ما أوجه التشابه والاختلاف بين اضطرابي
«نقص الانتباه مع فرط النشاط» و «انفصام الشخصية»؟


اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، واضطراب انفصام الشخصية؛ نوعان من الاضطرابات النفسية المختلفة.

(اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط-ADHD) هو النوع الأول المتمثل بحالة مزمنة تتحدد بعدد من الأعراض السلوكية التي تشمل السهو، فرط النشاط، والاندفاع، بينما تتزامن مع اضطرابات أخرى مثل القلق والاكتئاب.

يعاني حوالي 6.4 مليون طفل في الولايات المتحدة من هذا الاضطراب الذي تبدأ أعراضه _في معظم الحالات_ قبل سن الثانية عشر وتستمر حتى مرحلة البلوغ، وهو أكثر شيوعًا عند الذكور منه عند الإناث.

أما النوع الثاني؛ فيُدعى (اضطراب انفصام الشخصية-Schizophrenia) وهو اضطراب نفسي يتسم بسلوك اجتماعي غير طبيعي يتعذر على المصاب به تمييز الواقع. لهذا الاضطراب تأثيرات طويلة الأمد تشمل الأعراض الشائعة، كالوُهام، اضطراب الفكر، الهلوسة السمعية، انعدام الإرادة، بالإضافة إلى صعوبة المشاركة الاجتماعية والتعبير العاطفي.

يعاني حوالي 3.5 مليون شخص في الولايات المتحدة من اضطراب انفصام الشخصية الذي تبدأ أعراضه بالظهور بين سن السادسة عشر والثلاثين.

على الرغم من أنهما اضطرابان مختلفان، إلا إن هناك بعض نقاط التشابه بين أعراضهما.

هل هناك علاقة بين الاضطرابين، نقص الانتباه مع فرط النشاط وانفصام الشخصية؟

تشير بعض الدراسات إلى وجود هذه الروابط بينهما:

  • الأطفال الذين لديهم عامل انفصام الشخصية الوراثي، يكونون أكثر عرضة للإصابة باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط. مصدر
  • غالبًا ما يعاني الأشخاص المصابون بانفصام الشخصية من أعراض اضطرابات نفسية أخرى، وأكثر هذه الأعراض انتشارًا هي أعراض اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط. مصدر
  • الأطفال والمراهقون المصابون باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، أكثر عرضة للإصابة بانفصام الشخصية عندما يصبحون بالغين. مصدر
  • الأطفال المصابون باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، معرضون لاضطرابات نفسية واسعة. مصدر
  • الإصابة بالاضطرابين معًا؛ نقص الانتباه مع فرط النشاط وانفصام الشخصية، قد يكون بسبب عوامل وراثية مشتركة. مصدر

الأسباب

أسباب حدوث اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط ليست واضحة، لكن هناك عوامل تزيد احتمالية الإصابة، تشمل:

  • أسباب وراثية: مورثات مختلفة قد تجعل بعض الأشخاص أكثر عرضة للإصابة.
  • تطور الدماغ: تشير الأبحاث إلى وجود تغيرات دقيقة في بنية الدماغ لدى المصابين بانفصام الشخصية.
  • الناقلات العصبية: قد يكون لاختلال التوازن بين المواد الكيميائية-الكيميائية في الدماغ (الدوبامين والسيروتونين) علاقة بانفصام الشخصية. فقد أثبتت الدراسات أن أعراض انفصام الشخصية تقل تحت تأثير الأدوية التي تغير مستويات هذه المواد الكيميائية.
  • مضاعفات الحمل والولادة: من المرجح أن الوزن المنخفض عند الولادة، المخاض المبكر أو نقص الأكسجين أثناء الولادة قد يؤدي للإصابة بانفصام الشخصية.

أسباب حدوث انفصام الشخصية ما زالت مبهمة، لكن العوامل المؤثرة تشمل:

  • أسباب وراثية: أشارت أبحاث إلى أن اضطراب انفصام الشخصية من الممكن أن يعزى لأسباب وراثية.
  • عوامل بيئية، كالتعرض لمواد سامة.
  • مشاكل في الجهاز العصبي المركزي في مراحل النمو.

عوامل الخطر

-اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط:

  • تسجيل إصابات سابقة في العائلة بهذا الاضطراب أو اضطرابات أخرى.
  • الافتقار لبعض العناصر الغذائية.
  • العوامل النفسية والاجتماعية.
  • الولادة المبكرة أو الوزن المنخفض عند الولادة.
  • توتر الأمهات أثناء فترة الحمل.
  • تدخين الأمهات أثناء فترة الحمل.
  • تعاطي الكحول والمخدرات أثناء فترة الحمل.
  • نقص في حمض الفوليك والزنك والمغنيسيوم والأحماض غير المشبعة.

