سؤالٌ يطرح نفسه عندما تجد نفسك محدقًا بالسماء ليلًا: هل باستطاعة الأرض تحمل وجود أقمار أخرى مثل القمر الأساسي؟ أم ستؤدي قوى جاذبية هذا العدد الكبير منها إلى اقتلاع الأرض من مسارها الآمن؟

تأتي الأجابات في دراسة جديدة تُؤكد إمكانية تحمل كوكب الأرض لوجود قمرين إضافيين يدوران حولها، ويزيد هذا العدد عن اثنين في حال كانت الأقمار أصغر. تأتي هذه الدراسة بناءً على محاكاة فيزيائية تشمل 3000 سنة من الحياة.

تبدو هذه فرضية مشوقة، لكن هذا البحث عملي أيضًا، قد يُساعد علماء الفلك على فهم كيفية تشكل الأرض، وإيجاد كواكب أخرى شبيهة بالأرض (وأقمارها) في الكون الشاسع.

نتيجة البحث المنشور هي ما يلي: «نستنتج من نتائج هذا البحث أن وجود أنظمة أقمار مستقرة حركيًا يحد من وجود أقمار حول الكواكب الخارجية الشبيهة بالأرض في أماكنها، إذ ما زلنا بحاجة إلى المزيد من البحوث في المستقبل لتأكيد الفرض».

فشلت المحاكاة التي وضعها العلماء في الأخذ بعين الاعتبار المسافات بين الأرض والأقمار المُفترضة وأيضًا بين الأقمار ذاتها. يجب الحفاظ على التوازن لمنع انفلات القمر في الفضاء أو الاصطدام مع الكوكب الذي يدور حوله.

حلل الباحثون ثلاثة أقمار مختلفة الحجم، بلغت كتلة الأول كتلة القمر المحيط بالأرض، وكانت كتلة القمر الثاني ككتلة كوكب بلوتو (سدس كتلة القمر المعروف)، والقمر الأخير كتلته ككتلة الكوكب القزم سيرس (يُعادل 1٪؜ من كتلة القمر).

بحسب نتائج المحاكاة، فإن باستطاعة كوكب الأرض تحمل وجود ثلاثة أقمار بحجم القمر الحالي، أو أربعة أقمار بحجم كوكب بلوتو، أو سبعة أقمار بحجم كوكب سيرس، وتُشير المحاكاة إلى أن هذه الأقمار يجب أن تكون بنفس الحجم، وهذا أمر محال.

يقول الفيزيائي سومان ساتيال من جامعة تيكساس في أرلنغتن لمجلة New Scientist: «لو نظرنا إلى أقمار كوكبي زحل والمشتري، لوجدنا أنها تختلف في الحجم. لذلك، يمكننا القول أن وجود عدة أقمار يعني أن لكل منها حجم مختلف، ومن الضروري أخذ ذلك بالحسبان لو أردنا الوصول لنتائج حقيقية».

لكل من زحل والمشتري عدة أقمار تدور حولهما، على عكس كوكبي عطارد والزهرة اللذين لا تدور حولهما أقمار. قد يعود سبب هذا الاختلاف إلى طبيعة تشكل هذه الكواكب وموقعها في النظام الشمسي.

يقول الباحثون إن الأرض والكواكب الشبيهة لها تستطيع أن تدعم وجود عدة أقمار في مدارها، وصولًا إلى ما قد يزيد عن سبعة أقمار مختلفة الأحجام. لكن هذا ليس موضوع هذه الدراسة ولا حتى تفاصيل قوة جاذبية هذه الأقمار الإضافية.

يقول الفيزيائي من جامعة تكساس أرلنغتن بيلي كوارلز: «لا يدرس نموذجنا تأثيرات قوة جاذبية الكواكب الأخرى القابعة في النظام الشمسي. هذه معلومات ضرورية عند البحث عن كوكب يستوفي شروط المحاكاة ضمن الأنظمة الشمسية الكبيرة خارج نظامنا الشمسي. لقد وجدنا مؤخرًا مرشحين في شكل أقمار خارجية. كلاهما يدوران حول كواكب شبيهة بالمشتري على بعد وحدة فلكية».

الوحدة الفلكية تُعادل المسافة بين الأرض والشمس، وهي 150 مليون كيلومتر تقريبًا.

إن وجود عدة أقمار في السماء سيجعل الليالي أكثر إثارة. لكن يعتمد نجاح هذه الظاهرة على دوران هذه الأقمار حول الأرض بمسافاتٍ متفاوتة، وذلك يعني أن هذه الأقمار ستظهر بأحجام مختلفة في السماء بالإضافة إلى اختلاف مراحل تشكلها (قمر مكتمل أو على شكل هلال).

يقول كارلز: «نرى فكرة الأقمار الخارجية في العديد من الأفلام مثل قمر Pandora في فيلم Avatar، أو قمر الغابة Endor في فيلم Star Wars. ستساعد دراستنا على جعل البحوث المستقبلية في مجال علم الفلك أكثر دقة».

نُشر هذا البحث في الملاحظات الشهرية التابعة للجمعية الفلكية الملكيةMonthly Notices of the Royal Astronomical Society.

اقرأ أيضًا:

علم الفلك يفاجئنا مجددًا بكويكب يمتلك ثلاثة أقمار

أقمار الكواكب الخارجية قد تكون صالحة للسكن

ترجمة: طاهر قوجة

تدقيق: حسام التهامي

المصدر