ما مدى ضخامة مجرة درب التبانة؟ ليس من السهل الإجابة عن هذا السؤال! تخيل خلية واحدة تحاول تحديد الكتلة الإجمالية للجسم بأكمله، عندها ستدرك صعوبة الأمر.

رغم التحديات، حسبت دراسة جديدة كتلة مجرتنا بدقة، واتضح أنها أصغر مما نعتقد!

من طرق تحديد كتلة المجرة النظر إلى ما يُعرف بمنحنى دورانها. تُقاس سرعة النجوم في المجرة مقابل بعدها عن مركز المجرة. إذ تتناسب سرعة دوران النجم مع الكتلة داخل مداره، لذا يمكن باستخدام منحنى دوران المجرة رسم دالة الكتلة بالنسبة إلى نصف القطر، ومن ثم تقدير الكتلة الإجمالية لها.

بقياس منحنيات الدوران للعديد من المجرات القريبة مثل مجرة أندروميدا، توصلنا إلى تقدير لكتل العديد من المجرات بدقة كبيرة.

لكن بما أننا داخل مجرة درب التبانة نفسها، فإن رؤيتنا للنجوم في جميع أنحاء المجرة محدودة. قرب مركز المجرة، يوجد الكثير من الغاز والغبار لدرجة تتعذر معها رؤية النجوم على الجانب البعيد.

بدلًا من ذلك، نقيس منحنى الدوران باستخدام الهيدروجين العادي، الذي يبعث ضوءًا خافتًا بطول موجي يقارب 21 سنتيمترًا. لا يُعد ذلك دقيقًا مثل القياسات النجمية، لكنه أعطانا فكرة تقريبية عن كتلة مجرتنا.

نظرنا أيضًا إلى حركة التجمُّعات الكروية التي تدور في هالة درب التّبانة. على هذا، فإن أفضل تقدير لكتلة درب التبانة هو نحو تريليون كتلة شمسية تقريبًا.
الدراسة الجديدة مستندة إلى الإصدار الثالث من البيانات الصادرة عن مركبة غايا الفضائية، التي تتضمن مواقع أكثر من 1.8 مليار نجم، وحركات أكثر من 1.5 مليار نجم.

مع أن هذا يمثل جزءًا صغيرًا فقط من التقديرات، التي تشير إلى وجود ما بين 100 إلى 400 مليار نجم في مجرتنا، فإنه عدد كبير بما يكفي لحساب منحنى الدوران بدقة، وهو ما أنجزه الفريق.

المنحنى الناتج عن دراستهم للدوران دقيق لدرجة أن الفريق استطاع التعرف على ما يُعرف بانحسار كيبلر. وهو الجزء الخارجي من درب التبانة حيث تبدأ سرعات النجوم بالانخفاض تقريبًا وفقًا لقوانين كيبلر، نظرًا إلى أن معظم كتل المجرة تقع قرب المركز.

يسمح انحسار كيبلر بوضع حد أعلى واضح لكتلة درب التبانة، وما وجدوه كان مفاجئًا.

وضع أفضل توافق لبياناتهم أن الكتلة تبلغ نحو 200 مليار كتلة شمسية، وهي خُمس التقديرات السابقة. الحد الأقصى المطلق لكتلة درب التبانة هو 540 مليار كتلة شمسية، وهذا يعني أن درب التبانة على الأقل تزن نصف الكتلة التي ظنناها سابقًا.

نظرًا إلى كمية المادة العادية المعروفة في المجرة، يعني هذا أن درب التبانة تحتوي على كمية من المادة المظلمة أقل بكثير مما كنا نعتقد.

اقرأ أيضًا:

مجرتنا درب التبانة تنتج نجومًا أكثر مما كان يُعتقد

رصد مليارات الأجرام السماوية في دراسة عملاقة أجريت عن مجرتنا درب التبانة

ترجمة: محمد فواز السيد

تدقيق: باسل حميدي

المصدر