شهد اليوم الأول لمؤتمر الأطراف كوب 28 أول خطوة للأمام، وهي وضع آلية عمل صندوق تمويل للخسائر والأضرار لتعويض الدول الفقيرة من آثار التغير المناخي.

قوبل الاتفاق بحفاوة في دبي، وبموجبه ستدفع الدول الغنية وأكثرها تلويثًا للبيئة ملايين الدولارات في صندوق تمويل بإدارة البنك الدولي من شأنه توزيع هذه الأموال على الدول الفقيرة المتضررة من التغير المناخي، وبلغت القيمة الإجمالية لالتزامات الدول في هذا الصندوق 430$ مليون.

ستخفف الخطوة الضغط على الإمارات العربية المتحدة المستضيفة للقمة، الضغط الناجم عن خططها للتوسع في إنتاج الوقود الأحفوري وعن الجدل المثار بسبب أن رئيس المؤتمر هو المدير التنفيذي لشركة شركة بترول أبو ظبي الوطنية أدنوك، بالإضافة إلى تعهد الإمارات بضخ 100$ مليون في الصندوق، وتعهدت المملكة المتحدة بدفع 75$ مليون والولايات المتحدة 24,5$ مليون واليابان 10$ مليون وألمانيا 100$ مليون، والآن تتجه الأنظار نحو الدول الغنية الأخرى مثل أستراليا لاتخاذ ذات الخطوة.

ما تاريخ صندوق الضرر والخسائر قبل مؤتمر كوب 28؟

كانت دولة فانواتو أول من اقترح إنشاء الصندوق عام 1991.

نجد في صلب دوافع إنشاء الصندوق اعترافًا بأن غالبًا ما تكون الدول الأكثر تضررًا من التغير المناخي هي أقل الدول المسببة للمشكلة، وسيحرص الصندوق وفق اتفاق كوب 28 تعويض أكبر المسببين للتغير المناخي (الدول المتطورة وأكبر المسؤولين عن الانبعاثات) الدول التي تتعرض لأسوأ نتائج التغير المناخي.

ومع اشتداد الاحترار العالمي الذي بدأنا نعيش آثاره -مثل الكوارث الطبيعية وارتفاع منسوب المياه- يعترف صندوق الضرر والخسائر الذي أعلن عنه في مؤتمر كوب 28 بفشل العالم في محاربة التغير المناخي.

كان الاتفاق على إنشاء الصندوق أحد أهم نتائج مؤتمر كوب 27 الذي حصل في مصر عام 2022، وعُقدَت عدة اجتماعات منذ ذاك الحين بهدف صياغة اتفاق دولي يخص آلية عمل الصندوق والدول الممولة له والدول الجديرة بالحصول على التمويل، ولكن النقاط السابقة كانت موضع خلاف، ولذلك يُعد الإعلان عنه في مؤتمر كوب 28 نجاحًا باهرًا ومرحبًا به.

أسئلة لم يجب عليها مؤتمر كوب 28:

ما زالت هناك عدة نقاط يجب توضيحها حول صندوق الضرر والخسائر، مثل حجم الصندوق وعلاقته بالصناديق الأخرى وكيفية إدارته على المدى الطويل وأولوياته في التمويل.

كتب محمد أدهاو، ممثل أحد أهم مراكز الدراسات الأفريقية حول الإعلان عن الصندوق في مؤتمر كوب 28: «لا يوجد مواعيد نهائية صارمة ولا أهداف، والدول ليست مُلزمة بتمويل الصندوق، وذلك بصرف النظر عن فكرة دعم الدول الغنية الملوثة للمجتمعات المتأذية من الآثار المناخية».

بالإضافة إلى ما سبق، توجد شكوك متعلقة بدور البنك الدولي في الإشراف على الصندوق، وعبرت الدول النامية عن معارضتها لهذه النقطة قبل مؤتمر كوب 28 وعن تساؤلات متعلقة بشفافية البنك الدولي في عملياته وجدارته في إدارة الملفات البيئية.

قد يبدو التمويل الأولي سخيًّا، ولكن يتفق معظم المحللون على أن الطريق ما زال طويلًا أمام الصندوق لتغطية جميع الآثار، وتقدر بعض الدراسات مجمل التكاليف الناجمة عن الأضرار المتعلقة بالمناخ بقيمة 400$ مليار سنويًّا للدول النامية، أي تقريبًا 100 ضعف حجم الصندوق الذي أُعلن عنه لحد الآن في كوب 28.

أخيرًا، لا يمكن القول إن تعهدات الدول تعني بالضرورة دفعها الأموال، كما في حالة صندوق الاقتصاد الذي أعلن عنه عام 2009 بهدف مساعدة الدول النامية في التخلي عن الوقود الأحفوري وتمويل مبادرات التكيف مع المناخ، لم تقترب الدول المتقدمة من تنفذ تعهداتها بدفع 100$ مليار سنويًّا.

تبعات صندوق الضرر والخسائر في كوب 28:

يُعدُّ الاتفاق على الصندوق نقطة إيجابية في مجال الاعتراف بالتفاوت بين الدول من ناحية مسؤوليتها عن التغير المناخي وتعرضها لنتائجه، وربما يكون الاعتراف أحد أهم خلاصات كوب 28.

يعني الاتفاق المكبر على الصندوق في كوب 28 عدم إمكانية استخدامه ورقةً للمساومة في مفاوضات هامة جارية أيضًا في كوب 28، ويمكن للحوار الآن التركيز على تقييم التقدم في قيام الدول بالتزاماتها وفق اتفاق باريس للمناخ الهادف إلى إيقاف الاحترار عند حد 1.5 درجة مئوية للحد من مستويات أكثر خطورة للتغير المناخي.

لن يحدد تعامل المنظمين في الإمارات العربية المتحدة وباقي العالم مع التحدي فعالية كوب 28 فقط، بل مصير الكوكب أيضًا.

اقرأ أيضًا:

هل يمكن أن يفقد الدولار موقعه بوصفه عملة احتياط؟

اضطرابات سوق الأسهم وانخفاض مؤشرات وول ستريت

هل تتيح الأزمة الاقتصادية لألمانيا فرصة لتغيير سياساتها؟

ترجمة: كميت خطيب

تدقيق: غُفران التميمي

المصدر