-انفصام الشخصية:

  • تسجيل إصابات سابقة بانفصام الشخصية في العائلة.
  • نقص التغذية.
  • الإصابة بالأمراض أثناء فترة الحمل.
  • الولادة المبكرة أو الوزن المنخفض عند الولادة.
  • نقص في الحديد وفيتامين (د) مما يؤدي إلى انخفاض (الكولين) _مادة أساسية مغذية للجسم تمتاز بخاصية الذوبان في الماء_ أثناء فترة الحمل.
  • زيادة نشاط الجهاز المناعي، بسبب الالتهاب أو أمراض المناعة الذاتية (الأمراض الإنضِدادية).
  • تعاطي المخدرات المسببة للهلوسة في سن المراهقة أو الشباب.

أوجه التشابه والاختلاف

بالإضافة إلى ما ذُكر من عوامل الخطر المشتركة بين الاضطرابين، توصلت دراسة إلى أن كلًا من التوحد، اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، اضطراب ثنائية القطب، الاكتئاب الشديد وانفصام الشخصية يشتركون بنفس العوامل الوراثية المسببة.

من المعروف أيضًا أن تغير جين واحد من الجينات المشتركة يُغيّر الشبكات العصبية البيولوجية التي تُؤثر في العاطفة، التفكير، الانتباه والذاكرة.

الأعراض

-اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط:

هناك أعراض لنقص الانتباه وأعراض أخرى لفرط النشاط والاندفاع.

أعراض نقص الانتباه:

  • انتباه قصير الأمد وسهولة التشتت.
  • ارتكاب أخطاء طائشة خلال الأنشطة.
  • عدم الإصغاء عند توجيه حديث مباشر لأحدهم.
  • عدم القدرة على اتباع التعليمات وإتمام المهمات.
  • مشاكل في تنظيم المهام.
  • النسيان وفقدان الأشياء معظم الوقت.
  • تجنب المهام التي تتطلب جهدًا عقليًا.
  • أعراض فرط النشاط والاندفاع:
  • العبث الدائم وعدم القدرة على الجلوس بثبات.
  • صعوبة الانخراط في الأنشطة الترفيهية بهدوء.
  • فقدان التركيز.
  • الإفراط في الحديث.
  • التطفل على محادثات الآخرين وأنشطتهم.
  • التململ والجري المفرط وتسلق الأشياء في مواقف غير لائقة.
  • التصرف دون تفكير.
  • صعوبة الإحساس بالخطر أو انعدامها نهائيًا.

-انفصام الشخصية:

تنقسم أعراض انفصام الشخصية إلى ثلاثة أقسام: موجبة، سالبة وإدراكية.

الأعراض الموجبة:

  • الهلوسة.
  • الأوهام؛ كالاعتقاد أنهم ملاحقون من قبل الحكومات.
  • أفكار زورانية (جنون الارتياب).
  • حركات مضطربة ومفرطة في الجسم.
  • سلوك متهيج أو غير ملائم.

الأعراض السالبة:

  • العزلة عن المجتمع.
  • إهمال المظهر الخارجي والنظافة الشخصية.
  • ندرة في التعبير عن العواطف.
  • فقد الاهتمام والتحفيز.
  • صعوبة في التركيز وتغيرات في النوم وملازمة للمنزل.
  • قلة الكلام.

الأعراض الإدراكية:

  • أفكار مشوشة.
  • تعذر فهم المعلومات واتخاذ القرارات.
  • الافتقار إلى التركيز والاهتمام.
  • صعوبة تحليل المعلومات بشكل فوري.

أوجه التشابه والاختلاف

من الصعب التفريق بين الاضطرابين _ نقص الانتباه مع فرط النشاط، وانفصام الشخصية_ في الحالات التي لا تندرج فيها أعراضهما تحت الفئات القياسية.

لا يُشترط أن يتسم المصاب بفرط النشاط عند تشخيصه بانفصام الشخصية، كما أن كثير من المصابين باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط لا يظهرون علامات فرط النشاط أيضًا.

عادة ما يعاني المصابون بانفصام الشخصية من (حلقات ذهانية-psychotic episodes) تتضمن هلوسةً وأوهامًا وأفكارًا مضطربة.

