كلنا شاهدنا السائل الوردي في أسفل العلبة عندما نشتري قطعة من اللحم المعلب أو الهامبرغر المعلب أو مجموعة من شرائح اللحم المعلبة. رد الفعل الأول للمستهلك أن يفترض أنه دم، وهو بالفعل يشبه الدم ويوجد في اللحوم النيئة، بل إن له رائحة مشابهة أيضًا.

سترى الأمر ذاته عندما تشتري شريحة لحم ممتازة وتطهوها إلى درجة نصف الطهي، وعندما تقطعها تبدأ عصارة وردية أو حمراء بالتدفق منها. لهذا يميل بعض المستهلكين إلى طهي شرائح اللحم تمامًا حتى يختفي هذا السائل الغامض، الذي يعتقدون أنه دم.

هذا السائل الذي نجده في بعض الأحيان في أسفل علبة اللحم المعلب ويخرج من شريحة لحم أُعدت للتو، هو ما يسميه خبراء اللحوم «عصارة اللحم»، وهو مزيج من الماء والبروتينات الموجودة في اللحوم، ومنها الميوجلوبين الذائب في الماء، وهو السبب الرئيسي للون الأحمر للحوم، وهو سبب اللون الأحمر أو الوردي الداكن للعصارة.

نعلم من دروس الأحياء أن أجسامنا تتكون بنسبة كبيرة من الماء، وينطبق الأمر ذاته على أجسام الحيوانات. نسبة عالية من هذا الماء يُخزَّن في العضلات وهي مصدر اللحوم، عادةً تتكون %75 من اللحوم من ماء ضمن مزيج السوائل التي تخرج من اللحوم المطهية.

تشبه البروتينات الموجودة في شريحة اللحم الإسفنج الذي يحمل الماء، ومع حفظ اللحوم والتعامل معها أو تقطيعها، تفقد البروتينات قدرتها على التمسك بالماء، من ثم يتحرر بعض الماء وتتدفق معه بعض البروتينات ومنها الميوجلوبين، ما يُكسِب السائل لونًا أحمر أو ورديًا. يشبه الميوجلوبين في تركيبه الهيموغلوبين، البروتين الذي يكسب الدم لونه الأحمر، لذلك نظن عصارة اللحم دمًا، مع أنها ليست كذلك.

السائل الذي تجده في علبة اللحم المعلب مماثل لما تراه عند طهي شريحة لحم. فالطهي يغير عصارة اللحم قليلًا بسبب تبخر الماء من اللحوم عندما تنضج، لهذا يصغر حجم شريحة اللحم أو قطعة البرغر بعد طهيها.

يتغير لون الميوجلوبين أيضًا عند الطهي، لهذا يبدو اللون الأحمر للعصارة أوضح في شريحة اللحم الناضجة مقارنةً بالنيئة، لكن يجب التنويه أن المقياس الموثوق لدرجة النضج هو ميزان الحرارة.

ترتبط مجموعة متنوعة من العوامل بمدى تمسك اللحوم بالماء، وتشمل نوع الحيوان وعمره وكمية الدهن في اللحم ودرجة طهيه، والمدة منذ ذبح الحيوان ونوع العضلات التي اقتُطع اللحم منها، وكيفية معالجة اللحوم. يتحدد لون السائل في المقام الأول حسب عمر الحيوان عند ذبحه، فالحيوانات التي تُذبح في سن أصغر مثل لحم العجل لديها كمية أقل من الميوجلوبين في عضلاتها مقارنةً بالحيوانات الأكبر سنًا، ما يجعل لون السائل الذي يخرج من اللحم وردي في حالة لحم العجل، في حين يكون أحمر داكنًا في اللحوم الأكبر سنًا.

إذن ماذا يحدث للدم؟ وفقا للإجراءات المعتمدة من وزارة الزراعية الأمريكية، يُستنزف دم الحيوان بعد أن يُصعق أو يُفقَد الوعي، يُزال في هذه العملية %50 من دم الحيوان ويبقى %50 وهي النسبة المتبقية في الأعضاء مثل القلب والكبد والكلى والدماغ. يُزال الدم فورًا لأغراض الجودة والتعامل الصحيح، عادةً في غضون 30-40 ثانية. الدم منتج ثانوي مهم في الإنتاج الحيواني، يُستخدم لإنتاج الإنسولين لمرضى السكري وإنتاج أغذية الحيوانات الأليفة وغير ذلك من الاستخدامات.

يجب التعامل مع السائل في عبوة اللحوم بعناية تمامًا كاللحم نفسه، إذ قد يحمل البكتيريا ذاتها الموجودة في قطع اللحم النيء، لذلك يُنصح بغسل اليدين بعد لمس اللحوم أو العصارة، وعدم تناول اللحوم إلا إذا طُهيت بدرجة حرارة مناسبة، وتُحفظ بعناية لمنع انتشار التلوث. بعد طهي الطعام تصبح العصارة المتسربة من شريحة اللحم آمنة للاستهلاك ولا يجب أن تُعد مصدر قلق للمستهلك.

اقرأ أيضًا:

اللحوم الحمراء واللحوم البيضاء على نفس الدرجة من السوء بالنسبة للكوليسترول

هل أنت من عشاق اللحوم؟ لدينا بعض الأخبار السيئة لك!

ترجمة: يمام نضال دالي

تدقيق: أكرم محيي الدين

مراجعة: نغم رابي

المصدر