إلى زيادة إفراز حمض المعدة، مما يزيد من التهيج والالتهاب، وغالبًا ما يؤدي هذا التهيج للإصابة بالإسهال.

امتصاص الماء: عادةً ما يتم امتصاص الماء من الطعام والسوائل التي تصل للأمعاء، إذ تنتزع الأمعاء الغليظة السوائل من البراز قبل إخراجه من الجسم، ولا تقوم الأمعاء الغليظة بذلك على أكمل وجهٍ بوجود الكحول، مما يتسبب بخروج برازٍ سائلٍ وجفاف.

هضمٌ أسرع: يهيج الكحول الأمعاء مسببًا تسريعًا للهضم، إذ تنقبض عضلات القولون بشكلٍ متكرر أكثر، مما يدفع البراز للخارج بشكلٍ أسرع من المعتاد، فلا تمتلك الأمعاء وقتًا كافيًا لهضم الطعام بشكلٍ صحيح، الأمر الذي من الممكن أن يسبب إسهالًا.

اختلال توازنٍ بكتيري: يوجد أنواعٌ مختلفةٌ من البكتيريا في الأمعاء، تحافظ على توازن الجسم بمهاجمة الكائنات الممرضة الضارة، وقد يقتل الكحول بعضًا من الأنواع البكتيرية بشكلٍ مؤقت، أو تتيح لأنواع أخرى بالنمو بسرعة، مما يسبب خللًا وظيفيًا في الأمعاء.

عوامل خطورة إضافية

هناك عوامل خطورة معينة تزيد من احتمالية الإصابة بالإسهال بعد شرب الكحول، وقد يؤثر نمط الحياة المتبع على الإصابة بالإسهال في اليوم الذي يلي شرب الكحول، كما أن هناك ظروفًا معينة قد تجعل الأعراض أسوأ.

خيارات نمط الحياة

تلعب العادات الشخصية دورًا مهمًا في الأعراض الجانبية الناتجة عن شرب الكحول، فشخصٌ ما يشرب الكحول كل يومٍ تقريبًا يكون أكثر احتمالًا للإصابة بالإسهال المزمن، كما قد يعاني الأشخاص الذين يفرطون في شرب الكحول، أو يشربون الكثير من الكحول بالتتالي مرةً واحدة من الإسهال أكثر من غيرهم.

أمراض الجهاز الهضمي الأخرى

يطور الأشخاص الذين يعانون من متلازمة القولون العصبي، أو مرض الاضطرابات الهضمية، أو داء كرون، ردود فعلٍ أسوء لشرب الكحول، ويعانون من الإسهال أكثر وبشكلٍ متكرر بعد شربه.

هل تسبب أنواع معينة من الكحول إسهالًا أكثر من أخرى؟

قد تسبب أنواعٌ مختلفةٌ من المشروبات الكحولية أعراض أكثر من أنواع أخرى، ومن المهم ملاحظة أن تأثير الكحول تأثير فردي، أي يؤثر على كل شخصٍ بشكلٍ مختلف، وتعد البيرة أو (الجعة) من أكثر أنواع الكحول تسببًا للإسهال، إذ تحتوي على كاربوهيدرات أكثر مقارنةٌ بأنواعٍ أخرى من الكحول، ويواجه الجسم مشكلةً في هضم الكاربوهيدرات الإضافية تلك عند شرب الكحول، كما يسبب النبيذ إسهالًا أيضا في كثير من الأحيان، فإن عانى شخص ما من الإسهال أكثر عند شربه للنبيذ، فربما لديه حساسيةٌ من العفص أو –Tanin-، والعفص، مركباتٌ تتواجد في قشرة العنب، وتسبب الحساسية منه أعراضًا تتضمن صداع، وغثيان، وإسهال، ويمكن للسكر الزائد في خليطٍ من المشروبات أن يجعل الإسهال أسوء، إذ تسبب كميات السكر الزائدة لدى بعض الأشخاص بدفع أجسامهم لمحتويات الأمعاء بشكلٍ أسرع.

الوقاية

تبدأ الوقاية من الإسهال بامتلاك الوعي تجاه عادات الشرب، فشرب المشروبات الكحولية ببطئ مثلًا، يمكنه أن يخفف الضغط الواقع على الجهاز الهضمي، وقد يساعد على المدى الطويل استبدال المشروبات التي تسبب أعراضًا في الجهاز الهضمي بأنواعٍ أخرى من الكحول، كما أن تناول الطعام قبل شرب الكحول يمكنه أن يبطئ من معدل امتصاص الكحول للجسم، ويقلل احتمال الإصابة بالإسهال، وقد يساعد تجنب المشروبات الكحولية الممزوجة بالكافيين في تجنب الإسهال أيضًا، إذ يمكن أن يزيد حركة الأمعاء وسرعة الهضم.

العلاج

عادةً ما يكون الإسهال بعد شرب الكحول أمرًا عرضيًا ولا يبقى لفترة طويلة، فتختفي الأعراض بسرعةٍ عند بدء الشخص بالأكل بانتظامٍ، وشرب السوائل، وتجنب الكحول، كما يساعد تناول الأطعمة الطرية وسهلة الهضم، كالأرز، وخبز التوست، والمقرمشات في ملء المعدة من دون التسبب بأعراض إضافية، ويكون من المفيد تجنب منتجات الألبان، والأطعمة الغنية بالدهون والألياف مباشرةً بعد الإسهال، إذ يمكنها أن تزيد الطين بلة في حين يحاول الجهاز الهضمي التعافي.

وللسوائل أهميةٌ خاصة بعد شرب الكحول، إذ يفقد الجسم الكثير من السوائل بسبب الإسهال والتبول، فيمكن لشرب الماء، وشاي الأعشاب، والمرق أن يساعد في الوقاية من الجفاف، أما في حالات الإسهال المستمر، يمكن أن تساعد الأدوية -التي تصرف بدون وصفةٍ طبية- الجسم في امصاص الماء وملء البراز، كما يمكن للبروبيوتيك أن تساعد في إعادة التوازن البكتيري في الأمعاء.

متى يسلتزم الأمر رؤية الطبيب؟

قد يكون الإسهال المستمر إشارة لحالة منفصلة تمامًا عن شرب الكحول وتتطلب زيارة الطبيب، كما يؤدي الإسهال المفرط إلى جفاف، لذلك يجب زيارة الطبيب إن تواجدت إحدى الأعراض التالية:

  • إسهالٌ مستمر لأكثر من يومين.
  • جفافٌ في الفم وعطشٌ مستمر.
  • عدم وجود بولٍ أو كميةٌ قليلة منه، حتى عند تناول كميات سوائل إضافية.
  • بولٌ قليلٌ غالبًا ما يكون قاتم اللون.
  • التعب والإجهاد.
  • الدوخة أو الدوار.
  • حمى.
  • تشنجات شديدة وألم.
  • برازٌ مدمي.
  • براز أسود، غير ناتجٍ من دواء مضادٍ للإسهال.
    يمكن للجفاف أن يكون مهددًا للحياة، لذلك يجب على أي شخصٍ يعاني من الأعراض المذكورة أعلاه أن يتواصل مع طبيب، إلا أن الإسهال الناتج عن شرب الكحول عادةُ ما يختفي بمجرد عودة الشخص للنظام الغذائي الطبيعي، والتوقف عن شرب الكحول.


  • ترجمة: ميس أبوشامة
  • تدقيق: أسمى شعبان
  • تحرير: ناجية الأحمد
  • المصدر