10% من المصابين بنقص الانتباه مع فرط النشاط، يعانون أيضًا من حلقات ذهانية على الرغم من أنها ليست من أعراض هذا الاضطراب، ويُعزى ذلك إلى العقاقير المنشطة المُستخدمة في علاجهم.

حالات من اضطراب الفكر لوحظت عند مراهقين مصابين بنقص الانتباه مع فرط النشاط وآخرين مصابين بانفصام الشخصية.

ولوحظ أن بعض الأشخاص الذين يرتفع لديهم الخطر الوراثي للإصابة بانفصام الشخصية، يكونون عرضة للتشخيص باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط.

ضعف الانتباه هو سمة مميزة لنقص الانتباه مع فرط النشاط، ويظهر أيضًا عند المصابين بانفصام الشخصية.

الفحص والتشخيص

لا يوجد فحص محدد لتشخيص نقص الانتباه مع فرط النشاط.

عادة ما يسأل الطبيب عن الأعراض والتاريخ الطبي ويطلب فحصًا طبيًا لاستبعاد الأسباب الأخرى.

ثم يقارن النتائج مع معايير نقص الانتباه وفرط النشاط وجداول تصنيفه.

يُشخص نقص الانتباه مع فرط النشاط في فترة الطفولة أغلب الأحيان.

لتشخيص انفصام الشخصية، يسأل الطبيب عن التاريخ الطبي ويتأكد من أن الأعراض ليست لحالة مرضية أخرى أو نتجت عن تعاطي الأدوية أو المخدرات، عندها يُنقى الجسم من الكحول أو المخدرات، وقد يطلب الطبيب التصوير بالرنين المغناطيسي أو التصوير الطبقي المحوري.

ثم يُجري الطبيب أو المختص النفسي تقييم نفسي ويقارن الأعراض مع معايير تشخيص انفصام الشخصية.

في معظم الأحيان، يُشخص اضطراب انفصام الشخصية في أواخر سن المراهقة إلى بداية العشرينات عند الرجال، وفي أواخر العشرينات إلى بداية الثلاثينات عند النساء.

العلاج

لا علاج بعد لنقص الانتباه مع فرط النشاط، لكن العلاج متوفر لتخفيف العديد من أعراضه. مثل:

  • الأدوية المنشطة: تستطيع إعادة توازن المواد الكيميائية في الدماغ.
  • الأدوية غير المنشطة: تستغرق وقتًا أكثر من الأدوية المنشطة لتأخذ مفعولها، لكنها تحسن الانتباه، التركيز والاندفاع.
  • العلاج النفسي: يساعد في تعديل سلوك المصابين.

انفصام الشخصية _أيضًا_ ليس له علاج حتى الآن، لكن توصف بعض الأدوية لتخفيف أعراضه، منها:

  • مضادات الذهان: يمكن أن تؤثر على مستويات الدوبامين في الدماغ للتحكم بالأعراض.
  • العلاج النفسي الاجتماعي: علاج نفسي مع تدريب متعلق بالحياة الاجتماعية والعمل لدعم المصابين بالتعليم والتوجيه.
  • العلاج في المستشفيات: خلال فترات الأعراض الحادة.
  • المعالجة بالتخليج الكهربائي: للمصابين الذين لم يستجيبوا للأدوية.

على الرغم من أن نقص الانتباه مع فرط النشاط وانفصام الشخصية يتشاركان ببعض الأعراض، إلا أن التعامل مع كل منهما يختلف بشكل كلي؛ على سبيل المثال، يُعالج نقص الانتباه مع فرط النشاط بالمنشطات التي تزيد نسبة الدوبامين في الدماغ، بينما يُعالج انفصام الشخصية باستخدام مضادات الذهان التي تمنع تأثير الدوبامين.

توقعات مستقبلية

قد تتحسن أعراض نقص الانتباه مع فرط النشاط مع التقدم بالعمر، على الرغم من استمرار معاناة بعض البالغين.

يتعافى معظم المصابين بانفصام الشخصية من أعراضها، لكن قد يعاني بعضهم من انتكاسات أو عودة مرضية للأعراض.

يحدث أحيانًا لمريض مصاب بأحد الاضطرابين أن يصاب بالآخر، لكننا لا نملك دليلًا على أي ترابط بينهما، أو أن أحدهما يسبب الآخر.

تشير الأبحاث إلى وجود صلة بين نقص الانتباه مع فرط النشاط وانفصام الشخصية، ولكن الرابط المحدد يحتاج مزيدًا من البحث.


إعداد : نعيم سايس
تدقيق: آلاء أبو شحّوت
المصدر الأول
المصدر الثاني
المصدر الثالث